ذكر موقع “Middle East Eye” البريطاني أن “غارة أميركية بطائرة مسيّرة اغتالت، في 7 شباط، قائد مجموعة عراقية، أبو باقر الساعدي، في قلب بغداد. ما حدث كان بمثابة تصعيد إضافي في جبهة جديدة رئيسية في الحرب الأميركية الإسرائيلية في الشرق الأوسط، والتي تتمحور حول الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة ولكنها تمتد إلى التطهير العرقي في الضفة الغربية المحتلة، والهجمات الإسرائيلية على لبنان وسوريا، والقصف الأميركي البريطاني على اليمن”.
وبحسب الموقع، “جاء هذا الهجوم الأميركي الأخير في أعقاب سلسلة من التفجيرات الأميركية ضد عشرات الأهداف في العراق وسوريا الأسبوع الماضي، مما أسفر عن استشهاد 39 شخصًا على الأقل. ووصفت إيران الضربات بأنها “خطأ استراتيجي”، بينما قال العراق إنها ستؤدي إلى “عواقب وخيمة” على الشرق الأوسط. في الوقت نفسه، قام وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بجولة في عواصم المنطقة، حيث لعب الدور الأميركي التقليدي كوسيط غير أمين بين إسرائيل وجيرانها، بينما كان في الواقع شريكًا مع إسرائيل لتزويد الفلسطينيين بشروط مستحيلة، وانتحارية تقريبًا، لوقف إطلاق النار في غزة. ويبدو أن ما اقترحته إسرائيل والولايات المتحدة، ولكن لم يتم الإعلان عنه، هو وقف إطلاق نار مؤقت ثانٍ، يتم خلاله تبادل الأسرى أو الرهائن، مما يؤدي في النهاية إلى إطلاق سراح جميع الإسرائيليين المحتجزين في غزة، لكنه لن يضع بأي حال من الأحوال نهاية للإبادة الجماعية”.
وتابع الموقع، “إذا أطلق الفلسطينيون بالفعل سراح جميع الرهائن الإسرائيليين كجزء من صفقة تبادل الأسرى، فإن ذلك من شأنه أن يزيل العقبة الوحيدة أمام التصعيد الكارثي للإبادة الجماعية. وعندما ردت حماس باقتراح مضاد لوقف إطلاق النار الكامل والانسحاب الإسرائيلي من غزة، رفض الرئيس الأميركي جو بايدن الاقتراح جملة وتفصيلا ووصفه بأنه “مبالغ فيه”، في حين وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه “غريب” و”وهمي”. ويتلخص موقف الولايات المتحدة وإسرائيل اليوم في أن إنهاء المذبحة التي أسفرت بالفعل عن مقتل أكثر من 27 ألف شخص ليس خياراً جدياً، حتى بعد أن قضت محكمة العدل الدولية بأنها قضية إبادة جماعية معقولة”.
وأضاف الموقع، “الآن يطلب بايدن من إسرائيل “حماية” المدنيين قبل شن هجوم شامل على رفح، لكن من الواضح أن هذا مستحيل. ووفقاً لتقديرات إسرائيل الخاصة، فقد قتلت وأسرت ثلث قوات حماس فقط ودمرت ثلث أنفاقها، مما يعني أنه إذا سُمح لها بالاستمرار، فإن الدمار والمذبحة المقبلة ستكون أسوأ من المذبحة غير المسبوقة التي ارتكبتها بالفعل”.
المهمة المستحيلة
وبحسب الموقع، “إن دعم الولايات المتحدة لسياسات الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل يذهب الآن إلى ما هو أبعد من فلسطين، مع توسيع الحرب إلى العراق وسوريا واليمن في محاولة لمعاقبة دول وقوى إقليمية أخرى لتدخلها للدفاع عن الفلسطينيين. وقال مسؤولون أميركيون إن ضرباتهم الأخيرة تهدف إلى وقف الهجمات التي تدعمها إيران على القواعد الأميركية، لكن المجموعة العراقية الرائدة علّقت بالفعل هجماتها ضد أهداف أميركية في أواخر كانون الثاني. وقال ضابط عسكري عراقي كبير لبي بي سي الفارسية إن واحدة على الأقل من الوحدات العسكرية العراقية التي قصفتها الولايات المتحدة في 2 شباط لا علاقة لها بالهجمات على القواعد الأميركية”.
وتابع الموقع، “تفاوض رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قبل عام على اتفاق للتمييز بوضوح بين وحدات قوات الحشد الشعبي التي كانت جزءاً من “محور المقاومة”، والتي تخوض حرباً منخفضة المستوى ضد قوات الاحتلال الأميركية، ووحدات أخرى من قوات الحشد الشعبي التي لم تشارك في الهجمات على القواعد الأميركية. ومن المأساوي أن الولايات المتحدة فشلت في تنسيق هجماتها مع الحكومة العراقية، ومن الواضح أن هذا الاتفاق فشل في منع الولايات المتحدة من مهاجمة القوات العراقية الخطأ. وليس من المستغرب أن بعض المحللين وصفوا الجهود الشجاعة التي يبذلها السوداني لمنع حرب شاملة بين القوات الأميركية والمقاومة الإسلامية في بلاده بأنها مهمة مستحيلة”.
وأضاف الموقع، “في أعقاب الهجمات الأميركية، بدأت القوات المسلحة في العراق في شن ضربات جديدة، بما في ذلك هجوم بطائرة مسيّرة أدى إلى مقتل ستة جنود أكراد في أكبر قاعدة أميركية في سوريا. وبالتالي، فإن التأثير المتوقع للقصف الأميركي كان في الواقع رفض الجهود التي تبذلها إيران والعراق لكبح جماح قوى المقاومة، وبالتالي تصعيد الحرب التي يواصل المسؤولون الأميركيون الزعم بأنهم يريدون ردعها. من الصحفيين والمحللين ذوي الخبرة إلى حكومات الشرق الأوسط، حذروا الولايات المتحدة بلغة صارخة على نحو متزايد من مخاطر حملات القصف المتصاعدة. ولكن ما ينبغي على الأميركيين أن يسألوه لحكومتهم هو: لماذا لا يزال هناك 2500 جندي أميركي في العراق؟”
وبحسب الموقع، “طلبت الحكومات ومجالس النواب العراقية المتعاقبة من الولايات المتحدة سحب قواتها من البلاد. ولكن مع استمرار المحادثات حول هذه القضية، أصدر العراقيون والأميركيون تصريحات متناقضة حول الهدف النهائي. وبينما يسعى العراقيون إلى الانسحاب الفوري، اقترح المسؤولون الأميركيون أن تبقى القوات الأميركية لمدة تتراوح بين عامين وخمسة أعوام أخرى. وفي الواقع، لا يبدو أن الهدف الحقيقي للقواعد العراقية بالنسبة للجيش الأميركي يتعلق بتنظيم الدولة الإسلامية على الإطلاق، بل بإيران. ورغم أن الولايات المتحدة لديها أكثر من 40 ألف جندي متمركزين في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، و18 ألف جندي آخرين على متن سفن حربية في البحار المحيطة بها، فإن القواعد التي تستخدمها في العراق هي الأقرب إلى جزء كبير من إيران”.
وتابع الموقع، “إذا خسر البنتاغون هذه المنشآت في العراق، فإن أقرب القواعد التي يمكن أن يهاجم منها طهران ستكون معسكر عريفجان وعدة قواعد أخرى في الكويت، حيث سيكون 13500 جندي أميركي عرضة للهجمات المضادة الإيرانية، ما لم تسحبهم الولايات المتحدة أيضًا بالطبع. بينما يعمل الأميركيون على وضع حد لدعم حكومة الولايات المتحدة للإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل والقمع الذي تمارسه ضد الشعب الفلسطيني، ينبغي لهم أيضاً أن يعملوا من أجل انسحاب قوات الاحتلال الأميركية الذي طال انتظاره من العراق وسوريا وأماكن أخرى في الشرق الأوسط”.