لا أوهام حول الإعلام الغربي وادعاءاته في المهنة والمثل والأخلاق وحقوق الإنسان. منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023، كان شاهد زور، بل شريكاً فاعلاً في الإبادة الموصوفة المستمرّة في غزّة.
آخر الفضائح آتية من كواليس «نيويورك تايمز» التي تحقّق مع «صحافية» إسرائيلية لديها، وضعت إعجاباً على منشورات على منصّات التواصل، تؤيد إبادة أهل غزة، فيما غضّت الصحيفة الطرف عن الفبركات والأكاذيب التي نشرتها «الصحافية» التي خدمت في الاستخبارات الصهيونية، في هذا المنبر «العريق»
تواجه صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية معضلةً أخلاقيةً كانت وراء إطلاق تحقيق داخلي ومراجعة لكاتبة مقال «صرخات بلا كلمات: كيف استخدمت «حماس» العنف الجنسي كسلاح في السابع من أكتوبر» الذي نُشر في 28 كانون الأول (ديسمبر) الماضي للصحافية الإسرائيلية أنات شوارتز.
بدأ التحقيق بعدما وجدت الصحيفة أنّ شوارتز أبدت إعجابها بمنشورات على منصات التواصل الاجتماعي، تدعو إسرائيل إلى إعدام الفلسطينيين وتحويل غزة إلى «مسلخ».
فبركات الاعتداء الجنسي على النساء التي خطفت عقل الجمهور الغربي في بداية الحرب، هي التي أعطت تغطيةً لسعار آلة القتل الإسرائيلية المستمرّة منذ أشهر. تقرأ ذلك وتسأل نفسك: هل كان يجب أن يَروي كل هذا الدم أرض غزة كي يستفيق الإعلام الأميركي؟
تخضع الصحافية الإسرائيلية «المستقلة» التي بدأت العمل مع الصحيفة الأميركية بعد عملية السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023، للمراجعة من قبل الصحيفة بسبب إعجابها بمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي أظهرت تأييداً للإبادة التي ترتكبها القوات الإسرائيلية، بما في ذلك منشورات دعت إلى تحويل غزة إلى «مسلخ» والترويج لكذبة الـ «40 طفلاً المقطوعي الرأس».
إذ تحظّر سياسة وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بصحيفة «نيويورك تايمز» على صحافييها التعبير عن آراء حزبية أو تأييد وجهات النظر السياسية.
خلال عملها في الصحيفة، ركزت تقارير شوارتز على إبراز «إسرائيل» في موقع الضحية، لا سيما كتابة فبركات عن العنف الجنسي التي تزعم أنّ المقاومة الفلسطينية ارتكبته.
كما أيدت منشورات قالت إنّه على الغربيين أن «يخافوا» حتى يصدّقوا أنّ «حماس» مثل تنظيم «داعش».
يواجه عمل شوارتز انتقادات داخلية، ما أدى إلى إزالة حلقة من برنامج The Daily podcast تتعلق بالقصة الأصلية.
وسارعت شوارتز إلى إلغاء تنشيط حسابها على منصة X لمدة وجيزة لإزالة المنشورات التي أعجبتها بعدما لاحظها المستخدمون.
لكنّ الأمر كان قد تحول إلى فضيحة بالفعل واضطرت إدارة الصحيفة إلى التحرك.
لم تكن أنات شوارتز مراسلة أو صحافية قبل السابع من أكتوبر الماضي. في الواقع، هي مخرجة أفلام تعاقدت معها صحيفة «نيويورك تايمز» فجأة في تشرين الأول الماضي.
وظهر المزيد من الأدلة على الإنترنت، تفيد بأنّ شوارتز خدمت أيضاً في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية.
أما مساعدها في كتابة اثنتين من المقالات، فهو ابن أخيها آدم سيلا.
مع تصاعد الفضيحة، كتبت إحدى وسائل الإعلام الرئيسية في كيان الاحتلال، «واي نت»، عن أنات شوارتز، نقلاً عن مصادر إسرائيلية تخوفت من أنّ تحرّك «نيويورك تايمز» ضد شوارتز، سيؤثر على السردية الإسرائيلية، وأنّ الحكومة الإسرائيلية تضغط على الصحيفة الأميركية لتغطية أمرها. أول من اكتشف إعجاب شوارتز بالمنشورات العنصرية التي تدعو إلى إبادة شعب غزة، هو حساب على منصة X يدعى zei_squirrel في 24 من الشهر الحالي.
بعدها، بدأ شعب الإنترنت يحقّق في خلفية شوارتز ويبحث عن أي شيء من آثارها الرقمية على الويب. تبين أيضاً أنها تعمل في «هيئة الإذاعة العامة الإسرائيلية ـ كان» منذ عام 2021، واستمرت في عملها خلال كتابة الفبركات التي نشرتها «نيويورك تايمز».
ما يعني أن الصحيفة كانت على دراية بكل هذه الأمور، لكنها قررت الاعتماد على مخرجة أفلام صهيونية تعمل في «كان»، وجندية سابقة في الاستخبارات الإسرائيلية، من أجل كتابة مقال كاذب عن العنف الجنسي الذي يدّعي أنّ «حماس» مارسته في السابع من أكتوبر!
وتخرج علينا اليوم «نيويورك تايمز» لتقول إنّها تحقق في شوارتز لمخالفتها قواعد الصحيفة في كيفية الظهور على منصات التواصل! يا للمسخرة!
ركّزت تقارير أنات شوارتز على إبراز «إسرائيل» في موقع الضحية
منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023، كشف الإعلام الغربي عن وجهه وحقيقته، وليست «نيويورك تايمز» سوى مثل إضافي عن أخلاقيات هذا الإعلام الذي اتّكلت عليه الهاسبارا الصهيونية للترويج لسرديتها وأكاذيبها ولفظائع لم ترتكبها المقاومة الفلسطينية من الأساس.
وعلى إثر ذلك، نجح هذا الإعلام في غسل دماغ الجمهور الغربي في بداية الحرب، وبدأت آلة القتل الصهيونية في العمل داخل غزة: حوالى 30 ألف فلسطيني استشهدوا، وأكثر من 70 ألفاً من الجرحى منذ بداية حرب الإبادة والتطهير العرقي بحق شعب غزة.
بحرٌ من دماء النساء والأطفال غض الغرب النظر عنه بداية الحرب بناءً على فبركات إسرائيلية تبنّتها كبرى وسائل الإعلام الغربية.
فبركات سمحت للمجزرة بأن تحصل، ومنحت تغطيةً للجزّار الصهيوني من أجل أن يروي عطشه للدماء… وما زالت المجزرة مستمرّة!