شدد وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى على أن “العيش معا هو الإنسجام والتعاضد أما المشترك فهو ظرفي إذا انتفى أنتفى معه العيش. فلنعش معا من دون تسامح. نعم! من دون تسامح. التسامح قبول قسري بالآخر يعني أني لا أوافقه لكن أتحمله… أجهد لتقبل اختلافه عني. التسامح مفهوم سلبي. عوضا عن التسامح، فلنعش متضامنين. التضامن هو تحمل مسؤولية التنوع جهارا. إنه ما يتخطى التفهم إلى التفاهم وهذا بالتحديد ما ينقص في حياتنا السياسية”.
وأضاف خلال رعايته وحضوره حفل تخريج طلاب مدرسة الانجيلية اللبنانية في صور: “التفاهم على المشتركات وهي كثيرة بدل تفهم الإختلافات وهي قليلة فاجهدوا من “صور” ومن بعدكم الإنجيلي على وجه الخصوص على بث ثقافة العيش معا والتي مارسها قولا وفعلا إمام الإعتدال والإنفتاح وعيش المعية أعني به سماحة الإمام المغيب موسى الصدر ومن مدينة صور بالتحديد فواجه الحرب بالمحبة والفتنة بالتآخي والطائفية بالوطنية فاستقبل في الكنائس والأديرة مصليا ومحاضرا وحل أهلا ووطئ سهلا اينما حط رحاله”.
وحضر الحفل الحاشد الذي اقيم في حرم المدرسة عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب علي خريس، المسؤول التنظيمي لحركة امل في اقليم جبل عامل علي اسماعيل، رئيس اتحاد بلديات قضاء صور وبلدية صور المهندس حسن دبوق ، المطران جورج إسكندر، العميد عبده خليل، العقيد حسنين بيطار، الشيخ عصام كساب ممثلا مفتي صور، الشيخ ربيع قبيسي، راعي كنيسة علما الشعب القس ربيع طالب، ونائب رئيس بلدية صور صلاح صبراوي، رئيس الجمعية الانجيلية اللبنانية الدكتور رالف زرازير، مدير الجمعية المهندس طوني الحداد، مدير المدرسة الشيخ فهد ديب واعضاء الهية التعليمية ، رئيس بلدية علما الشعب الاستاذ جان غفري، رئيس المنطقة التربوية في الجنوب الاستاذ احمد صالح، رئيس دائرة الامتحانات في الجنوب الاستاذ ديب فتوني وفاعليات.
ومما جاء في كلمة المرتضى: “نلتقي في رحاب المدرسة الإنجيلية اللبنانية في صور كما الحبيب بمن يحب لأنه لا تثمر المحبة إلا في هدي الرسالة السماوية السامية التي انتدبت مدرستكم نفسها لنشرها عبر التعليم والتربية والتثقيف. كلنا في أفياء هذا الصرح مواطنون متساوون. هنا حيث تتقلص الفوارق المصطنعة التي تباعد فيما بيننا وتتعاظم المشتركات التي توحدنا. وهل أفضل من نموذجكم التربوي في صور يعكس حوار الثقافات وتنوعها؟”.
وقال: “أن تتآخى الديانات بين جدران هذه المدرسة العريقة التي تحتفل بعيدها الرابع والخمسين بعد المئة لدليل أننا كسياسيين يجب أن نتعلم من مدارسنا نعمة اللقاء فنرصف حجارة لجسور الحوار بدل رمي الحجارة على بعضنا البعض.
واسمحوا لي في مناسبة التخرج هذه أن أتعلم ههنا في صور من اثنين. المعلم والمتعلم وكلاهما نموذج يحتذى. الأول لأنه شمعة تضيء ظلمة العقل وتطفئ نار الأحقاد، والثاني لأنه حامل الشعلة في مسيرة التاريخ وراسم التغيير في مسار ومصير المجتمعات.
بورك الإثنان وعسانا جميعا في لبنان نتبارك من عيش المعية الراسخ في صور فيتقوم إعوجاج بعض السياسيين ليتعلموا التواضع والإيثار ونصرة الحق ونبذ الظلم وحب الخير العام وعدم الركون الى العدوان والتمسك بالآخر والفرح فيه”.
أضاف: “مشكلتنا أيها الأحبة أننا أسقطنا في نظام يشجعنا على إحتكار الحقيقة. أو حقيقتنا أو لا حقيقة. على هذا النحو يبدأ تخوين الآخر مبنيا على الجهالة قبل أن تتحول الجهالة إلى حقد والحقد إلى حرب كلام وحرب الكلام إلى حرب البنادق.
صدقوني أيها الإخوة، حرب البيادق تولد حرب البنادق فلوحوا من صور ببيادق الحوار لنتجنب بنادق الشجار. نعم من صور لأنها عانت واستعانت. عانت من الإحتلال الإسرائيلي واستعانت بالله ورجاله لدحره. هذه ال “صور” التي تتداخل في أزقتها التراتيل والأدعية، الأجراس والمآذن، القساوسة والأئمة في تحفة من تحف العيش معا لا العيش المشترك. العيش معا هو الإنسجام والتعاضد أما المشترك فهو ظرفي إذا انتفى أنتفى معه العيش.
فلنعش معا من دون تسامح. نعم! من دون تسامح. التسامح قبول قسري بالآخر يعني أني لا أوافقه لكن أتحمله… أجهد لتقبل اختلافه عني. التسامح مفهوم سلبي. عوضا عن التسامح، فلنعش متضامنين. التضامن هو تحمل مسؤولية التنوع جهارا. إنه ما يتخطى التفهم إلى التفاهم وهذا بالتحديد ما ينقص في حياتنا السياسية”.
وتابع: “التفاهم على المشتركات وهي كثيرة بدل تفهم الإختلافات وهي قليلة فاجهدوا من صور ومن بعدكم الإنجيلي على وجه الخصوص على بث ثقافة العيش معا والتي مارسها قولا وفعلا إمام الإعتدال والإنفتاح وعيش المعية أعني به سماحة الإمام المغيب موسى الصدر ومن مدينة صور بالتحديد فواجه الحرب بالمحبة والفتنة بالتآخي والطائفية بالوطنية فاستقبل في الكنائس والأديرة مصليا ومحاضرا وحل أهلا ووطئ سهلا اينما حط رحاله”.
وأكد على “أهمية هذا الصرح الأكاديمي الذي يجاوز اليوم الألف تلميذ وتلميذة لا بد من الإعتراف أن الإنجيلية باتت صانعة للرأي العام ومصوبة للبوصلة الوطنية فهي مثال يحتذى للمعرفة. المعرفة التي تبني. التي تبث الوعي. ولا غرابة في ذلك طالما أن مقاعد الإنجيلية تضم المسلم والمسيحي ما يؤكد أن التنوع ليس تنابذا بل لبنة لإبقاء بلدنا رسالة يتعلم منها العالم كيف تبني التعددية نظاما تشاركيا.
البعض يبني مفهوما تدميريا للثقافة على خلفية أننا مختلفون وأن تجاورنا لا يفضي إلى تحاورنا وهذه خطيئة مميتة. ويذهب هذا البعض إلى الترويج إلى الفدرلة التي هي مقدمة للتقسيم على الخلفية نفسها في محاولة لتدمير النظام والكيان والدولة والمجتمع معا”.
وأردف: “لا تصدقوهم يا إخوتي وتعلقوا بمقاعدكم المتآخية لأنها أعمدة أساس في صيانة النظام اللبناني القائم على الديمقراطية التوافقية وعلى الميثاقية وأي خروج عن هاتين الصيغتين المؤسستين لنظامنا السياسي سيطيح بالنظام والكيان معا.
لقد صمد هذا الصرح العريق أكثر من مئة وخمسين سنة وواجه الأعاصير والإحتلالات والفتن والإغتيالات لكنه تغلب عليها بالالواح الخشبية سابقا والألواح الذكية اليوم. حاولوا أن تعبر الفوضى من صور فعبر الإستقرار منها بفضلكم. هذه الإنجازات أنتم صناعها لأنه من يتشبث بالأرض يستحقها وأنتم تشبثتم بأرضكم، أرجلكم مزروعة في التراب وأيديكم مبتهلة إلى السماء.
وتذكروا كل صباح وأنتم تتوجهون إلى المدرسة اللبنانية الإنجيلية أن المسيح مر من هنا والإسراء والمعراج مرا من هنا وأن مدينة شهدت هذا الكم من رعاية الله ستعيش مئآت السنين بعد برعاية الله والمؤمنين به مسيحيين ومسلمين”.
وختم المرتضى قائلا: “ليست مهمتكم سهلة ولكن لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه على ما كان يردد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وتذكروا أن المسيح وفي معرض رده على من قال له أن تعاليمه صعبة. قال لهم ” أهذا يعثركم؟! “.
لا تعثروا ولا تتعثروا واستمروا في جعل تلاميذكم يعثرون على العلم هنا. على الثقافة هنا. على التربية هنا . على الوعي هنا . والأهم الأهم.
على لبنان الحقيقي هنا في أروقة المدرسة اللبنانية الإنجيلية لأن لبنان هذه المدرسة أجمل من لبنانات مدارس البغضاء والأحقاد والمغانم. مبارك تخرجكم أيها الأحبة بوركت الإنجيلية، وبوركت صور وأهلها ودامت مدينة للصمود والكرامة وعيش المعية عشتم وعاش لبنان”.
وتخلل الحفل كلمة لمدير المدرسة الإنجيلية الشيخ فهد ديب وكلمة باسم الخريجين، ثم جرى توزيع الشهادات وعرض فيلم عن ذكريات طلبة الإنجيلية.