المنطقة في أجواء تصعيد، كما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للرئيس السوري بشار الأسد، وسورية جزء منها، ما استدعى عقد لقاء قمّة بين الرئيسين، لم يتطرّق إلى البحث بترتيبات لقاء مصالحة مرتقب بين الرئيسين السوري والتركي، كما قالت مصادر خاصة لقناة “روسيا اليوم”، لأن الرئيس الروسي وفق مصادر “روسيا اليوم” يتفهّم مواقف الرئيس الأسد وخلفيّاته لضمان نجاح المصالحة وثبات الأسس التي يفترض أن تقوم على أساسها، وفي مقدّمتها السيادة السورية، ولأن الرئيس الروسي يثق بترتيبات مبعوثه الكسندر لافرينتيف ويريد أن تنجح مهمته دون التأثير عليها بطلبات تسريع على حساب استيفاء الشروط اللازمة للنجاح.
وكما أكد بوتين على التنسيق العسكري والأمني في مواجهة مخاطر التصعيد في المنطقة واحتمال أن ينال سورية بعضٌ منها، بما فهم أنه إشارة الى مخاطر توسيع نطاق الاعتداءات الإسرائيلية على سورية، وما قد يقابله من طلبات سورية على تعزيز القدرات الدفاعية والحصول على المزيد من الأسلحة النوعيّة، ولم يغب الملف الاقتصادي عن القمة التي دعا فيها الرئيس الروسي إلى رفع مستوى التعاون الاقتصادي ليلاقي مستوى التقدّم المحقق في المستوى العسكري والسياسي والأمني.
في المنطقة، متابعة لتفاصيل لقاءات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وتأثيرها على ترجيح كفة التوصل إلى اتفاق حول إنهاء الحرب على غزة وتبادل الأسرى، أم كفة المزيد من التصعيد في جبهات الحرب، بناء على الانطباع الذي تركته كلمة نتنياهو أمام الكونغرس.
وقالت مصادر متابعة للزيارة إن نتنياهو يبدو مدركاً خطورة المأزق العسكري للمضي في التصعيد، في ضوء تقدير الموقف الذي أجرته القيادتان العسكريتان الأميركية والإسرائيلية، خصوصاً للفشل في غزة، ولاحتمالات انفجار الموقف على جبهة لبنان والتصعيد مع اليمن، ولذلك تقول المصادر إن نتنياهو أراد من الخطاب التصعيديّ أن يرفع السقف لتحسين شروط التفاوض فيطلب من الإدارة الأميركية تحصيل أثمان في التفاوض تتيح التراجع عن قرار المضي في الحرب. وفي هذا السياق تشير المصادر إلى ثلاث نقاط يحاول نتنياهو الحصول عليها بمعونة أميركيّة، الأولى استبدال الانسحاب الشامل من قطاع غزة بانسحاب مشروط يقبل بموجبه تسليم معبر نتساريم ومعبر رفح ومنطقة فيلادلفيا إلى جهة ثالثة دوليّة أو عربيّة يُتفق عليها، لتعقيد حركة المقاومة ومنع إعادة تسليحها، والثاني استبدال الإدارة العسكرية إو عودة حماس الى حكم غزة، بإيجاد إدارات مدنية فلسطينية متعدّدة الأنواع في كل منطقة من مناطق غزة وفقاً لتقسيمها إلى 24 منطقة في خطة جيش الاحتلال التي نقلها وزير الحرب يوآف غالانت الى الأميركيين، والثالثة هي السعي لربط التبادل والإفراج عن الأسرى القادة بإبعادهم عن الضفة الغربية خشية أن يحدث وجودهم أحراراً في بيئاتهم الشعبية تحولاً لصالح المقاومة يخشاه الاحتلال في الضفة.
وقد شهدت طولكرم أمس، ما يؤكد أن المقاومة في الضفة إلى تصاعد وأن البيئة الشعبية الحاضنة انتقلت الى مرحلة التمرد على أجهزة السلطة الفلسطينية وانخراطها في التنسيق الأمني مع جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية، وذلك عندما حرّر حشد من الأهالي القيادي المقاوم أبو شجاع من حصار فرضته عليه أجهزة الأمن في مستشفى شهاب في طولكرم وضمنوا إعادته إلى مخيم نور شمس، حيث استقبل محمولاً على الأكتاف.
في المنطقة مزيد من عمليات المقاومة النوعية على جبهة لبنان وترقّب للرد اليمنيّ رداً على قصف الاحتلال لمدينة الحديدة ومنشآتها الكهربائيّة والنفطيّة.
تترقب المنطقة نتائج زيارة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة الأميركية وانعكاسها على مسار الحرب في غزة، والمفاوضات بين حركة حماس وحكومة الاحتلال للتوصل الى اتفاق لإطلاق النار في القطاع الذي سينسحب بطبيعة الحال على الجبهة الجنوبية، وفق ما تقول أجواء سياسية عليمة لـ»البناء»، لكن «الظروف الداخلية الإسرائيلية وكذلك الدولية لم تنضج بعد لدفع حكومة الاحتلال للرضوخ والتوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار، في ظل التصريحات التصعيدية لنتنياهو والغموض الذي يكتنف نتائج اللقاءات التي عقدها مع الرئيس الأميركي والإدارة الأميركية ومع المرشحين لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترامب وكاملا هاريس.
ويجب انتظار انتهاء محادثات نتنياهو في واشنطن وما سيتم الاتفاق عليه لمعرفة اتجاهات الحكومة الإسرائيلية المقبلة، لا سيما أن نتنياهو وعلى الرغم من الفشل في الحرب وصراخ الجيش الإسرائيلي والضغوط الأميركية والدولية عليه، إلا أنه لا يزال يملك عوامل تمكّنه من المماطلة والمراوغة في المفاوضات والاستمرار بالحرب على غزة تحت عنوان المرحلة الثالثة، لا سيما اللعب على التناقض والخلاف الانتخابي والسياسي بين المرشحين ترامب وهاريس، وبالتالي الرهان على فوز ترامب لمنحه مزيداً من الوقت والدعم بحربه على غزة وتوسيع الحرب على جبهات أخرى، بالتالي المنطقة أمام جولة جديدة من التصعيد».
وبعد تحذير الرئيس الروسي فلادمير بوتين خلال لقائه الرئيس السوري بشار الأسد في موسكو من تصعيد في المنطقة، أشار المندوب الروسيّ في مجلس الأمن، فاسيلي نيبينزيا، الى أن «هناك تهديداً باتساع رقعة الصراع إلى لبنان وسورية».
غير أن اللافت وبالتزامن مع لقاءات نتنياهو في الولايات المتحدة، هو تكرار «نغمة» التهديدات الإسرائيلية للبنان بحرب واسعة ومفاجئة لإبعاد حزب الله عن الحدود واستعادة الأمن الى منطقة الشمال.
وفي سياق ذلك نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مسؤول إسرائيلي معلومات تُفيد بأنّ «»إسرائيل» لن تنتظر الضوء الأخضر من الولايات المتحدة للقيام بأيّ نشاط عسكريّ من أجل دفع «الحزب» بعيداً من الحدود.
كما أنّ الولايات المتحدة تدرك أن «إسرائيل» لن تسمح باستمرار الوضع على الحدود الشمالية على ما هو عليه»، وفق الصحيفة.
فيما زعم قائد القيادة الشمالية في جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه «عندما يحين الوقت سنبدأ الهجوم وسيكون حاسماً وقاطعاً».
ووضعت مصادر مطلعة على موقف المقاومة هذه التصريحات في سياق الحرب النفسية والمعنوية على لبنان وشعبه ورفع معنويات المستوطنين الإسرائيليين لا سيما في الشمال الذي دخل في حالة الشلل شبه التام منذ 8 تشرين الأول الماضي، وما زيارة قائد المنطقة الشماليّة في الجيش الإسرائيلي إلا لهذه الغاية، إضافة الى التغطية على الإخفاقات وعجز منظومة الدفاعات الإسرائيلية وقوة الردع عن تأمين الحماية للقواعد العسكرية والجوية والاستخبارية للجيش الإسرائيلي ولثكناته وضباطه وجنوده فكيف بالمستوطنات؟ ولفتت المصادر لـ»البناء» الى أن جيش الاحتلال أخفق بعد عشرة أشهر من إجبار المقاومة على وقف عملياتها العسكرية الإسنادية لغزة، وبالتالي استعادة الأمن الى الشمال وتقديم الضمانات للمستوطنين للعودة الى مستعمراتهم رغم كل الاعتداءات على قرى الجنوب والتهديدات اليومية وإرسال الموفدين لنقل رسائل التهديد بالحرب، لكن المقاومة لم تُعِر هذه التهديدات أي اهتمام واستمرّت بعملياتها النوعيّة في حرب استنزاف جيش العدو ومستعمراته وجبهته الداخلية واقتصاده، والعدو يعرف أن الجبهة الجنوبيّة لن تهدأ وكذلك باقي جبهات الإسناد إلا بوقف العدوان على غزة، لكن العدو يحاول التغطية على إخفاقاته وهزيمته الميدانية وتآكل قوة ردعه وهيبة جيشه بتهديدات فارغة وللضغط على لبنان لتسريع عملية التفاوض والتوصل الى اتفاق برّي مع لبنان ليكون جاهزاً فور وقف إطلاق النار في غزة».
ويهدف التهديد والتصعيد الإسرائيلي، وفق المصادر، الى «الضغط على الحكومة اللبنانية وحزب الله لوقف جبهة الجنوب بحال بدأت «إسرائيل» بتنفيذ المرحلة الثالثة، غير أن المقاومة لن توقف الجبهة حتى يتوقف العدوان على غزة وستلتزم بأي هدنة إذا وافقت عليها حركة حماس، لكن إذا استمرّ العدو الحرب بأشكاله المتعددة على غزة فإن المقاومة ستستأنف عملياتها كالمعتاد وفق الوتيرة التي تحدّدها ظروف الميدان في غزة».
وإن تُبقِي المصادر توسيع الحرب على لبنان فرضية قائمة في ظل جنون نتنياهو ومأزقه الكبير، فإن المقاومة أخذت كل الفرضيات في الحسبان واستعدت لكل الاحتمالات، وما «الهدهد» حلقة 3 إلا رسالة في إطار الردع بأن أي عدوان جوي على لبنان فإن الطائرات التي تعود الى «إسرائيل» لن تجد مدرجاً للهبوط، لا سيما وأن قاعدة «دافيد» ستصبح خارج الخدمة عندما تمطرها المقاومة بعشرات الصواريخ الدقيقة، أما في حالة الاجتياح البري للجنوب فإن ضباط الجيش الإسرائيلي وجنوده الذين سينجون لن يعودوا بدباباتهم التي دخلوا فيها، لأنها ستحترق».
ووفق ما تشير أوساط دبلوماسية غربية لـ»البناء» فإن «الأميركيين يعملون على إنضاج اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة ويبذلون الجهود الدؤوبة لتذليل العقد وتضييق الهوّة بين حركة حماس و»إسرائيل»، وهناك قناعة لدى الإدارة الأميركية بأن الجيش الإسرائيلي أخفق بتحقيق أهداف الحرب العسكرية والسياسية ولن يستطيع تحقيقها، وبالتالي أصبحت الحرب عبثية وتؤدي نتائج عكسيّة على الجيش الإسرائيلي وعلى الجبهة الداخليّة والاقتصاد».
ميدانياً، استمرّ العدوان الإسرائيلي على الجنوب، فاستهدفت مدفعية الاحتلال القرى والبلدات الحدودية.
وأغار الطيران الحربي الإسرائيلي على أطراف بلدة مركبا بصاروخين منطقة المرحات وبلدة شبعا، وعلى أطراف بلدة عيتا الشعب، مستهدفاً منزلاً خالياً من السكان.
في المقابل استهدف مجاهدو المقاومة المنظومة الفنية في موقع راميا بصاروخ موجّه، وأصابوها إصابة مباشرة ما أدى إلى تدميرها، كما استهدفوا تحركًا لجنود العدو «الإسرائيلي» داخل موقع حدب يارون بالأسلحة المناسبة وأصابوه إصابة مباشرة، وموقع الرمثا في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية وأصابوه إصابة مباشرة، وموقع زبدين في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية.
وشنّ مجاهدو المقاومة هجومًا جويًا بسرب من المسيّرات الانقضاضية على موقع الراهب مستهدفين تجهيزاته وتموضعات الجنود فيه، وأصابوها بشكل مباشر وتمّ تدمير إحدى منظوماته الفنيّة.
وردًّا على اعتداءات العدو على بلدة عيتا الشعب، استهدفت المقاومة مباني يستخدمها جنود العدو »الإسرائيلي» في مستعمرة شتولا بالأسلحة المناسبة، وأصابوها إصابة مباشرة.
وردًا على اعتداءات العدوّ على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة وخصوصًا في بلدة عيترون، استهدفت المقاومة مبنى يستخدمه جنود العدوّ «الإسرائيلي» في مستعمرة «أفيفيم» بالأسلحة المناسبة وأصابته إصابة مباشرة.
إلى ذلك، أعرب المتحدّث باسم قوات اليونيفيل أندريا تننتي عن القلق إزاء تزايد كثافة تبادل إطلاق النار عبر خط الحدود، والمخاطر المحتملة لصراع مفاجئ وأوسع نطاقاً تصعب السيطرة عليه.
ودعا جميع الأطراف المعنيّة لوقف إطلاق النار، والعودة إلى تنفيذ القرار 1701 بشكل كامل، لكونه الطريق نحو الاستقرار والسلام في النهاية.
وقال تننتي في تصريح: «سيقوم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة باتخاذ قرار بشأن تجديد ولاية اليونيفيل، التي توجد هنا لتنفيذ تفويضها بناءً على طلب مجلس الأمن».
وشدّد على أن «القرار 1701 منح أكثر من 17 عاماً من الاستقرار النسبيّ بفضل التزام الأطراف به، وهو يواجه تحديات تتمثل في نقص التزام عملي من «إسرائيل» ولبنان بتنفيذه بالكامل، ولكن لا يزال الإطار الأكثر فعالية لمعالجة الوضع الحالي والعمل نحو تسوية طويلة الأمد للصراع».
على صعيد آخر، أعلن البيت الأبيض، أن «الرئيس الاميركي جو بايدن قرّر تأجيل ترحيل لبنانيين من الولايات المتحدة بسبب التوترات بين «اسرائيل » وحزب الله».