كان دائمًا في عين مخابرات الاحتلال الإسرائيلي منذ كان بجانب الشيخ أحمد ياسين من بداية تأسيس حركة حماس، إسماعيل هنية شخصية فلسطينية حمساوية وحدوية بامتياز، لا يعرفه إلا من عاشره.
كنيته “أبو العبد” محبوب بين كل من عرفه في غزة أو خارجها، رجل وضع له القبول في كل مكان ذهب إليه، كان له دور محوري في تعزيز المقاومة وتكثيف الدعم لها من كل الأماكن، هذا الأمر أقلق منظومة الاحتلال السياسية والأمنية والعسكرية.
محاولات كثيرة وعديدة سعت إليها مخابرات الاحتلال الإسرائيلي قديمًا وحديثًا لاغتيال الرجل الصنديد في حماس، لم تكن محاولات الاغتيال فقط من الاحتلال بل من خصومه السياسية الفلسطينية. اُستهدف الشهيد إسماعيل هنية بأربع محاولات اغتيال فاشلة اثنتان من الاحتلال الإسرائيلي وآخرتين من حركة فتح.
وكانت آخر محاولات الاغتيال صباح اليوم في العاصمة الإيرانية طهران على يد الاحتلال الغادر، استشهد على إثرها.
محاولات الاغتيال في عام 2003 وبعد عملية استشهادية، نفذ الطيران الصهيوني غارة إسرائيلية لاستهداف قيادة حماس وجرح هنية على اثر ذلك في يده.
كما أُصيب بجروح إثر الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مؤسس حركة حماس أحمد ياسين. لكنه واصل مسيرته على درب معلمه، ولم يتوانى يومًا عن الجهاد والمقاومة.
وفي محاولات الاغتيال التي تعرض لها هنية، في 20 أكتوبر 2006، عشية إنهاء المشاكل بين حركتي فتح وحماس، تعرض موكبه لإطلاق نار في غزة وتم إحراق إحدى السيارات. لم يصب هنية في ذلك الوقت بأذى وقالت مصادر في حركة حماس حينها أن ذلك لم يكن الا محاولة لاغتياله.
وفي 14 ديسمبر 2006، مُنِع من الدخول إلى غزة من خلال معبر رفح بعد عودته من جولة دولية، فقد أغلق المراقبون الأوروبيون المعبر بأمر من وزير الأمن الإسرائيلي عمير بيرتز، وتعرض في 15 ديسمبر 2006 لمحاولة اغتيال فاشلة بعد إطلاق النار على موكبه لدى عبوره معبر رفح بين مصر وقطاع غزة؛ الأمر الذي أدى لمقتل أحد مرافقيه وهو “عبد الرحمن نصار” البالغ من العمر 20 عاماً وإصابة 5 من مرافقيه من بينهم نجله ومستشاره السياسي أحمد يوسف.
واتهمت حماس قوات الحرس الرئاسي قوات أمن ال17 التابعة لحركة فتح بقيادة محمد دحلان التي تُسيطر على أمن المعبر آنذاك.
هذه المحاولات لم تثني هنية عن مواصلة عمله ونصرة قضيته لاسيما أنه أصبح رئيسًا للوزراء بالانتخابات وبطريقة مشروعة في عام 2006.
وفي محاولات الاحتلال المستمرة لاغتيال هنية، قام في 28 يوليو 2014، وأثناء معركة العصف المأكول بقصف منزله في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة بعدة صواريخ أدى إلى تدمير المنزل كُليًا.
وفي نهاية المطاف نال القائد الشهادة تحديدًا في يوم الأربعاء 31 يوليو 2024 حيث أعلن الحرس الثوري الإيراني عن عملية اغتيال حدثت لإسماعيل هنية في طهران.
وأصدرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بيانًا وقالت فيه: “تنعى حركة المقاومة الإسلامية حماس إلى أبناء شعبنا الفلسطيني العظيم، وإلى الأمة العربية والإسلامية، وإلى كل أحرار العالم: الأخ القائد الشهيد المجاهد إسماعيل هنية رئيس الحركة، الذي قضى إثر غارة صهيونية غادرة على مقر إقامته في طهران”.
عبارات للتاريخ
وعرف هنية بكلماته القوية وبتصريحاته الشديدة، كلماته وعباراته كانت دائمًا قوية تزعج العدو وأعوانه بشكل كبير، وكان أبرز هذه العبارات، عندما قال: “لن نعترف، لن نعترف، لن نعترف بإسرائيل”.
وفي خطابه في الذكرى الـ21 لانطلاقة حركة حماس، قال: “سقطت يا بوش ولم تسقط قلاعنا، سقطت يا بوش ولم تسقط حركتنا، سقطت يا بوش ولم تسقط مسيرتنا..”.
وفي أقواله التي تعتبر استعدادًا للجهاد والشهادة والتضحية في النفس قال في إحدى كلماته “نحن قوم نعشق الموت كما يعشق أعداؤنا الحياة، نعشق الشهادة على ما مات عليه القادة”.
ووُلد القائد الشهيد إسماعيل هنية في مخيم الشاطئ بمدينة غزة إبان فترة الإدارة المصرية لقطاع غزة عام 1963، ودرس في الجامعة الإسلامية في غزة، وكانت بداية انخراطه مع حركة حماس، وتخرج بدرجة البكالوريوس في الأدب العربي عام 1987.
عُيّن لرئاسة مكتب حماس في عام 1997، ومن ثم تقدم في المناصب القيادية داخل الحركة. وكان الشهيد هنية رئيس قائمة حماس التي فازت في الانتخابات التشريعية الفلسطينية 2006، وبالتالي أصبح رئيس وزراء دولة فلسطين.
كما كان رئيسا لحماس في قطاع غزة من عام 2006 حتى فبراير 2017، عندما خلفه يحيى السنوار، في 6 مايو 2017، اُنتخب هنية رئيسًا للمكتب السياسي لحماس، خلفًا لخالد مشعل.