كتبت صحيفة “الديار”: في الوقت الذي انشغل العالم في الساعات القليلة الماضية بقراءة انعكاسات قرار الرئيس الاميركي جو بايدن الانسحاب من السباق الرئاسي على المنطقة، وصلت المواجهة بين محور المقاومة و «اسرائيل» الى مستويات غير مسبوقة بعد التطورات الاخيرة على جبهة الحديدة- تل أبيب مع إعلان حركة «أنصار الله» يوم أمس الأحد ان المعركة باتت مفتوحة وبلا خطوط حمراء مع «اسرائيل».
ويبدو واضحا ان دول المحور والاحزاب والحركات الفاعلة فيه قررت تفعيل جبهة الاسناد، وهو ما عبّر عنه صراحة قائد حركة «أنصار الله» اليمنية السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي بقوله ان «العدو الإسرائيلي مع الوصول إلى الشهر العاشر، يحتاج إلى المزيد من الضغط والردع من أجل إجباره على إيقاف عدوانه، ونحن اتجهنا في المرحلة الخامسة من خلال عملية يافا المباركة إلى استخدام سلاح جديد».
زيارة مفصلية لواشنطن
وبالتوازي مع تفعيل العمليات العسكرية انطلاقا من اليمن والبحر الاحمر، واصل حزب الله فرض المعادلات الجديدة تصديا لعمليات العدو التي ما عادت تتجنب المدنيين. وهو كثّف في الساعات الماضية ضرباته على الداخل الفلسطيني المحتل ردا على غارات عنيفة استهدفت ليل السبت الاحد بلدة عدلون ادت الى وقوع 6 جرحى من المدنيين وصفت حالتهم بالمتوسطة، بحسب «الوكالة الوطنية للاعلام».
وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ» الديار» ان «الكل ينتظر نتائج زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الى واشنطن على اعتبار ان الطرفين اي الاميركي والاسرائيلي يفترض ان يتفقا على ملامح المرحلة المقبلة، بخاصة بعدما بدا واضحا ان الضغوط الاميركية لوقف الحرب تراجعت الى حدودها الدنيا»، لافتة الى ان «افراج الادارة الاميركية عن شحنات القنابل الثقيلة التي كانت علّقت ارسالها الى تل ابيب حتى تنفيذ شروطها، مؤشر واضح ان وقف العدوان الاسرائيلي على القطاع لم يعد شرطا او اولوية اميركية». وتضيف المصادر: «لا شك ان واشنطن لا تحبذ راهنا اي حرب موسعة في المنطقة عشية الانتخابات الاميركية لكن ليس واضحا ما اذا كانت ستدعم عملية اوسع ضد حزب الله وهذا ما سيتكشف خلال زيارة نتنياهو المرتقبة الى واشنطن والتي تأكد انه سيلتقي خلالها الرئيس الأميركي جو بايدن الثلاثاء».
العين على الضفة
وفي مؤشر يؤكد ان المنطقة تتجه الى مزيد من التصعيد لا التهدئة، أعلن وزير الدفاع الأميركي يوآف غالانت، انه قام بازالة القيود على استخدام مسيرات عسكرية في الضفة الغربية لتقليل تعريض حياة الجنود للخطر.
وقال انه اصدر «أوامر للقيادة المركزية بالجيش الإسرائيلي للقضاء على الكتائب المسلحة بالضفة الغربية».
وكان قد أفاد موقع «أكسيوس»، بأنّ «البيت الأبيض ناقش فرض عقوبات على الوزيرين الإسرائيليين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش بسبب تدهور الوضع الأمني في الضفة». ولفت الموقع إلى أنّ «إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تشعر بإحباط عميق من سياسة الحكومة الإسرائيلية في توسيع المستوطنات وإضعاف السلطة الفلسطينية».
وطالب الوزيران المتطرفان بالحكومة الإسرائيلية بن غفير وسموتريتش، بفرض تل أبيب «سيادتها الكاملة» على الضفة الغربية، وذلك رداً على الرأي الاستشاري الذي قدمته محكمة العدل الدولية بشأن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية.
في هذا الوقت أفادت وكالة فرانس برس عن «اعتداء مستوطنين على متضامنين أجانب كانوا يساعدون مزارعين فلسطينيين، ما أدى إلى إصابة عدد منهم ونقلهم لتلقي العلاج».
جرح عسكريين لبنانيين بنيران اسرائيلية
ميدانيا وعلى جبهة جنوب لبنان، تواصل التصعيد في الساعات الماضية، فبعد الغارة على عدلون التي قالت «الوكالة الوطنية للاعلام» انها استهدفت مستودع ذخائر،أعلن حزب الله انه وردا على »اعتداءات العدو الإسرائيلي التي استهدفت بلدتي عدلون وحولا، شنت المقاومة الإسلامية يوم الأحد هجوماً جوياً بسرب من المسيرات الانقضاضية استهدفت المقر المستحدث لقوات العدو في مستعمرة حانيتا وأصابت نقطة تجمع الجنود فيه بشكل مباشر موقعة فيهم إصابات مؤكدة بين قتيل جريح». كذلك استهدفت المقاومة مقر قيادة الفيلق الشمالي في قاعدة عين زيتيم ومستعمرة دفنا كما موقعي الرمثا والسماقة في تلال كفرشوبا اللبنانية.
وفيما نعت «المقاومة الاسلامية» 3 شهداء، اعلن الجيش اللبناني انه «وفي إطار الاعتداءات المتكررة على لبنان من جانب العدو الإسرائيلي، أُصيب برج مراقبة للجيش في خراج بلدة علما الشعب ما أدّى إلى تعرّض عسكريَّين لجروح متوسطة، وجرى نقلهما إلى أحد المستشفيات للمعالجة».
كذلك افيد عن استهداف مسيرة بصاروخين، احد المنازل في حولا، ما ادى الى وقوع اصابات. كما بلغ القصف أطراف بلدة الناقورة ومحلة المحافر في بلدة عيترون.
لبنان فوّت فرصته!
وفي الوقت الذي تراجعت فيه الحركة السياسية في الداخل اللبناني بعد الفشل المتوقع للمبادرة الاخيرة للمعارضة اللبنانية، وبخاصة مع امتناع حزب الله وحركة امل عن تحديد موعد لوفد المعارضة لاطلاعهما على تفاصيل ما يطرحونه، قالت مصادر معنية بالملف لـ «الديار» ان «هناك حالة استسلام داخلية وخارجية غير مسبوقة بما يتعلق بالملف الرئاسي»، لافتة الى ان «الجميع وصل الى قناعة ان الهوة باتت اكبر من ان يتم ردمها بين الثنائي الشيعي وباقي القوى السياسية والا امكان حتى لتحريك المياه الراكدة قبل اتضاح المشهد النهائي في المنطقة، وهو ما لن يحصل قبل انجاز الانتخابات الرئاسية الاميركية».
واضافت المصادر: «الملف الرئاسي وضع على الرف وباتت الاولويات الدولية في مكان آخر».
وفي هذا المجال، قال مصدر ديبلوماسي لـ» الديار»: «لبنان فوّت فرصة ثمينة لفصل الرئاسة عن مصير ومسار غزة، وكلما مر الوقت أصبحت نتائج اي عملية جراحية لتحقيق الفصل متعذرة!»
وفي تصريح له يوم أمس، رأى رئيس حزب «القوّات اللبنانيّة» سمير جعجع أن «محور الممانعة، وعن سابق تصوّر وتصميم، يعطل الانتخابات الرئاسية لسببين: الأول هو عدم قدرته على تأمين أغلبية لمرشحه، والثاني هو انتظار مجريات الأحداث في المنطقة لمعرفة كيفية التصرف في الداخل، باعتبار أن لبنان يأتي في المرتبة 17 في سلم أولوياتهم، فكل ما يحدث في المنطقة هو الأهم بالنسبة لهم، ولبنان يأتي بعد ذلك».
وقال: «هدفنا ليس انتصار طرف على آخر، بل انتصار الحق. لذا لا نقبل بأي شكل من الأشكال أن يُنتزع حقنا أو يُهدَر، ونرفض أن يستولي أي طرف على حقوق الآخرين». وأضاف: «نحن لا نريد الانتصار على أحد ولكن في الوقت ذاته لن نقبل أن يستعمل أي طرف سلاحاً غير شرعي موجوداً معه، معتقداً أنه بهذا السلاح يمكن أن يطغى علينا أو أن يجبرنا على اتخاذ مواقف لا نريد اتخاذها، لا، فهذه الأيام قد ولّت إلى غير عودة».
وفدان رسميان في العراق
وبدا لافتا يوم امس وصول وفدين رسميين لبنانيين الى العراق. الاول يرأسه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والثاني وزير الداخلية بسام المولولي.
والتقى ميقاتي رئيس الجمهورية العراقية عبد اللطيف جمال رشيد في حضور نائب رئيس مجلس الوزراء العراقي وزير النفط حيان عبد الغني والوفد الوزاري اللبناني الذي ضم الوزراء في حكومة تصريف الاعمال الصناعة جورج بوشيكيان، الزراعة عباس الحاج حسن، الاشغال العامة والنقل علي حميه والطاقة والمياه وليد فياض.
وجرى خلال اللقاء عرض تطورات الأوضاع على الساحتين العربية والدولية، وسبل تعزيز علاقات الصداقة والتعاون المشترك وبما يصب في مصلحة الشعبين الشقيقين.
وأكد الرئيس العراقي أن «العالم يشهد اليوم متغيرات وأحداثا متسارعة تتطلب إيجاد صيغة من التعاون والتفاهم المشترك بين كل دول المنطقة لمواجهة تلك التحديات».
وتطرق إلى «الاستقرار الأمني ومسيرة البناء والإعمار التي يشهدها العراق»، موضحًا أن «الثوابت المبدئية تدفع باتجاه تعزيز علاقاته مع الدول الشقيقة والصديقة، وأن الفترة الماضية شهدت تطورات إيجابية عديدة في هذا المجال».
من جهته، ثمن الرئيس ميقاتي «موقف رئيس الجمهورية العراقية خلال مؤتمر القمة الأخير في البحرين الداعم للبنان»، موضحًا أن «ما يربط البلدين الشقيقين هو أكثر مما يربط لبنان بأي دولة أخرى».
وأضاف أن زيارته للعراق «تأتي في إطار تقوية تلك العلاقات، وتوسيع آفاق التعاون المشترك»، موجها «دعوة رسمية لرئيس الجمهورية لزيارة لبنان».
كما عقد ميقاتي ورئيس الحكومة العراقية محمد شيّاع السوداني اجتماعا ثنائيا في مقر رئاسة الحكومة في بغداد . وتناول البحث العلاقات بين البلدين، وسبل تطويرها ومسارات تعزيز «الشراكة» الاقتصادية، والاتفاق الثنائي بشأن توريد النفط العراقي الى لبنان، بالاضافة إلى بحث الأوضاع في المنطقة وآخر التطورات السياسية والأمنية فيها.
كما جرى التأكيد على استمرار مساعي الجهات الحكومية في البلدين لحل مشكلة التأخير في انجاز معادلات الشهادات للطلاب العراقيين، والتي تعود الى فترات الأزمات الصحية والاقتصادية التي أعاقت عمل الإدارات العامة في لبنان.
وأشار رئيس الحكومة العراقية» الى ان مواقف العراق من لبنان تنبع من الالتزام والأخوة التي تجمع الشعبين الشقيقين، ومن الدور الإقليمي والدولي المسؤول الذي يتخذه العراق إزاء تطورات المنطقة»، مشدداً «على ضرورة وقف العدوان على لبنان وفلسطين، وبذل الجهود للحيلولة دون اتساع الصراع إقليميا وسقوط المزيد من الضحايا والشهداء الأبرياء».
بدوره اعرب الرئيس ميقاتي عن تقديره لجهود السيد السوداني وخطوات الحكومة العراقية في دعم العلاقات الاقتصادية مع لبنان»، مثمناً «الجهود العراقية الداعمة للتقارب والاستقرار إقليمياً ودولياً»، مؤكداً «استمرار العمل باتفاقيات التبادل الاقتصادي والتجاري، وتعزيز «الشراكات» بين القطاعين العام والخاص في البلدين، ودراسة إمكان الدخول في مشاريع تتضمن إنشاء مدن صناعية عراقية في لبنان، وتنويع مجالات الفرص الاستثمارية المتبادلة».
كما اكد «رفع مستوى التعاون والتنسيق الأمني مع العراق في مجال مكافحة الإرهاب وملاحقة تجارة المخدرات، وأهمية استكمال التحضيرات الثنائية لانعقاد اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين نهاية ايلول المقبل».
وجدد دعوة رئيس وزراء العراق لزيارة لبنان «في الوقت الذي يراه مناسبا».
اما وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي فوصل الى العراق، على رأس وفد من الوزارة، للمشاركة في أعمال «مؤتمر بغداد الدولي الثاني لمكافحة المخدرات»، بدعوة من وزير الداخلية العراقي الفريق اول ركن عبد الامير الشمري.
وسيجري الوزير مولوي سلسلة لقاءات مع نظرائه المشاركين في المؤتمر للتباحث في الملفات ذي الاهتمام المشترك.