اقتصاد

أسعار المواد الغذائية مرتفعة…والمواطن من يدفع الثمن ؟

«الأسعار نار»،عبارة لطالما سمعناها منذ بداية الأزمة الإقتصادية التي يمر بها لبنان منذ العام 2019 وتداعياتها على اللبنانيين حتى الآن، ومنذ بداية العدوان على غزة وما أنتجته من اضطراب في سلاسل التوريد عبر البحر الأحمر، لم يترك التجار الفرصة تفوتهم لاستغلال الوضع الناشئ وتحقيق مزيد من الأرباح على ظهر المواطنين بلا حسيب أو حتى رقيب، والدولة كالعادة إما «متفرجة» أم «خارج السمع».

ما بات واضحاً لدى اللبنانيين الذين يشتكون بشكل يومي من إرتفاع هذه الأسعار أنّ رفع الأسعار هو لغايات الربحية ونمط متبع لدى التجّار قبل الاضطرابات وبعدها. فخلال 2023 ارتفعت أسعار المواد الغذائية، وفقاً لمؤشرات البنك الدولي، بنسبة 220% وهي ثاني أكبر نسبة تضخّم عالمياً قبل فنزويلا التي سجّلت 173%، وخلال شهر كانون الثاني، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة تراوح بين 7 و13%، بحسب تقرير برنامج الأغذية العالمية.

من وجهة نظر المستوردين، فإن الزيادة في السعر مبرّرة نوعاً ما، إذ إنّ استخدام طرق الشحن الأطول بسبب الاضطرابات في البحر الأحمر المرتبطة بالعدوان على غزة، أدّت إلى ارتفاع أكلاف الشحن والتأمين على المستوعبات، ولكن تعدد الأسباب والأسعار ما زالت مرتفعة وصرخات الناس لا زالت قائمة إن كانت ضد الدولة من خلال وزارة الإقتصاد أم ضد التجار المحتكرين وتركهم يتحكمون بالأسعار وفقاً لما يحلو لهم من دون رقيب،فارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية الذي لا زال قائماً،بالتزامن مع تصاعد نسبة البطالة، وحالات الفقر، أزمة شاملة للأسر اللبنانية، بسبب عدم قدرتها على تأمين متطلبات الحياة الأساسية من غذاء وطبابة وتعليم ودواء وسجلت البيانات الإحصائية والتقارير المتداولة في الوزارات المعنية والمؤسسات الرسمية اللبنانية والمؤسسات الرقابية، ارتفاعا ملحوظا في أسعار السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية، ما فاقم أزمات المواطنين والمقيمين على امتداد الأراضي اللبنانية فضلاً عن حرب غزة وفتح الجبهة الجنوبية وأحداث البحر الأحمر وتداعياتها.وفي هذا السياق لفت رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني البحصلي في حديث لـ«اللواء» إلى أنه لا شك أن الأزمة الإقتصادية التي يمر لبنان بها اليوم منذ العام 2019 حتى الآن لم تحل واقعياً بغض النظر عن الأمور حالياً أفضل مما كانت عليه منذ وقوع هذه الأزمة،ولكن الأزمة لا زالت موجودة لذلك صرخة الناس دائماً مسموعة.

وأردف البحصلي قائلاً:«إن كل ما تكلمنا عنه منذ بداية الأزمة في عام 2019 حتى الآن كان مبنيّاً على وقائع وأرقام وظروف معينة لذلك حصل وهذا معروف ،لذلك لم نتكهن بأمور لم تحصل بل على العكس تماماً،وهذا ما تبين مع الأيام أنها كانت مبنية على حروب وأزمات وقعت،وإضرابات حدثت ناهيك عن رفع الرسوم والحرب التي حدثت في غزة والأحداث التي حصلت في البحر الأحمر وتداعياتها ،كل هذه المحطات إرتدت بشكل سلبي علينا،وهي من كان لها الأثر الأكبر على أسعار المواد الغذائية،ولكن هذه الأمور جميعها أصبحت وراءنا».

وأكد أنه في الوقت الحالي أي خلال الشهرين القادمين تقريباً هناك ترقب لمسار الأمور سواءٌ على الصعيد الداخلي أو الخارجي لأنه كما هو معلوم في أي لحظة ممكن أن يتغيير مسار الأمور إما نحو الأفضل أم نحو الأسوأ، فلا أحد كان متوقعاً حصول إنفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020 أو حصول حرب في غزة عقب أحداث السابع من تشرين،لذلك تبقى المنعطفات مجهولة في الوقت الحالي.

ورأى أن ما حدث قد حدث ويجب الإعتراف بهذا الأمر، وعليه يجب أن لا تتم مشاهدة إما إرتفاعات أو إنخفاضات إضافية أو كبيرة في أسعار السلع الغذائية أكثر مما هي عليه نتاجاً لتحرك الأوضاع اليومية أو الروتينينة، إلا في حالة حصول حدث آخر كـ«موازنة عام 2025» على سبيل المثال الذي بدأ التداول بها من خلال الكلام عن إحتمالية صدور ضرائب أو رسوم جديدة أو في حالة كان مرفأ بيروت يتحضر لرفع الرسوم فهذا أمر آخر،ولكن في الوقت الحاضر كل الإرتفاعات التي شهدناها قد حصلت وليس هناك مبرر لأي إرتفاع إضافي في أسعار السلع أكثر من الإرتفاعات القائمة.

وأوضح البحصلي قائلاً:«عندما أشرت إلى أنه عندما تكلمت عن إرتفاع أسعار المواد الغذائية من 5 إلى 12 % حددت آنذاك أن الإرتفاع سيكون بحسب الأصناف،أي أن هذا الإرتفاع ليش شاملاً كل المواد،فإذا كان إتخذ أو إجتزاء تصريحي كمبرر لرفع أسعار الرز 15% من قبل التجار فهم يخطئون بحق أنفسهم وبحق الناس أيضاً،وهذا الأمر هو برسم المسؤولين عن الوزارات ولا نتحمل أي مسؤولية حوله، والزيادة من 5 إلى 12 % تقتصر على البضائع الآتية من الشرق الأقصى وليست الآتية من أوروبا بحسب الأصناف».

وشدد على أن هذه الأمور أصبحت وراءنا، وفي الوقت الحالي وصاعداً ليس هناك عناصر جديدة تدل على أن هناك توجهاً لإرتفاعات في الأسعار أكثر من التقلبات العادية لأنه في نهاية الأمر أسعار السلع تصعد وتهبط، لذلك التسعير بالدولار لا يدل على أن الأسعار ثبتت إنما لتبيان الفروقات على القيمة الصحيحة، وليس فرق الأسعار بالإضافة إلى سعر الصرف فعندما أزحنا سعر الصرف جانباً ولدينا ثبات في العملة الوطنية لحد هذه اللحظة فالفروقات حينها أصبحت ظاهرة بقيمتها الفعلية إلى العلن أمام المواطن، ولكن في الماضي عندما كان الدولار يتقلب كل يوم بسعر مختلف عن السابق آنذاك، فكان المواطن يتنقل من محل إلى آخر،وكان يجد أن هناك سعرين مختلفين لنفس السعلة ولكن الآن هذا الأمر لم يعد قائماً.

 

 المصدر : اللواء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى