ألامين العام

“نحن نصدق السيد نصر الله”!

طوال عقود الصراع مع العدوّ “الإسرائيلي”، كرست المقاومة في لبنان حربًا نفسية، يصفها السيد حسن نصر الله بالصادقة، أي التهديد المبنيّ على قدرة موجودة ووقائع ماثلة لا على سراب أم إمكانية قدرة.

من خلال الحرب النفسية الصادقة، نجحت المقاومة في لبنان في بناء ثقة مع شعبها وناسها، وهو ما بات عرضة للهجوم الأميركي و”الإسرائيلي”، بل والعربي في السنوات الماضية، كما نجحت في استمالة مسامع المستوطنين في فلسطين المحتلة، خصوصًا في شمالها للإصغاء إليها، والشواهد كثيرة، حيث وصل كثير منهم إلى حد القول: نحن نثق بما يقوله نصر الله، وقادتنا يكذبون علينا.

أيضًا، الإعلام “الإسرائيلي”، وعند طرح السيد حسن نصر الله معادلات أو إطلاق تهديد، كانت تخرج أصوات تقول بوضوح: يجب أخذ ما يقوله نصر الله على محمل الجد.
في مراحل معينة، عمد :”الإسرائيليون” لمنع انتشار تهديدات وتصريحات السيد نصر الله، وإلى حجب بث خطاباته، بل ومنع تحليلها وتناقلها وفرد مساحات إعلامية لها، لكن فورة مواقع التواصل الاجتماعي خرقت ذلك الأمر، فبات حجب الأمر أكثر صعوبة.

ما كرسته المقاومة في لبنان، انسحب على باقي قوى المقاومة في المنطقة، خصوصًا في فلسطين المحتلة، حيث نشهد تحولًا زائدًا في هذا الصدد، إذ بات المستوطنون، خصوصًا عوائل الأسرى، ينتظرون ماذا سيخرج عن الناطق باسم كتائب القسام، إن في ما يتعلق بمصير الأسرى، أو للاطلاع على واقع التفاوض القائم، حيث توصّف المقاومة بدقة واقع ما يجري.

تأثير مصداقية كتائب القسام وباقي الفصائل يمكن لمسه ما بعد أي تصريح يخرج عن أبو عبيدة، أو مقطع مصور يعطي إيحاءات معينة، ما يؤدي إلى تحريك الشارع وخروج تظاهرات واعتصامات في قلب تل أبيب، بل ويردّد بعض المستوطنين ما تقوله المقاومة حول مقامرة نتنياهو وفريقه بمصير الأسرى.

هذا الأمر ليس وليد اللحظة، فما قبل السابع من أكتوبر، كانت المقاومة تمارس حربًا نفسية صادقة في ما يتعلق ببعض الأسرى لديها، أو عند التهديد بضربات صاروخية عند أي حدث في القدس أو الأقصى أو الضفّة الغربية.

إن عامل الحرب النفسية الصادقة، وما تقوله المقاومة، له تبعات هامة، يمكن البناء عليها مستقبلًا، إذ إن المستوطنين المتعطشين لمعرفة الوقائع الحقيقية باتوا يلجؤون أكثر إلى سماع خطاب قوى المقاومة، في مقابل اتهام قادتهم بالكذب.

إن قوى المقاومة عززت شرخ عامل الثقة بين الجمهور “الإسرائيلي” وقادته، تمامًا كما عزز ذلك الوعود الكاذبة لقادة العدوّ على مدى سنوات طويلة.

العهد الاخباري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى