أَصدَرَ البنك الدولي تقريره المعنوَن «الآفاق الإقتصاديّة العالميّة – حزيران 2024»، والذي يتوقّع من خلاله أن يتراجع نموّ الإقتصاد العالمي من نسبة 3.0% خلال العام 2022 إلى 2.6% في العام 2023، مقدّراً نسبة النموّ أن تصل إلى 2.6% في العام 2024 و2.7% في كلّ من الأعوام 2025 و2026.
تُظهر توقّعات العام 2024 إستقراراً في معدّلات النموّ العالميّة للمرّة الأولى منذ ثلاث سنوات، بالرغم من التوتّرات الجيوسياسيّة وإرتفاع معدّلات الفوائد. وقد أشار البنك الدولي إلى أنّ النموّ العالمي المتوقّع للأعوام 2025 و2026 يأتي نتيجة نموّ معتدل في حركة التجارة والإستثمار.
بالإضافة إلى ذلك، يتوقّع التقرير بأن يبلغ متوسّط التضخّم العالمي 3.5% في العام 2024.
في هذا الإطار، أشار البنك الدولي إلى أنّه نظراً للضغوط الناجمة عن التضخّم، سوف تتوخّى المصارف المركزيّة في الإقتصادات المتقدّمة والإقتصادات الناشئة وقيد التطوّر الحذر في سياساتها النقديّة التوسعيّة.
بالتالي، أشار التقرير إلى أنّه يتوقّع أن يبلغ متوسّط المعيار لمعدّلات الفائدة للأعوام القادمة ضعفيّ متوسّط الفترة ما بين العام 2010 والعام 2019.
وقد كشف التقرير عن تراجع النموّ في الدول المتطوّرة من نسبة 2.6% خلال العام 2022 إلى 1.5% خلال العام 2023، متوقّعاً بأن يبقى النموّ ثابتاً في العام 2024 قبل أن يعود ويرتفع إلى نسبة 1.7% في العام 2025 وإلى 1.8% في العام 2026.
أمّا بالنسبة الى البلدان الناشئة والدول قيد التطوّر، فقد إرتقب البنك الدولي بأن يتراجع النموّ الإقتصادي بعض الشيء من 4.2% في العام 2023 إلى 4.0% في كلٍّ من الأعوام 2024 و2025 قبل أن يعود وينخفض إلى 3.9% في العام 2026.
وبحسب التقرير، فإنّه من المتوقّع بأن يتوازن تراجع الحركة الإقتصاديّة في الصين مع تحسّن النموّ في البلدان الناشئة والدول قيد التطوّر الأخرى، نتيجة زيادة الطلب المحلّي والتعافي في التجارة. ولكّن البنك الدولي أشار إلى أنّه من المتوقّع أن يبقى الناتج المحلّي الإجمالي في البلدان الناشئة والدول قيد التطوّر أدنى من المستوى الذي كان عليه قبل أزمة تفشّي وباء كورونا، الأمر الذي يكشف عن الأضرار الطويلة الأمد الناجمة عن الأزمات في المنطقة خلال الأعوام الأربعة الماضية.
النمو في الشرق الاوسط
على الصعيد الإقليمي، قدّر البنك الدولي بأن تتحسّن نسبة النموّ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من 1.5% في العام 2023 إلى 2.8% في العام 2024 و4.2% في العام 2025 قبل أن تعود وتتراجع إلى 3.6% في العام 2026.
وقد ذكر التقرير بأنّ التوتّرات الجيوسياسيّة وسياسة عدم اليقين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مرتفعة، مشيراً إلى أنّ الأضرار الإنسانيّة والدمار الناجم عن الحرب في غزّة كبيرة، ما تسبّب بتوسيع رقعة الإنعكاسات لتطال إيران ولبنان وسوريّا.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ الهجومات على الشحنات في البحر الأحمر من قبل المتمرّدين الحوثيّين في اليمن قد تسبّب بإنخفاض عدد عمليّات الترانزيت عبر قناة السويس وبعرقلة حركة حج التجارة وزيادة سياسة عدم اليقين وبخاصّة في البلدان المجاورة.
وقد أشار التقرير إلى أنّ معدّلات النموّ في الأعوام 2024 و2025 تعكس الزيادة التدريجيّة لإنتاج النفط منذ الفصل الرابع من العام 2023 إلاّ أنّ توقّعات العام 2024 أدنى بـ0.7 نقطة مئويّة من التوقّعات الصادرة في نسخة كانون الثاني 2024 عن تقرير بنك الدولي بسبب تخفيف معدّلات إنتاج النفط وإستمرار النزاعات في المنطقة.
بالتفاصيل، من المتوقّع أن تشهد الدول المصدّرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحسّناً في نموّ الناتج المحلّي الإجمالي من 1.3% في العام 2023 إلى 2.8% في العام 2024، و4.2% في العام 2025.
ووفقاً للبنك الدولي، فإنّ تمديد مهلة التخفيف من إنتاج النفط سيؤدّي إلى إبطاء نموّ الناتج المحلّي الإجمالي في العام 2024. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ العودة إلى إنتاج النفط في مرحلة لاحقة من العام 2024 سوف تساعد بتعافي النموّ الإقتصادي للدول المصدّرة للنفط في العام 2025.
أمّا بالنسبة للدول المستوردة للنفط، فقد أشار التقرير إلى أنّ النموّ قد تحسّن من نسبة 2.7% في العام 2023 إلى 2.9% في العام 2024 و4.0% في العام 2025، معلّقاً في هذا الإطار إلى أنّ النموّ المتوقّع في العام 2024 أدنى بـ0.3 نقطة مئويّة ممّا كان عليه في التقدير الصادر في نسخة تقرير كانون الثاني 2024، معلّلاً هذا التخفيض في معدّل النموّ المرتقب إلى إعادة تقييم تأثيرات النزاعات في المنطقة وخاصّةً على السياحة.
لبنان: انكماش اقتصادي
محليّاً، توقّع البنك الدولي أن يكون لبنان قد سجّل إنكماشاً إقتصاديّاً بنسبة 0.6% في العام 2022 مع توقّعات إنكماش بنسبة 0.2% في العام 2023 ونموّ بنسبة 0.5% في العام 2024، مع الإشارة إلى أنّه قد تمّت إزالة التوقّعات لما بعد العام 2024 نتيجة درجة عدم اليقين الكبيرة. وبحسب البنك الدولي، فإنّ النظرة المستقبليّة للبنان غامضة نتيجة كثرة التحدّيات الأمنيّة والسياسيّة والماليّة التي تعصف بالبلاد. وقد ذكر التقرير، أنّه من المتوقّع أن تبقى نسبة تضخّم الأسعار في لبنان مرتفعة ومعدّلات الإستثمار خجولة.
ويتوقّع التقرير أيضاً تعافياً مستمرّاً في القطاع السياحي في لبنان بالرغم من درجات عدم اليقين المرتفعة، وخاصّةً كون السياحة رهينة التوتّرات الخارجيّة والمحليّة.
ويجدر الذكر أنّ توقّعات النموّ الإقتصادي للبنان قد تمّ تعديلها مقارنةً بالتقديرات السابقة للبنك الدولي في تقريره الصادر في كانون الثاني 2024، والتي كانت تتمحور حول نموّ إقتصادي بنسبة 0.2% للعام 2023 قبل إندلاع الحرب في غزّة في الفصل الأخير من العام.