اخبار اقليمية

التصعيد لا ينقذ إسرائيل: «كوابيس» اليوم التالي

تُواصل الحرب الإسرائيلية – الأميركية على قطاع غزة، وكذلك في الإقليم، الحفاظ على وتيرتها وحجمها ومستواها، بوصفها حرب استنزاف يغلب عليها تبادل الضربات، مع استمرار القتال المنخفض الكثافة في القطاع. وتفصل المرحلةُ الحالية الميدانَ عن استحقاقاته اللاحقة التي يكتنفها اللايقين، في انتظار تلقّي إسرائيل الرد الموعود على اعتداءاتها، بعد أن رفعت سقف التحدي عالياً في وجه ساحات الإسناد.

على أن الذي سيحدّد مسار الحرب ومصيرها، هو الرد الإسرائيلي اللاحق وما سيليه من تبادل ردود، من دون استبعاد التقديرات أياً من الفرضيات ومن بينها الأكثر تطرفاً، وإن كانت الترجيحات أيضاً ما زالت تستبعد، إلى الآن، الحرب الشاملة وغير المسقوفة، والتي باتت، مع هذا، احتمالاتها أكبر ممّا كانت عليه في أي وقت مضى.

وتنشغل إسرائيل، ومن معها من أطراف دولية وإقليمية، بتمتين الموقف الدفاعي، مع الأمل في إمكان إحباط الهجوم أو الهجمات المقبلة، وتحديداً عبر دعم الولايات المتحدة.

وهي، كما يبدو، حددت لنفسها خطاً اعتبارياً وفقاً لقدراتها، من شأنه تحديد معالم ردّة فعلها اللاحقة، وفقاً لما يُتوقّع أن يَلحق بها من ضرر، مادياً ومعنوياً (على مستوى المكانة والصورة)؛ وكلّ ذلك بعد التسليم بأن أصل تلقّي الردود بات شبه محسوم.
وكما يرد من تسريبات في الإعلام الإسرائيلي، فإن ثمة توجّهاً إلى طمأنة جمهور المستوطنين إلى أن الهجمات المرتقبة من الجهات الثلاث (لبنان واليمن وإيران)، ستركز على قواعد الجيش والأصول والمنشآت الأمنية، مع إمكانات منخفضة جدّاً بأن تستهدف المستوطنين.

على أن هكذا طمأنة تتسبّب بزيادة مستوى القلق لدى الجمهور الإسرائيلي، الذي تعِده قيادته العسكرية والأمنية بأن الهجمات ستطال الشمال ووسط إسرائيل، حيث تتركّز الكثافة السكانية التي عدّت نفسها في الأشهر الأخيرة بعيدة عن تداعيات الحرب وأثمانها المباشرة.

وفي انتظار الردود على الاعتداءات الإسرائيلية، توسّع نطاق المواجهة في لبنان، وباتت قواعد الاشتباك الحاكمة لها أوسع وأشمل، قياساً بما كانت عليه في الأشهر الماضية، سواءً في ما يتعلق بضم مناطق في العمق – على كلا الجانبين – إلى دائرة النار، أو ما يتّصل بنوعية الأسلحة المستخدمة، وتحديداً من جانب «حزب الله».

ومعضلة إسرائيل في ذلك، أن حجم الضغوط على جمهور المستوطنين بات أكبر، وهو ما يضغط بدوره على صانع القرار، ليس ربطاً بالحرب على قطاع غزة وضرورة فرملتها، بل وأيضاً باليوم الذي يلي تبادل الضربات مع الجبهة اللبنانية. إذ إن الميدان مقبل على ترسّخ قواعد اشتباك جديدة، أو بتعبير آخر: حتى مع تبدّد التوتر في وقت لاحق، «لا حلّ للمشكلة الإستراتيجية في الشمال»، وفقاً لما يرد في التقديرات الإسرائيلية.

والمعنى، أن الاعتداءات في لبنان، ونقلها من جانب إسرائيل إلى مستويات هي الأعلى منذ أن بدأت الحرب، لا يحسّن فرص إسرائيل في التوصل إلى تسوية ملائمة لمصالحها في هذه الساحة، بل يزيدها تعقيداً.

على الساحة الإيرانية، لا تبدو فرص إسرائيل أفضل مما كانت عليه، خاصة أن ما طرأ على هذه الساحة لم يكن في وارد تقديرات الكيان لدى بلورته قرار تنفيذ الاعتداء في طهران.

فإضافة إلى إخفاق تل أبيب في تقدير ردة الفعل الإيرانية، ربما أسهم الاعتداء في دفع الجانب الروسي إلى التدخل في الحرب عبر تعزيز القدرات الإيرانية – وفقاً للأنباء المشاعة بهذا الخصوص -، وهو ما كان موضع تردّد لدى موسكو طوال الأشهر الماضية، رغم المصلحة الروسية المباشرة في إسناد «أعداء الأعداء»، وفي حدّ أدنى وفقاً للمعاملة بالمثل. أما في ساحة غزة، حيث تكمن بداية أي حل، فالواضح أن صفقة التبادل قد تجمدت بالفعل، من دون وجود تقديرات باستئناف المفاوضات غير الشكلية والإلهائية قريباً، علماً أن مباشرة هكذا مفاوضات، بل والتوصل اللاحق إلى تسوية ما من شأنها التمهيد الفعلي لإنهاء الحرب، هو ما يجب على إسرائيل والولايات المتحدة المبادرة إليه، إن أرادتا تسويات في جبهات المساندة. وهو ما يجب أن ينتظر، بدوره، تبلور النتيجة التي ستتضح أكثر في اليوم الذي يلي تبادل الضربات.

الأخبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى