كتبت صحيفة “الأخبار”: بعدَ تأجيل مؤتمر باريس الذي كانَ مقرّراً عقده في 27 شباط الماضي لدعم الجيش اللبناني، قرّرت فرنسا الاستعاضة عنه بقمة ثنائية بين الرئيس إيمانويل ماكرون وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني (عُقدت الأربعاء الفائت)، ووجّهت عبر سفيرها في بيروت هيرفيه ماغرو «دعوةً إلى قائد الجيش اللبناني ليكون حاضراً في قمة عسكرية ثلاثية ستُعقد على هامش القمة الأساسية، على أن يحمِل عون معه لائحة بمطالب واحتياجات الجيش على مختلف المستويات لبحثها في القمة المصغّرة كمرحلة أولى، تمهيداً لمناقشتها في المؤتمر الأوسع الذي سيُعقد لاحقاً (لم يُحدد موعده بعد)».
وعُلم أن عون «كانَ فعلاً يُحضّر للزيارة» من أجل المشاركة في القمة العسكرية، قبل أن تعود مصادر عدّة لتنفي ذلك، موضحةً أن «الزيارة كانت مقرّرة إلى المؤتمر الأساسي، وبما أنه التغى، فإن أسباب ودوافع الزيارة انتفت».
فما الذي حصل؟وفقاً لمصادر مطّلعة، دفعت مجموعة من الاعتبارات قائد الجيش إلى إعادة النظر في سفره إلى باريس، منها «البلبلة التي أُثيرت بشأن تأجيل المؤتمر الأساسي، ورواج معلومات عن انزعاج أميركي وحتى سعودي من المؤتمر، خاصةً أن الدعوة أتت من دون التنسيق مع الدول التي تساهم في الدعم وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، فضلاً عن التوقيت غير المناسب بالنسبة إليها».
وقالت المصادر إن واشنطن تعتبر أن «موضوع دعم الجيش أصبحَ مرتبطاً بما يجري في الجنوب، وأنه لا بد من تحديد حجم المساعدات تماشياً مع الدور المطلوب منه في الفترة المقبلة استناداً إلى المداولات القائمة بشأن الوضع في جنوب لبنان بعد انتهاء الحرب».
وعلمت «الأخبار» أن «موقف قطر يتماهى مع الموقف الأميركي ولو كان هناك اتفاق على قمة باريس، وقد رشحت تسريبات تقول إن قطر لن تفتح باب المساعدات قبل وضوح المسار، الأمر الذي أربك قائد الجيش الذي شعر بأن لا لزوم لذهابه، إذ لم تعد واضحةً هوية الجهة التي ستتولى التمويل بنفسها، من دون مساعدة الدول الأخرى».
كذلك، برزت عوامل داخلية شكّلت حرجاً كبيراً لقائد الجيش، إذ طُرحت أسئلة حول «خلفية البحث وكيفية التعامل مع عون، وهل يتم ذلك باعتباره موظفاً (فئة أولى) أم مرشحاً رئاسياً أم قائداً للجيش أم زعيماً مفترضاً؟»، وقد وصلت هذه الأسئلة إلى مسامع عون، مرفقةً باتهامات أنه صار «شريكاً في التعدي على صلاحيات رئاسة الجمهورية ولا مانع لديه من لعب أدوار كثيرة في ظل الفراغ الرئاسي».
فوقَ ذلك، أتت الدعوة في ظل الخلاف المستحكم بين وزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش، حول العديد من الملفات والكلام الكثير حول «تمادي قائد الجيش في تجاوز كل الأصول التي يجب أن تحكم العلاقة بينهما».
أما النقطة الأهم، والتي ناقشها البعض مع قائد الجيش، فهي «الالتباس الحاصل في ما خصّ تعيين رئيس الأركان»، وجرى التنبّه لها باعتبار أن «هذا الملف لم تنته فصوله، لا سياسياً ولا دستورياً. ومنذ أن عيّن مجلس الوزراء حسان عودة رئيساً للأركان لم تتوقف الأصوات الرافضة والمنتقدة، باعتباره غير دستوري، إذ جاء قرار التعيين من دون أن يصار إلى إرفاقه باقتراح من جانب وزير الدفاع، رغم أن المادة 66 من الدستور أولت، قبل التعيين، أن يكون الوزير قد تسلّم وزارته، ثمّ، وعملاً بأحكام قانون الدفاع الوطني، أن يأتي هذا التعيين بناءً على اقتراح وزير الدفاع، بحيث لا يمكن أن يأتي من قِبل الحكومة مباشرة».
فضلاً عن أن المرسوم الصادر عن الحكومة معرّض للطعن في أي وقت، و«قيادة التيار الوطني الحر أنجزت الصياغة النهائية للعريضة النيابية الاتّهامية التي أعلن عنها رئيسه النائب جبران باسيل بحق الحكومة، وذلك على خلفية قرار تعيين رئيس للأركان ومخالفات دستورية أخرى، تمهيداً للمحاكمة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء». وهذا يعني أن «رئيس الأركان قد لا يكون له الحقّ في أن ينوب عن عون عند غيابه ويمارس مهامه وصلاحياته، وهو ما قد يزيد الأمر تعقيداً وانقساماً سياسياً».