أكّد نائب الأمين العام لـ “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم ، في حديث لـ إذاعة “سبوتنيك”، أنّ ” صمود “المقاومة” الفلسطينية والشعب الفلسطيني لأكثر من 9 أشهر أفشل كل أهداف الجيش الاسرائيلي التي أعلن عنها منذ بداية عدوانه على غزة“.
وقال: “ان غزة وقعت منذ 9 أشهر تحت العدوان، ومنذ البداية كان يعتقد الجيش الاسرائيلي أنّ هذه الحرب قد تحسم خلال 3 أشهر بنصر إسرائيلي، يسحق من خلاله حركة “حماس”، ويحرّر الرهائن والأسرى“.
وأشار إلى أنّ “صمود الشعب الفلسطيني وتضحياته الكبيرة التي تجاوزت 130 و140 ألف “شهيد” وجريح بوجه حرب الإبادة والتجويع بدعم ومناصرة أميركية وأوروبية، أوصلت الكيان الاسرائيلي الى طريق مسدود، وبدأ يحتار في أمره إن كان سيستمر في عملية الاستنزاف هذه التي قد تشكل كارثة عليه قبل أن تنعكس على الشعب الفلسطيني، أم يذهب إلى المفاوضات “.
ورأى قاسم “أنّ إعلان الجيش الإسرائيلي عن بدء المرحلة الثالثة من العملية العسكرية في رفح ما هو سوى دليل على فشل هذا الجيش في تحقيق أهدافه، وبالتالي بعد وصوله إلى طريق مسدود سيعتبر الإسرائيلي أنّ هذا التوقيت هو التوقيت المناسب لإبرام اتفاقية، وحينها سيعلن أّنّه انتهى من غزة ونجح في ضرب البنية العسكرية لـ “حماس” وذهب مجددًا إلى المفاوضات، يكون خلالها خفّض من مستوى مطالبه ويظهر أمام شعبه على أنه حقق انجازًا في هذه الحرب “.
وقال: “لا خيار أمام إسرائيل سوى الموافقة على شروط “حماس” لأنها لن تتوقف عن “المقاومة” إن لم يتوقف إطلاق النار والعدوان على المدنيين، وبالتالي يبقى السؤال الرئيسي اليوم، “هل سيستطيع الجيش الإسرائيلي تحمل عمليات الاستنزاف هذه وبالتالي يبقى احتمال عقد صفقة هو الاحتمال الأقوى اليوم، لا سيّما باهتزاز الداخل الإسرائيلي إضافة إلى المعارضة الاسرائيلية و قدرتها على الضغط على نتنياهو خصوصًا و أنّ 67% من الداخل الاسرائيلي يرى أنّ رئيس الوزراء لم يعد جديرًا بالاستمرار في الحكم ناهيك عن المظاهرات والخلافات الداخلية“.
وعن الخلاف بين الرئيس الاميركي جو بايدن ونتنياهو قال الشيخ قاسم: “لا يوجد خلاف بين الجانبين على الجرائم والإبادة وإنهاء الوجود الفلسطيني ولكن الاختلاف يبقى في التكتيك والأسلوب، إذ أنّ نتنياهو يريد الاستمرار بمجازره بشكل علني، فيما بايدن يريد أن ينجز أهدافه بشكل تدريجي“.
وعن تأثير خروج بايدن من البيت الأبيض على ملف غزة، اشار إلى أنّ ” كل العوامل الخارجية لا تنعكس على هذا الملف على اعتبار أنّ هناك عاملين أساسيين يغيران مجرى الاحداث، الأول صمود الشعب و”المقاومة” الفلسطينية، أما العامل الثاني فهو قدرة إسرائيل على الاستمرار في حرب الاستنزاف وانعكاس ذلك على الداخل الإسرائيلي“.
ورأى أنه “بعد انتهاء الحرب سيكون لـ “حماس” دور كبير في فلسطين على عكس التوقعات والرغبات الإسرائيلية”، لافتًا إلى أنّ “المفاوضات غير المباشرة تجري مع الحركة وبالتالي بعد وقف إطلاق النار ستكون “حماس” حاضرة بقوة على الساحة السياسية الفلسطينية وسترعى تطبيق اتفاق الهدنة، وبالتالي هذه الوقائع وضعت إسرائيل والولايات المتحدة في حيرة كبيرة أمام خياراتها لليوم التالي بعد الحرب”، معتبرًا أنّ “الاداء الاسطوري لـ “المقاومة الفلسطينية” في غزة ساهم في تجاوز مرحلة الخلافات الفلسطينية-الفلسطينية”، متسائلاً ” من يعترف بالسلطة الفلسطينية اليوم ومن يتعامل معها من الشرق والغرب “.
ولفت الشيخ قاسم إلى عوامل عديدة ستساهم في انتصار الشعب الفلسطيني: “أوّلها أنّ “المقاومة” هي صاحبة الأرض التي اتخذت قرار المواجهة حتى النصر أو “الشهادة”، العامل الثاني قيام “المقاومة” بتحضير العدّة اللازمة لهذه الحرب إضافة الى إمتلاكها الإرادة القوية لصناعة المستقبل، العامل الثالث هو قدرة الفصائل على الصمود“.
وشدّد على أنّ “محور “المقاومة” لا يعوّل على دور الدول العربية في هذه المعركة، على اعتبار أنّ العرب لديهم خيارات سياسية مختلفة عن “المقاومة” وبالتالي قسم منها تورط في التطبيع والقسم الآخر كان يفكّر كيف سيبرم اتفاقيات مع إسرائيل”، موضحًا أنّ “الواقع اليوم يقول إنّه هناك محور يضم قوى ودولا اتخذت قرارًا بالتصدي للمشروع الاسرائيلي، وعلى رأس أولوياتها تحرير فلسطين وحين يتحقق هذا الهدف ستقف الدول العربية على الحياد “.
وأكّد الشيخ قاسم ” يوم السابع من أكتوبر قلب المعادلة في المنطقة وباتت فلسطين هي القضية الأولى في العالم بينما كانت على طريق الاندثار، أما في ما يتعلق بالتطبيع فهو عامل ثانوي لن يؤثر على القضية الفلسطينية، بينما العامل المؤثر في هذا الملف هو نجاح المقاومة في مواجهة إسرائيل“.
وفي ما يتعلّق بالرأي العام الغربي والمظاهرات في الجامعات الأميركية، قال: “ان أكبر خسارة سبّبتها عملية “طوفان الأقصى” هي كشف خداع القيم الأميركية التي كانت تصور نفسها على أنها قيم انسانية عالمية تقدّس الحقوق والعدالة، وبالتالي لم يعد الغرب لا سيما اميركا و اوروبا يشكلان النموذج في القيم العالمية لأنهما دعمتا الاجرام وموّلتاه، وبالتالي هذا الحراك الغربي هو مؤشّر على بداية تغير كبير لدى الرأي العام الغربي وهو نقطة ايجابية في تاريخ صراعنا مع الجيش الإسرائيلي لمصلحة حقوقنا واراضينا“.
وعن واقع الجبهة الجنوبية وتحديدًا في ما يتعلق باغتيال قياديين من “حزب الله”، قال قاسم: “ان الحزب أعلن منذ 8 أكتوبر أنّ جبهة جنوب لبنان ستكون جبهة “مساندة” وحددنا مسافة المواجهة التي تتراوح بين 3 إلى 5 كيلومتر على المستوى العسكري والاستخباراتي والمعلوماتي، إضافة إلى عدم التعرض للمدنيين حتى الساعة، وكلّما تجاوز الجيش الاسرائيلي هذه المسافة أو طال القصف المدنيين التزمنا بالرد المناسب والذي يكون منسجمًا مع خطتنا في عملية المواجهة”.
اضاف: ” قناعة “حزب الله” أنّه سيقدم التضحيات في هذه المعركة، ولم يخطئ الاسرائيلي عندما أعلن الجيش الاسرائيلي أنّه أصاب أهدافا نوعية ، في حين “المقاومة” تصيب يوميًّا أهدافًا نوعية وثكنات وضباط وأماكن تجسس وبالتالي انجازاتنا كبيرة، وفي الكثير من الأحيان لا يعلن الإسرائيلي عن حجم خسارته “.
وأعلن أنّ ” احتمالات توسعة الحرب غير متوفرة في المدى القريب، ولكن “حزب الله” مستعد لأسوأ الاحتمالات”، مبينًا أنّ “الحزب لا يبني موقفه العسكري بحسب التحليلات السياسة بل بحسب المعلومات وبنتائج الميدان“.
ووجّه الشيخ قاسم رسالة إلى الداخل اللبناني، فقال: “الحالمون في الداخل اللبناني بحرب لإزعاج أو إضعاف “حزب الله”، أعتقد أنهم سيرون أحلاما مزعجة لأن الواقع لا يتأثر بتصوراتهم وليس لديهم أيّ فعالية على أرض الواقع، هناك “مقاومة” قويّة تواجه العدو الاسرائيلي وستنتصر وسينزعجون أكثر“.
وأوضح ان “إنتصار المقاومة” يقسم إلى نوعين، انتصار غير مباشر ويشمل منع العدو من تحقيق أهدافه ومنع توسّعه واحتلال المزيد من المناطق، ومنع اسرائيل من القضاء على المقاومة، أما النوع الثاني وهو الانتصار المباشر أيّ قدرة المقاومة على الصمود وتحرير الأرض وزيادة قوة الردع وحماية الداخل اللبناني من أيّ عملية عسكرية إسرائيلية، وكل هذه الأهداف تحققت على اعتبار أنه ومنذ العام 2006 حتى العام 2023 أيّ 17 عاماً والجيش الاسرائيلي مردوع و”حزب الله” يزيد من قوته، إضافة إلى مساعدة المقاومة للدولة اللبنانية بإنجاز ترسيم الحدود البحرية“.
وفي ما يتعلق بترسيم الحدود البحرية، قال الشيخ قاسم: “يجب الفصل بين أمرين في هذا الملف، الأول يكمن في أصل اعتراف الكيان الاسرائيلي بالحدود البحرية اللبنانية وحق لبنان بإستخراج هذه الموارد، أما الأمر الثاني فيتعلق بكون الاستخراج من حقل “كاريش” بدأ قبل إنجاز ترسيم الحدود البحرية ولا يمكن مقارنة المسار اللبناني بالمسار الإسرائيلي في هذا الإطار، على اعتبار أنّ الاتفاق مع الشركات المعنية لم يُنجز وذلك ناهيك عن الشكوك حول أداء هذه الشركات”، مؤكداً أنّ “هذه الملف يحتاج إلى معالجة وسيتم العمل عليه بشكل جدّي بعد الانتهاء من حرب غزة “.
أما في ما يتعلق بالقرار 1701، فقد رأى قاسم أنّ “الموفدين الأجانب لا سيما من الجانبين الأميركي والفرنسي يريدان مناقشة القرار ويرغبان بفصل جبهة جنوب لبنان عن جبهة غزة، ويحاولان إجراء ترتيبات ترضي إسرائيل لتتمكن من إعادة المستوطنين إلى أماكنهم، ولكن جواب المقاومة لجميع الموفدين كان موحدًا، لا نقاش دون وقف إطلاق النار، ليصار بعدها الى النقاش السياسي الضروري وعرض آخر التطورات“.
وتطرّق الشيخ قاسم الى الوضع في الداخل اللبناني، واضعًا “الآراء المعارضة لجبهة الإسناد في إطار حرية التعبير، قالوا ما عندهم وقلنا ما عندنا وعلى الناس أن يقرروا“.
كما تحدث عن علاقة حزب الله بالتيار الوطني الحر، فأعلن أنّ “التفاهم معلق على بعض الأمور والمواقف التي تحتاج إلى المعالجة لكن التحالف لم ينته بشكل نهائي ولم يفعّل من جديد، وعندما يرفض النائب جبران باسيل جبهة المساندة فهو يبدي رأيه، نحن في المقابل نبدي رأينا ونقوم بواجبنا“.
أما عن ملف الانتخابات الرئاسية ، اشار قاسم الى أنّ “فريقه أعلن عن مرشحه لرئاسة الجمهورية سليمان فرنجية الذي يحقق الأهداف الوطنية لجميع الأفرقاء ومقبول من قبل الدول العربية”، معتبرًا أنّ الخلاف على “رئاسة الجمهورية كبير جدًا لا سيما بوجود التشرذم الكبير بين الكتل النيابية اللبنانية، إضافة إلى تركيبة مجلس النواب اللبناني التي جعلت من كل الافرقاء سواسية في المجلس حيث لا يستطيع اي فريق فرض مرشحه وبالتالي يبقى الحل الوحيد هو الحوار لتبديد هواجس الافرقاء، ونحن نقدم بالدليل“.
وفي الختام لخّص الشيخ قاسم زيارة الاستخبارات الالمانية بأنّها “كانت زيارة لتبادل الأفكار وحصل نقاش معمق بين المجتمعين حول اخر التطورات