كنا أشبالا بأعوام 14 نجتمع في منزل شخص من ال الزواق كان قد حول صالون منزله إلى مسجد في منطقة العيرونية عام 1988 قبل أن يقوم الشخص نفسه بالمساهمة ببناء مسجد العيرونية.
وكانت شخصيات دينية معروفة في الشمال تام هذا الصالون، تعطي بعض الدروس أو حتى تقيم صلاة الجماعة، ومن الشخصيات التي ألتقيها أنا شخصيا في العيرونية هو سماحة الشيخ سعيد شعبان رحمة الله عليه، حيث كان له الكثير من المناصرين بمنطقة العيرونية، بل كان صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في تلك المنطقة، وخاصة بعد رحيل عرفات إلى تونس.
“بالمناسبة لمن لا يعرف فإن الزعيم ياسر عرفات سكن لأسبوع في العيرونية أول مدخلها في كارجات قبل سقوط طرابلس.”
مع نهاية عام 1988 التحقت بالتيار العوني وبعد 13 تشرين 1990 عدت إلى طرابلس وكنت أتردد إلى سماحة الشيخ سعيد شعبان رحمة الله عليه، وخلال هذه الأعوام كنت نضجت بالسياسة وسمعت عن عوالم مختلفة وكيف تدار السياسة.
وعندما كنت أسمع خطب سماحة الشيخ رحمة الله عليه أو حتى دروسه، كنت أقول لنفسي، إن سماحة العلامة سيتعب كثيرا وخاصة أنه يتحدث عن مستقبل يبدو أن الكثيرين مما حوله أم لا يدركونه أو يجهلونه.
كان رحمة الله عليه قد سبق الكثيرين من السياسيين في تلك المدة بفهمه للمتغير للشرق الأوسطي وما يعد للمنطقة، ورغم ما حصل بين حركة التوحيد والسوريين إلا أن الشيخ سعيد فتح صفحة جديدة مع سورية على قاعدة أن سورية هي قلب العروبة ومعبر الدعم والنصر للمقاومة
بل يمكن القول وصراحة إن أول رجل دين سني في القرن العشرين تحدث بالسياسة وأنتج هذا التمازج الديني السياسي بإبعاده واعتداله هو سماحة الشيخ سعيد شعبان.
كما ان الشيخ سعيد هو ايضا من الاوائل الذين توجه الى ايران بعلاقة عنوانها تحرير فلسطين، وحيث تحرير فلسطين كان سماحته يتوجه، بقلب مؤمن وعقل منفتح وايمان راسخ ان فلسطين هي بوصلة الله التي تشير الى اهل الحق، فمن كان مع فلسطين هو مع الحق، ومن كان ضد فلسطين حتى لو كان اقرب الناس اليه هو ضد الله والحق والعدالة.
ولا يوجد رجل دين او شخصية في الشمال اؤذيت كما اؤذي الشيخ سعيد شعبان حيث اجتمعت الغالبية الساحقة ضده، بما فيهم الوشاة الذين كانوا يحرضون السوريين عليه، من اجل اخراجه من الساحة الاسلامية عامة والساحة الشمالية خاصة، فقد كان رحمة الله عليه صمام امان، وصوت الاعتدال والوسطية، واذا حافظ الشمال على تعايشه فان لسماحة الشيخ دور في هذا التوازن الاجتماعي.
ومن ينسى مواقف الشيخ سعيد، في المسجد وعبر اذاعة التوحيد ومن خلال المنشورات والكتب، عندما تصدى للكثير من التكفيريين باوقات لم يكن يجرؤ احد على التحدث اليهم.
كانت الغالبية تسعى للاطاحة بالشيخ سعيد، فالجميع يعلم بان تسهلت تنقلاته وحركته فاني الشيخ سعيد قادر ان يستقطب غالبية الشمال وبمختلف طوائفه.
وحتى اليوم رغم رحيله رضوان الله عليه، الا ان طيفه حاضرا، خاصة من خلال اولاده وفي مقدمتهم الشيخ بلال سعيد شعبان الصديق المتواضع، الذي كان ياتي من ابي سمراء الى ساحة الكورة (التل) من اجل تصوير بعض المستندات او نسخ بعض الكتب، بالمكان لاذي كنت اعمل فيه.
الشيخ سعيد شعبان رحمة الله عليه ربى اولاده على الفضيلة والقيم، وخدمة الناس والبقاء بين الناس
وتبقى حركة التوحيد بدعوتها للوحدة ونبذ العنف والعصبية، وان الغاية من اي عمل سياسي اسلامي لا يوجد فيه تحرير فلسطين او يسعى لاستعادة فلسطين هو عمل سياسي عليه علامات استفهام…