في الإحصاءات الرسمية، لا يتجاوز عدد النازحين السوريين في البقاع 420 ألفاً.
غير أن الإحصاءات الأمنية تؤكد أن العدد أصبح يقارب مليونين، وأن هناك نحو 120 ألف وحدة سكنية مستأجرة أو مملوكة من سوريين، في وقت يُسجل ارتفاع مطّرد في معدلات الجرائم والسرقات في مجتمعات النازحين. هذا العدد كافٍ وحده لأن يكون خبراً أساسياً.
وفي وقت تنشغل القوى السياسية بكل ما هو ثانوي، تحوّل النازحون السوريون في البقاع، في الأشهر الأخيرة، إلى قنبلة موقوتة على كلّ المستويات، تكمن خطورتها، باعتراف أجهزة أمنية رسمية، بأنه “فات أوان تفكيكها” بعدما أصبحت متجذّرة في هذه المنطقة من شمالها إلى جنوبها، اجتماعياً واقتصادياً وأمنياً، وبعدما أصبحت بلدات بأكملها بحكم “الساقطة” في أيدي النازحين.
في غمرة حرب غزة، وانشغال لبنان باحتمالات وقوع حرب فيه، تسرّب خبر عن بعض الجمعيات الإنسانية العاملة مع النازحين السوريين في البقاع، بأن إسرائيل لن تقصف مخيمات النازحين، وفي حال تمكّنت من القضاء على حزب الله، فإنها ستساعد في تحويل المخيمات المؤقتة إلى مخيمات دائمة على شكل أبنية.
هذا الخبر أثار ريبة أمنية من الهدف من الترويج له، ولا سيما أنه انتشر بشكل واسع ولاقى استحساناً في هذه التجمّعات، علماً أن المعاينة الجغرافية لتوزّع مخيمات النازحين في نقاط استراتيجية معروفة منذ زمن الحروب المتتالية، تطرح أسئلة عن قدرة هذه المخيمات على قطع طريق البقاع ــ بيروت والجنوب في دقائق.
هذا التوزّع مقلق بقدر القلق من كل ما يثير المخاوف أمنياً من عمليات إرهابية وخلايا نائمة ومن تنظيم عمليات السلب والقتل وإطلاق النار والتضارب بالعصي. وهذا الأخير يعني احتمال الانتقال إلى مرحلة القتل واستخدام السكاكين والبنادق والمسدّسات.
في ظل هذا العجز، تصبح للمفوضية العليا للاجئين والمنظمات الإنسانية الكلمة الفصل في ما يجري، وهي تعرف رخاوة اللبنانيين وحسّهم التجاري، فتستفيد من هذه الثغرة ومن الوضع الاقتصادي لتستخدم أموالها في تغطية كماليات النزوح في شكل يتعدّى اليوميات الضرورية.
وإذا كان ذلك يتم في كل المناطق، إلا أنه في البقاع وقياساً إلى عدد المخيمات وعدد النازحين يصبح الوضع أكثر خطورة لجهة حجم الأموال التي تُدفع والغايات الحقيقية من ورائها.
فعلياً، هناك تفاصيل تتعلق برشوات رؤساء بلديات بمشاريع مائية وكهربائية وإعمارية لتحسين عيش النازحين، وحين تتأزّم بعض التفاصيل وتنكشف السمسرات تُحل المجالس البلدية، لكنّ التنفيعات تبقى قائمة، وكذلك الهدر المتمادي في أموال المنظمات لصالح السوريين، فيما وزارة الداخلية المسؤولة عن البلديات بدورها تغضّ النظر عن تلك التي تستفيد من النزوح السوري في معظم المناطق.
العمولات التي تُدفع لمشروع قيمته عشرة آلاف دولار تكاد تكون عشرة أضعاف هذه القيمة يستفيد منها لبنانيون عبر المنظمات وبتغطية من المفوضية، فيما لا سلطة رقابية على هذه المنظمات بحسب مصادر أمنية، إذ تعمل كلها عشوائياً ومن دون أي محاسبة، بعضها يصل من خارج لبنان ويبدأ العمل من دون أي ضوابط أو رقابة، لتتحوّل هذه المنظمات إلى عنصر مساعد في إقناع المفوضية والجهات المانحة بعدم وقف الدعم، ولا سيما لدى الدول الأوروبية التي يحكمها هاجس وحيد هو عدم السماح بهجرة النازحين من لبنان إليها.