مع كلِّ مُسيّرةٍ تضربُ مستوطناتِهم الشماليةَ يزدادُ الصهاينةُ قلقاً من جرِّهم الى حربٍ واسعةٍ معَ حزب الله وهم الذين يرَون اليومَ النَزْرَ اليسيرَ من نتائجِها المدمرة.
وعمقت الطائرة المسيرة التي اصابت مبنى في نهاريا، هواجس المستوطنين الصهاينة من اي تصعيد في الشمال المحتل، فمشهد المسيرات العابرة، ينبؤ الصهاينة بالعجز الدائم الذي يصيب جيشهم حيال هذا السلاح.
وقال يحيئيل المليح، شاهد على اصابة المبنى في نهاريا “للاسف سكان نهاريا بدأوا يشعرون بما يشعرون به في كريات شمونة وفي غلاف غزة وكل مكان في اسرائيل.
انا اوجه كلمة لرئيس الحكومة واقول له يبدو انك نسيت من انت ويبدو الان وكأنك لا ترى خطوة واحدة الى الامام”.
والى مستعمرة المطلة، هنا تثقل معادلات المقاومة الاعباء على خيارات الصهاينة، ورئيس بلديتها الذي يتحدث عن الدمار في مستوطنته لا يتاخر في انتقاد قوات جيش كيانه. وقال “نحن امام واقع قاتم لكن هذا واقع حياتنا فهناك دمار كبير في المطلة وتضرر اكثر من اربعين بالمئة من منازلها، وهناك دمار جنوني في البنى التحتية العامة، نحن في مكان مهجور لا توجد فيه حياة ولا وجود الا لجنود الجيش وخلية التاهب الذين يحرسون المستوطنة. هو امر حزين أن لا تكون اسرائيل الدولة الاقوى في الشرق الاوسط قادرة على توفير الامن لمواطنيها”.
وقال الون بن دفيد، محلل عسكري صهيوني “السؤال الكبير هو عندما لا يزال الجيش الاسرائيلي غارق في غزة مع قرابة فرقتين ونصف فهل يستطيع شن عملية عسكرية محدودة في الشمال والمحافظة عليها كعملية محدودة من دون التوسع الى حرب شاملة ؟ هذا تخبط لا يوجد لدى احد جواب قاطع حوله”. كل ذلك، يضع بعضا من مشاهد توسعة الحرب نصب اعين المستوطنين، واعين حكومتهم.
وبالتزامن، يرفعُ العدوُ الصهيونيُ من وتيرةِ التهديداتِ بشنِ حربٍ شاملةٍ ضدَ لبنانَ لكنَ تقديراتٍ اميركيةً تنصحُ القادةَ الصهاينةَ بعدمِ الذهابِ الى هذا الخيارِ لانه سيؤدي الى الانزلاقِ نحوَ كوراث دراماتيكية ٍمكلفةٍ جداً لتل ابيب.
ويقف نتنياهو على تلة مشهد خطير. يريد حرباً في الشمال تبدل الواقع الذي فرضه حزب الله، لكن تحت هذه التلة، واد ٍمظلم ٌمن الحسابات العسكرية التي قد تؤدي به إلى ما يشبه الانتحار من فوق.
وهو تحديداً ما حذر منه مسؤول أميركي كبير، خلال قمة للحوار الشرق أوسطي الأميركي خاصة تُعقد بعيداً عن العدسات، حيث حذر القيادة الصهيوني من أن أي حرب شاملة مع حزب الله سيدفع الكيان فيها ثمناً باهظاً ولن تحقق أهدافها.
نصيحة أميركية ليس حباً بلبنان طبعاً، بل خوفاً من تورط إسرائيلي يجر إلى تورط أميركي.. وهو تحديداً ما رسمته القمة المذكورة، بتحذير قادة الكيان بالتفكير جيداً بالعواقب الوخيمة للحرب على لبنان، لأن تدمير حزب الله ليس بهذه البساطة ولن يكون ممكناً. وإعادة المستوطنين الى منازلهم في الشمال عبر الحرب، لن يتحقق – اذا ما تبقت منازل أصلاً.
الأخطر من كل ذلك، هو الموقع الذي وضع الكيان نفسه فيه بعد نحو عام على الحرب في غزة.. فشل هناك، وكُسر في مخيمات الضفة، وعجز على جبهة الشمال، وحوصر بالنار من اليمن والعراق.. فكان التحذير الأميركي الذي اقتحم افتتاحيات الاعلام العبري من ان اي حرب يريدها نتنياهو.. ستشكل خرابا لكل كيانه.