قالت سورية في بيان ألقاه نائب المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة الحكم دندي أمس خلال جلسة لمجلس الأمن حول الشأنين السياسي والإنساني في سورية: «نجتمع اليوم في الوقت الذي تشهد فيه منطقتنا تصعيداً خطيراً يهدد بإشعالها وتفجيرها، الأمر الذي سيلقي بآثاره على العالم أجمع وليس على المنطقة فحسب، وذلك جراء استمرار كيان الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وإمعانه في شن المزيد من أعمال العدوان على دول المنطقة بما فيها سورية، والتي لم يكن آخرها عدوانه الغادر على بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل بتاريخ الـ27 من تموز الماضي».
وتابع دندي: «يجدد وفد بلادي التأكيد على ما تضمنته الرسالتان المتطابقتان اللتان وجهتهما سورية إلى الأمين العام ورئيس مجلس الأمن في الـ14 من آب الجاري، بشأن رفض سورية جملةً وتفصيلاً الأكاذيب التي أدلى بها ممثل كيان الاحتلال الإسرائيلي خلال الجلسة الطارئة التي عقدها مجلس الأمن تحت بند «الحالة في الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية»، بتاريخ الـ13 من آب، وتجدد إدانتها بأشد العبارات قيامه- في إطار ممارساته الاستعراضية وألاعيبه المكشوفة وسعيه لتزييف الحقائق- برفع صور الأطفال السوريين الذين استشهدوا جراء العدوان الإسرائيلي الآثم على بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل وزعمه أنهم «أطفال إسرائيليون».
وأضاف: «تشدد سورية على أن أهلنا في الجولان المحتل هم مواطنون عرب سوريون، كانوا وما زالوا وسيبقون جزءاً أصيلاً من الشعب السوري، وهم متمسكون بانتمائهم لوطنهم سورية وهويتهم الوطنية، ويرفضون الاحتلال الإسرائيلي ويتطلعون إلى إنهائه ووضع حد لممارساته الإجرامية بحقهم».
وجدد دندي حق سورية المشروع باستعادة الجولان المحتل كاملاً، وهو حق ثابت لا يخضع للمساومة أو الضغوط، ولا يسقط بالتقادم، يكفله القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وخاصة قرار مجلس الأمن 497 لعام 1981.
وأوضح أن ما يزيد من المخاطر المحدقة بالمنطقة أن بعض الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة التي تدعي حرصها على حقوق الإنسان تقوم بتحريك أساطيلها وجيوشها نصرةً لكيان الاحتلال الإسرائيلي المجرم ليزداد إمعاناً في جرائمه ومجازره واعتداءاته بدلاً من ممارسة دورها كدولة دائمة العضوية في مجلس الأمن، بما يسهم في النهوض بولايته وحفظ السلم والأمن الدوليين وفقاً للميثاق.
وأكد مواصلة سورية نهجها الإيجابي وتعاونها البناء مع الشركاء في العمل الإنساني والتنموي، واستمرارها في تقديم الدعم والتسهيلات اللازمة لعملهم، حيث قامت بتجديد الإذن الممنوح للأمم المتحدة لاستخدام معبري باب السلامة والراعي الحدوديين ثلاثة أشهر إضافية، لتيسير وصول المساعدات الإنسانية لمستحقيها من المدنيين السوريين في شمال غرب سورية.
وقال دندي: «في الوقت الذي احتفل فيه العالم باليوم العالمي للعمل الإنساني، فإن سورية لا تزال تعاني من قيام بعض الدول الغربية بتسييس العمل الإنساني وعرقلته من خلال حجب التمويل وربطه بشروط سياسية خدمة لمصالحها على حساب أمن واستقرار ومعيشة الشعب السوري، وذلك عبر سياسات عدائية ألحقت ولا تزال ضرراً بالغاً بجهود سورية ذات الصلة، وبقدرة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة على الاضطلاع بولايتها ودعم صمود السوريين وتعزيز مشاريع التعافي المبكر في القطاعات الأساسية التي أشارت إليها قرارات مجلس الأمن، وهي الصحة، والتعليم، والمياه، والكهرباء، والإيواء».
ونوه بأن الظروف المأساوية لا تزال قائمة، وذلك لأن بعض الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة لا تزال مصرة على المضي قدماً في سياساتها الهدامة، والاستمرار بسياسة العقاب الجماعي للشعوب من خلال فرضها الإجراءات الانفرادية القسرية التي تستهدف جميع فئات الشعب السوري من دون استثناء.
وشدد على أن غياب الآليات والمعدات الحديثة ليس إلا أثراً واحداً من الآثار الكارثية المتعمدة للإجراءات الانفرادية القسرية التي تستهدف وبشكل مباشر قطاعات حيوية، تبدأ بالقطاع المصرفي والمالي مروراً بقطاع النفط والطاقة والطيران، ولا تنتهي بقطاع الإعمار وغيره من القطاعات الحيوية التي تمس الحياة اليومية للسوريين.
وقال دندي: «تجدد سورية التزامها بعملية سياسية بقيادة وملكية سورية من دون أي تدخل خارجي، وفي ظل الاحترام التام لسيادتها ووحدة وسلامة أراضيها، وتؤكد استمرارها في التعاون والحوار مع المبعوث الخاص ضمن ولايته كميسر، وتتطلع إلى نجاح جهوده لعقد الجولة التاسعة للجنة مناقشة الدستور في العاصمة العراقية بغداد، كما تشدد سورية على أن الحل السياسي فيها يستلزم إنهاء الوجود غير الشرعي للقوات الأميركية، ووقف نهبها للثروات الوطنية ودعمها للإرهاب والميليشيات العميلة لها التي لا تتورع عن شن هجمات إجرامية على الأبرياء المدافعين عن عائلاتهم وقراهم وممتلكاتهم في دير الزور والحسكة والقامشلي، إضافة إلى قرى أخرى في المناطق الشرقية والشمالية الشرقية، بدعم مباشر من القوات الأميركية الموجودة على أجزاء من الأراضي السورية بشكل غير شرعي».
وجدد دندي التأكيد على عدم وجود أي أساس قانوني لوجود أو بقاء القوات الأميركية الموجودة بشكل غير شرعي من دون موافقة سورية، وبما يتعارض مع الأحكام المستقرة في القانون الدولي بشقيه التعاهدي والعرفي، وما الأكاذيب والادعاءات الأميركية حول «ضمان هزيمة داعش» كمبرر لاستمرار هذا الوجود غير الشرعي، إلا ذرائع واهية لا تستند إلى أي أساس قانوني.