نشر موقع “بلينكس” الإماراتي تقريراً تحت عنوان “ماذا يعني احتلال جبل الشيخ للبنان؟”، وجاء فيه:
بعد انهيار النظام السوري، فجر الأحد 8 كانون الأول، وصلت إسرائيل إلى أراضٍ سورية لم تدخلها منذ توقيع اتفاق 1974، من بينها احتلال قمة جبل الشيخ الذي ينتهي سفحه داخل الحدود اللبنانية، علما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال إن منطقة الجولان التي احتلتها إسرائيل منذ العام 1967 والمُحاذية حدوديا للبنان، ستبقى “إسرائيلية للأبد”.
أمام كل ذلك، تبرز أسئلة أساسية على النحو التالي: ماذا يعني احتلال إسرائيل لقمة جبل الشيخ؟ وكيف يؤثر ذلك على لبنان استراتيجيا؟ وإلى أي مدى يتأثر حزب الله بالهجمات الإسرائيلية داخل سوريا؟
سيطرة استراتيجية على لبنان
جغرافيا، يمتدّ جبل الشيخ بين سوريا ولبنان، فيما يتجاوز ارتفاعه الـ2800 متر عن سطح البحر، ويُطلق عليه اسم جبل حرمون.
وخلال تقدمها البري، دخلت إسرائيل جبل الشيخ من جهة سوريا، علما أن هذا الجبل يمتد إلى هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل.
تاريخياً، بدأ الجيش الإسرائيلي احتلاله للجزء اللبناني من جبل الشيخ في أواخر تموز 1970 وحتى 2 آذار 1972، وذلك إلى جانب منطقتي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
وإثر مقتل نقيب إسرائيلي يُدعى دوف رودبرغ، يوم 6 أيلول 1970، بالقرب من منقطة رويسة العلم في جبل الشيخ، قررت إسرائيل استبدال كلمة “سفوح جبل الشيخ” بكلمة هاردوف. لغويا، فإن كلمة “هار” تعني جبل، بينما دوف هي نسبة للضابط دوف رودبرغ المولود عام 1948، وفق ما يذكر المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات.
من ناحيته، يقول الخبير العسكريّ اللبناني العميد هشام جابر لبلينكس إنّ جبل الشيخ يعتبر نقطة محورية جدا، مشيرا إلى أنه يطلّ على منطقة البقاع وسوريا وإسرائيل وأيضا على البحر المتوسط، ويضيف: “هذه منطقة استراتيجية، فقمة الجبل هي سورية بينما حدود لبنان تقع عند سفحه”.
يلفت جابر إلى أنّ إسرائيل سيطرت على قمة الجبل أثناء استفادتها من الفوضى القائمة في سوريا عقب انهيار نظام الأسد، مشيرا إلى أن هذا الأمر كان متوقعا، وقد حصل.
بدوره، يقول الخبير العسكري اللبناني العميد جورج نادر إن احتلال الجيش الإسرائيلي لقمة جبل الشيخ يمنحه قدرة للإشراف على منطقة جنوب لبنان بشكل دقيق، لافتا إلى أن هذا الاحتلال يُعطي الجيش الإسرائيلي فرصة للإشراف على منطقة البقاع بشرق لبنان وبالتالي التحكم بهاتين المنطقتين بأكملهما”.
هل بإمكان إسرائيل دخول لبنان من جبل الشيخ؟
التوسع الإسرائيليّ القائم في تلك المنطقة طرح تساؤلات عما إذا كان بإمكان إسرائيل الدخول عبرها إلى لبنان، لاسيما أنها تعتبر محاذية لمنطقة البقاع التي تعد خزانا وموئلا استراتيجيا لحزب الله.
وخلال الحرب التي خاضها الحزب ضد إسرائيل اعتبارا من 8 تشرين الأول 2023 وحتى 27 تشرين الثاني 2024 تاريخ إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، عمد الجيش الإسرائيلي مرارا الى استهداف البقاع فقصف مراكز عسكرية للحزب هناك كما دمر الكثير من الوحدات السكنية.
يوضح جابر أن فرضية دخول إسرائيل برا من جبل الشيخ باتجاه سلسلة لبنان الشرقية في البقاع “غير وارد”، مشيرا إلى أن هذا الأمر “غير آمن بالنسبة للجيش الإسرائيلي”، معتبرا أن حصول هذا الأمر يعني ارتكاب إسرائيل خطأ عسكريا كبيرا.
ويضيف: “في الأساس، فإن إسرائيل تُسيطر على البقاع من خلال الطائرات، ووفقا للضمانات الممنوحة لتل أبيب من قبل الولايات المتحدة الأميركية في اتفاق وقف إطلاق النار الأخير، فإنه يمكن لإسرائيل أن تستهدف حزب الله في أي مكانٍ داخل لبنان، وبالتالي فإن التوغل الإسرائيلي نحو البقاع مستبعد تماما.
ما قاله جابر أيده الخبير العسكري بسام ياسين الذي استبعد تماماً سيناريو احتلال لبنان من البقاع، موضحا أن الهجمات الإسرائيلية القائمة في سوريا تحصل بوتيرة متصاعدة وما من جهة تطالب بوقفها.
هل قطعت إسرائيل خط إمداد حزب الله؟
في حديثه مع بلينكس، يقول جابر إن حزب الله مُني بضربات كبيرة أبرزها سقوط النظام السوري، مشيرا إلى أن الحزب خسر خط إمداد أساسي له من خلال سوريا، وما حصل كان بمثابة تطويق له في لبنان، عسكريا واستراتيجيا لاسيما بعد الضربات الأخرى التي تلقاها خلال حربه الأخيرة مع إسرائيل.
وذكر جابر أنّ دخول إسرائيل نحو سوريا هو رسالة إلى “حزب الله” مفادها أن البلد الذي كان يعتمدُ عليه بات بمنأى عنه، وقال “على حزب الله أن يعيد قراءة ممارساته وسلوكه وأن يركن في لبنان فقط”.
من ناحيته، يقول ياسين إن “إسرائيل أخذت ما تريده من حزب الله خلال اتفاق وقف إطلاق النار الأخير، وذلك من خلال إبعاده عن منطقة جنوب الليطاني في جنوب لبنان وتجريده من سلاحه هناك”.