تعد “البريفيه”، المعروفة أيضا بشهادة التعليم المتوسطة، من الشهادات الأساسية في النظام التعليمي اللبناني، وقد بدأت كجزء من هيكلية التدريس الرسمي، بهدف توفير تقييم شامل للطلاب في نهاية المرحلة الإعدادية، وذلك لضمان جاهزيتهم للدخول إلى مرحلة اعلى وأكثر تخصصا.
كما تعتبر معيارا لتقويم مستوى الادراك لدى التلاميذ في المواد الأساسية، مثل اللغة العربية والرياضيات والعلوم والتاريخ، والجغرافيا.
وانطلاقا من كل ما تقدم، فان اجتياز هذا الامتحان يعد شرطا للانتقال إلى الثانوية العامة وانتقاء الفرع المناسب، وبذلك يتمكن الافراد من تحديد المسارات التعليمية الملائمة لهم، وبالتالي معرفة القدرات والاهتمامات الأكاديمية الشخصية بما في ذلك الميول المهنية، مما يضمن امتلاك هؤلاء العلم والمهارات الضرورية المطلوبة في حياتهم المستقبلية.
التأثيرات السلبية “تدميرية”… الا اذا!
يجمع العاملون في المجال الأكاديمي، على ان إلغاء “البريفيه” قد ينتج منه تغييرات وتحديات كبيرة في النظام التعليمي اللبناني، مما قد يؤدي الى فقدان أداة تقييمية مهمة، ويقلل من قدرة الاسرة التربوية على تثمين مستوى الطلاب بشكل موحد وبنّاء، فتحصل اضطرابات وتفاوتات كبيرة في هذا المجال.
ومن غير وجود هذه الشهادة، قد يترفع هؤلاء الى الثانوية العامة دون التحقق من جاهزيتهم الأكاديمية، مما قد يؤثر في تحصيلهم الدراسي. بالإضافة الى ذلك، قد يشعر أولياء الأمور بالضياع والقلق على مصير أولادهم العلمي.
المناهج “خَتْيَرت” وعجّزت!
تجدر الإشارة الى ان المناهج التعليمية في لبنان لم تشهد تطورات كبيرة منذ فترة طويلة، حيث تعود آخر تحديثات رئيسية إلى أوائل التسعينيات.
لذلك يعتبر هذا التأخير في تجديد البرامج تحديا كبيرا، خاصة في ظل الفورة السريعة في العالم، مما يجعل بعض المحتوى التعليمي غير متناسب مع التقدّم الحالي وشروط السوق العالمي، حيث إن المناهج القديمة قد لا تكون متوافقة مع متطلبات العصر، مما يؤثر في جودة التعليم وقيمة التحصيل الأكاديمي للطلاب.
من هنا، نجد ان شهادة “البريفيه” تعتبر من الركائز الأساسية في نظامنا التربوي، حيث توفر تقديرا مهما للطلاب في نهاية المرحلة الإعدادية، وتحدد استعداداتهم للانتقال إلى مرحلة مختلفة.
لذلك فان إبطال هذه الشهادة قد يؤدي إلى تداعيات سلبية على مستوى التعليم والتقييم الأكاديمي محليا وعالميا.
بالإضافة إلى ذلك، تحتاج المناهج التعليمية العتيقة إلى تحديث عاجل، لمواكبة الرقي والازدهار وضمان تقديم تعليم عالي الجودة.
الابطال مقابل الاجماع!
أشار رئيس “لجنة المتعاقدين في التعليم الأساسي” في لبنان الدكتور حسين محمد سعد لـ “الديار” الى “ان ايقاف الشهادة المتوسطة يتم في مجلس النواب من خلال اعداد قانون يتعلق بهذه المسألة، ويرفعه بدوره وزير التربية الى مجلس الوزراء، الذي بدوره يحيله الى البرلمان مجددا للتصويت عليه، وبذلك تصبح الية الإلغاء قانونية”.
وبالاستناد الى كل ما تقدم، يبقى السؤال الأهم في هذا السياق ما هو البديل للبريفيه؟ يكشف سعد عن “ان الوزير عباس الحلبي يتابع هذه القضية، وهو الملم وصاحب القرار النهائي في هذا الموضوع، ومعه المركز التربوي للبحوث، وطبعا يؤخذ برأي الاستاذين جورج داود وهادي زلزلي، لان كلاهما يشكلان السلطة الوصية على التعليم الابتدائي والمتوسط”.
وأردف “منذ سنوات والشهادة المتوسطة مرّة تستبدل بإفادات، وأخرى بامتحانات وطنية لم تحصل، لذلك فان هذه القضية “مشربكة” ومتشابكة ومتشعبة وحتى معقدة، والحلول التي اعتُمدت سابقا غير صحية تربوياً”.
مشيرا الى “ان حصول الطلاب على إفادات لا مبرر له، لذلك لا بد من دراسة هذا الوضع بشكل عميق لمعرفة البدائل الأنسب عن الشهادة المتوسطة، للمضي بها قدما في الأعوام المقبلة، مع العلم بأن هذا الاحتمال كان يُناقش منذ أعوام”.
وعما إذا الغيت امتحانات هذه الشهادة المصيرية، ما هو الخلف لقياس التحصيل العلمي للطالب؟ يجيب سعد “من المفترض تطوير المنهج الذي حتى الساعة لم ينته، ولا نزال على المنهجية القديمة التي انطلقت في العام 1997 وكانت بوضع التجريبية، لذلك إذا لم تُحدّث البرامج لا يمكننا التغيير او التقدم”.
في مقابل ذلك، يتطلب التعطيل الكلي اقتراح قانون في مجلس النواب، طبعا من بعد الحصول على موافقة وزير التربية والمركز التربوي للبحوث بالتشارك مع الاسرة التربوية، ولجنة التربية النيابية”.
واكد “ان تنفيذ الإلغاء الكلي يحتاج الى قرار موحد من قبل جميع الجهات”.
وعما اذا كان هناك منفعة او نتيجة إيجابية للطالب من وراء الإلغاء الكلي “للبريفيه” او ان ذلك قد يضر بمصلحته؟ يجيب سعد: “إذا تم طرح عوض كُفْء، فساعتئذ يجب ان تكون هناك منهجية محدثة ، وآلية جديدة لقياس التحصيل العلمي للطالب، بغض النظر عن الامتحانات الرسمية التي كانت تُجرى”.
وأكد “ان توزيع الافادات من الأمور التي لا تعتبر صحية وبالتالي غير تربوية، اذ من غير المنطقي ان يحصل طالب لم يدرس كل العام على افادة، مثل التلميذ الذي جدّ واجتهد وسهر الليالي”.
تساهل في التصحيح!
وعن موعد صدور نتائج الثانوية العامة يجيب “وفقا للوزير عباس الحلبي، فان النتائج تعلن في نهاية هذا الأسبوع أو على ابعد تقدير مطلع الأسبوع المقبل، وهذا مرتبط بعملية تسريع الفرز”. وكشف عن “ان التساهل في التصحيح ساهم في حصول الطلاب على درجات عالية وعلامات مرتفعة، لا سيما بالنسبة للفئة التي درست ولم تتأثر كثيرا بالظروف الاجتماعية والأمنية والاقتصادية، على نقيض ما حدث مع طلاب آخرين”.