أعلن الأمين العام ل”حزب البعث العربي الإشتراكي” علي يوسف حجازي عن “العمل لإعادة إحياء تشكيل “قوات البعث” كفصيل مقاومة في لبنان، وتعزيزه وإيلائه الإهتمام الكبير، لأن في ظل ما نشهده في غزة من جرائم صهيونية غير مسبوقة، لا بد من أن تكون مسؤوليتنا الأساس الإستعداد للمواجهة الكبرى التي ستؤدي إلى نتيجة واحدة هي زوال هذا الكيان الإسرائيلي الغاصب الذي لن يبقى في ظل وجود مقاومة حقيقية”.
جاء ذلك خلال احتفال تأبيني حاشد أقامه الحزب في قاعة تموز في بعلبك، لمناسبة ذكرى أربعينية مدير “مركز باسل الاسد الثقافي الاجتماعي” في بعلبك، قائد “قوات البعث” سابقاً نعيم عبد الحسن شقير، بحضور النائب غازي زعيتر، مسؤول منطقة البقاع في “حزب الله” الدكتور حسين النمر، رئيس قسم محافظة بعلبك الهرمل دريد الحلاني ممثلاً المحافظ بشير خضر، رئيس اتحاد بلديات بعلبك شفيق قاسم شحادة ممثلاً بنائبه جمال عبد الساتر ، رئيس بلدية بعلبك بالتكليف مصطفى الشل، وقيادات أمنية وعسكرية، وممثلي الأحزاب اللبنانية الوطنية والقومية والإسلامية والفصائل الفلسطينية، وفاعليات دينية وبلدية واختيارية وتربوية واجتماعية.
وبعد تقديم عريف الحفل المربي صبيح يونس نبذة عن مناقبية ومسيرة الراحل، تحدث حجازي، مؤكداً أنه “من الضروري التذكير بجهاد ومقاومة رفيقنا أبي فراس، مع ورفاقه في حزب البعث العربي الإشتراكي، في صفوف قوات البعث التي قاومت وناضلت ونفذت عمليات قتالية واستشهادية، وكان للراحل بصمات أساسية فيها، ونحن وفاؤنا للراحل الكبير بإعادة إحياء تشكيل قوات البعث كفصيل مقاومة في لبنان، وهذا ما نحن كنا قد أعلناه، وهذا ما نحن سنعمل في المرحلة المقبلة على تعزيزه وإيلائه الإهتمام الكبير، لأن في ظل ما نشهده في غزة من جرائم صهيونية غير مسبوقة، لا بد من أن تكون مسؤوليتنا الأساس كأحزاب وطنية وعروبية وقومية وإسلامية هي الإستعداد للمواجهة الكبرى التي ستؤدي إلى نتيجة واحدة هي زوال هذا الكيان الإسرائيلي الغاصب الذي لن يبقى في ظل وجود مقاومة حقيقية”.
وتابع: “الوفاء للراحل الكبير يكون من خلال وقوفنا إلى جانب سوريا بشار حافظ الأسد، سوريا التي انتصرت على الإرهاب، وكان لأبي فراس دائماً وأبداً الحرص الكبير على أن يكون سنداً لسوريا ولجيشها في مواجهة هذا الإرهاب التكفيري الذي استهدف سوريا وكان يستهدف كل المنطقة دون استثناء، كان يستهدف العروبة والإسلام المعتدل والفكر الصحيح الهادف إلى رقي هذه الأمة، وتحويلها إلى سجن كبير فيه القتل والذبح والتكفير والتهجير، من هنا نكون نحن في موقعنا الطبيعي إلى جانب سوريا. وأيضاً وفاؤنا لمن ناضلوا في حركات المقاومة يكون من خلال وقوفنا إلى جانب المقاومة في فلسطين التي انتصرت والتي تسطر منذ 7 تشرين الأول أعظم انتصار، وتصنع تحولاً في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، هذه المقاومة وبالرغم من كل محاولات التشويه، وكل محاولات التقليل من أهمية ما تقوم به، فيكفي ما يعترف به قادة هذا الكيان بأنهم هزموا أمام المقاومة في فلسطين. ونحن نقول لقيادة هذه المقاومة إياكم والخضوع إلى ضغوطات، وإياكم والقبول بأقل من الشروط التي وضعتموها، وفي مقدمتها خروج الجيش الصهيوني من قطاع غزة، وإعادة الإعمار، وفك الحصار، وإخراج المعتقلين من السجون، ونحن نعلم أنكم تتعرضون لضغوط كبيرة، ولكننا ندرك أن في هذه المقاومة قيادات لا يمكن لها أن ترضخ ولا يمكن لها أن تركع”.
وأضاف: “وفاؤنا أيضاً لراحلنا الكبير هو بأن نكون إلى جانب المقاومة في لبنان بقيادة سماحة السيد حسن نصرالله، وإلى جانب كل القوى المقاتلة اليوم في جنوب لبنان، لأنه لولا هذه المقاومة كان محسوما في حال حقق هؤلاء الصهاينة انتصاراً في غزة كان سيأتي الدور على لبنان، ما غزي قوم في ديارهم إلا وذلوا، هذه المقاومة عندما اتخذت القرار بالقتال في سوريا إنما لرفع الذل ولتجنب المعركة في لبنان مع القوى التكفيرية، واليوم حينما تقاتل على طول الجبهة مع فلسطين المحتلة، إنما تقاتل لمنع استهداف هذا البلد، ونحن لا تقدم لنا ضمانات لا قوى خارجية، ولا طروحات تافهة تشبه الطرح الفرنسي الأخير الذي يدعو إلى انسحاب المقاومة من جنوب الليطاني، والذي يدعو إلى تسليم سلاح المقاومة في جنوب الليطاني، والذي يتحدث عن خروج صهيوني من بعض النقاط مستثنياً مزارع شبعا. ونحن طبعاً في بادئ الأمر أول ما نريده مع هذه المقاومة هو تحرير مزارع شبعا، هذه الطروحات التافهة لا تقدم لنا ضمانات ولا حلول ولا تقدم لنا أي شعور بالأمان، لأن هذا المجتمع الدولي دائماً وأبداً كان إلى جانب هذا العدو”.
وأردف: “قد يكون لافتاً أن نفس القوى التي قاتلتها قوات البعث، التي كان يقودها الراحل أبو فراس، من يمين متطرف، نراها اليوم في كل طروحاتها تنسجم مع العدو الصهيوني، تنسجم مع الطروحات الأميركية والغربية، تستفيق فجأة إلى تنفيذ القرار 1701 متجاهلة أن إسرائيل خرقت هذا القرار آلاف المرات، هذه القوى تقدم طرحاً تريد من خلاله أن تحول الجيش اللبناني إلى ما يشبه ناطور على الحدود مع فلسطين المحتلة. إن هذا الجيش بعقيدته وبتضحياته، وبضباطه وأفراده، لا يمكن له أن يكون ناطوراً لهذا العدو. ونسأل هذه القوى أين هو التسليح للجيش اللبناني؟ ومن يمنع التسليح عن الجيش اللبناني؟ ومن يضع شروطاً يمنع من خلالها امتلاك الجيش اللبناني صواريخ يصل مداها إلى أكثر من 8 كلم؟ أليسوا حلفاءكم، أليسوا الأميركيين؟ ولكن عند هذا المنطق دائماً وأبداً يردون علينا باتهام للمقاومة أو بتحريف الحقائق”.
ورأى أن “الثابت والراسخ والأكيد أن الإنتصار حاصل حاصل، وأن زوال هذا الكيان بات واقعاً من خلال ما جسدته المقاومة من صبر وصمود طوال المرحلة الماضية، نحن لو كنا نرد على مقولة “العين لا تقاوم المخرز”، وأنه “لا يمكن هزيمة إسرائيل وجيشها الذي لا يقهر”، لما تم تحرير لبنان، ولما كان هناك اليوم مقاومة في غزة، ولم يكن هناك انتصار 7 تشرين الأول. ولذلك المنطق يقول أن هذه المقاومة ستنجح إن شاء الله في تحرير فلسطين، كل فلسطين من البحر إلى النهر، وسيزول هذا الكيان من الوجود”.
وختم حجازي مشدداً على أن “الوفاء لأبي فراس هو أيضاً بالحفاظ على مركز الشهيد باسل حافظ الأسد، هذا المركز الذي كان حلم الراحل أبو فراس، همه، وهاجسه. نحن بحفاظنا على هذا المركز إنما نحفظ ذكرى راحلنا الكبير”.
وألقى النائب زعيتر كلمة حركة “أمل”، فقال: “نلتقي اليوم في ذكرى أربعين فقيد غالٍ ترك بصماته في مسيرة النضال والعمل الوطني، نلتقي في شهر شباط، شهر انتفاضة السادس منه التي انتشلت لبنان من براثن العصر الإسرائيلي، وقادته إلى الحضن العربي، انتفاضة قادها دوله الرئيس نبيه بري، فأسقطت اتفاق 17 أيار، وشكلت الحاضن الأساس لتطور مشروع المقاومة، فتحية إكرام وإجلال لأرواح الشهداء في أربعينك أيها المتحدر من سلالات الرجال النحلاويين البعلبكيين الذين باكرا أعلنوا الإنتماء لمشروع النهوض والتحرر الوطني والقومي والعربي، عندما كانت هذه المفاهيم ما زالت غريبة عن أدبيات مجتمعاتنا. فمنذ بدايات القرن الماضي لبى أجدادك نداء الثورة العربية، وتاليا نداء الثورة السورية الكبرى، ومن ثم انخرطوا في دحر مشاريع الاحلاف والهيمنه على بلادنا. هذا خبز من هذا العجين الذي فيه اختمر هذا الحب والولاء الذي وجدت ان ما يترجمه ويحقق لشخصك ونفسك وعزمك ساحات العمل والنضال، إنما في المدرسة التي صاغ أقانيم فكرها وشاد عماد بنيانها الفكري والتنظيمي بما يلامس ما كنت تسعى اليه، “البعث” الذي جعل منه الرجل الاستثنائي والتاريخي الرئيس الراحل حافظ الأسد حزبا للبناء وتأسيس الدولة، وفاتحا لمغاليق العقول والأفكار، ومطلقا لطاقات الأمة، محررا إياها من أولويات الكبح والجمود، ليضع حافظ الأسد ملحمة التصحيح وتشرين التحرير، والمبادرة التي أخرجت لبنان من فم تنين التقسيم والصهينة، وليبقى نجما في الفضاء العربي”.
وأضاف: “اليوم نؤبن واحداً من رجالاتنا الذي نذر نفسه في ميادين القتال، حيث دافع عن عروبة لبنان وخياره المقاوم في أكثر من ساحة وجبهة، ورعى العمل الثقافي والفكري في هذه المنطقة، متابعا إدارة مركز الشهيد باسل الاسد الثقافي، ليعطي المثال على أن الالتزام الحزبي والوطني ليس منحصرا فقط في البندقية، بل مجالاته حيث الإنسان والاهتمام به، بقضاياه الاجتماعية والحياتية والسياسية”.
وتابع: “ما أحوجنا اليوم أبا فراس لحضورك بيننا لترى رفاقك وإخوانك يقدمون أغلى ما عندهم من أجل لبنان وفلسطين والمنطقة، شهادتهم ودماءهم الزكية ستكون عنوانا للنصر على عدو البشرية والانسانية إسرائيل”.
وقال: “نقف اليوم على هذه التجربة التي قدمتها هذه المنطقة، التي عبرت عن وقوفها خلف الإمام القائد السيد موسى الصدر في مسيرة المقاومة ورفض الحرمان وإسقاط نظام الطائفية السياسية وبناء دولة العدالة والمواطنة، الدولة الراعية لجميع أبنائها ومناطقها، لا تميز منطقة عن أخرى. واستمر بحمل هذه الأمانة وهذا النهج دولة الرئيس الأستاذ نبيه بري، الدوله التي تنظر إلى الجنوب باعتباره السد المنيع في مواجهة أطماع العدو الإسرائيلي بمياهه واقتصاده وإنسانه، وتجربة عيشه الواحد المشترك. إن حماية الجنوب تبقى على رأس الأولويات حتى لا يصبح القلب والأطراف كلها في دائرة الإستهداف. وعندما نحمي الجنوب نكون نحمي لبنان في كل بقاعه ومناطقه، من هذا الكيان الذي وصفه الإمام الصدر بأنه الشر المطلق، والتعامل معه حرام”.
وأردف: “ناضل نعيم شقير من أجل دولة تنظر إلى البقاع والأطراف والمناطق المحرومة في عكار وجرود جبيل نظرة تنموية نهضوية شاملة، كي لا يبقى واقع الحرمان صفعة على جبين التجربة اللبنانية وصورة الوطن الحضارية. ناضل نعيم عبد الحسن شقير من أجل ترسيخ وحدة المسار والمصير بين لبنان وسوريا، وهو المسار الذي صاغته حركة الحياة في البلدين ولشعب البلدين عبر السنين والدهور”.
ورأى أن “حزب البعث العربي الاشتراكي مدرسة الوحدة والنضال، سيبقى مدرسة من المستحيل القفز فوق منجزاتها، وسيبقى حزبا ولادا للكوادر والقيادات والرجال الاستثنائيين، فأقدموا على خوض معارك النضال في أبعادها وأشكالها جميعا، بالإستناد إلى هذا الإرث الكبير لحزبكم، وتفاعلا مع مشاريع التجديد والتطوير التي يرعاها الرئيس الدكتور بشار الاسد. وإن اخوتكم في حركه أمل وفي حزب الله وفي الاحزاب والقوى الوطنية، يراهنون على كسب الرهان في أن تبقى هذه التجربة معلما من معالم العمل الوطني والقومي في بلادنا”.
وأضاف: “نؤمن في حركة أمل وإياكم، أنه لا ثبات ولا استقرار في هذا الإقليم إلا بثبات واستقرار سوريا التي عملت قوى التحالف الصهيوني الإرهابي التكفيري على استهداف عناصر دورها وحضورها وعناوين قوتها التي هي قوة العرب، سوريا التي خاضت وتخوض بقيادة الرئيس الدكتور بشار الاسد معركة الصمود وكسر الهجمة، وإعادة اللحمة والبناء، بالإستناد إلى الجيش العربي السوري والشعب وقوى المقاومة، لتعيد ترميم ما اهتز وتخلخل في توازنات الإقليم التي شكلت سوريا حجر زاوية قوته”.
وأشار إلى “أننا اليوم وأمام ناظرينا وقائع الحرب التي تشنها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، إنها الحرب المعلنة على أمتنا وبكافة أنواع الأسلحة السياسية والاقتصادية والعسكرية، التي تقودها إسرائيل بالاصالة عن نفسها، وبالنيابة عن كل الموتورين الحاقدين والحذرين من نهضة وصحوة وصمود ومقاومة الشعب الفلسطيني والمقاومة. هي حرب إبادة جماعية وتطهير عرقي تقودها إدارة بايدن ضد شعبنا في كل مكان، ومعها من دار ويدور في فلكها خوفاً وتبعية وأملاً في المغانم، هؤلاء الذين اختلفوا على الخير واتفقوا على الشر”.
واعتبر أن “هذه المناسبات حول رجال كبار تستنهض فينا الهمة والنضال لمواجهة المخاطر التي تواجه شعبنا ووطننا في كل مكان، في لبنان وسوريا وفلسطين والعراق واليمن والجمهورية الاسلامية في إيران. بتمسكنا بالوحدة الوطنية والثلاثية الذهبيه شعب وجيش ومقاومة، مقاومة سيمتها الأساس أنها لم تكن مناطقية ولا طرفية، فاذا كان الجنوب ساحتها وميدانها، فعمقها هنا في البقاع لنكون جميعا يداً واحدة في مواجهة هذا الشر المطلق”.
وأعلن أن “من واجبنا الإسراع بترتيب الأوراق الوطنية اللبنانية، وأولها انتخاب رئيس للجمهورية انطلاقا من حوار وطني دعا إليه دولة الرئيس الأستاذ نبيه بري. وللبعض الذي ادعى أن الرئيس بري أقفل مجلس النواب، نقول هؤلاء لا يفقهون الدستور والقوانين، وكلامهم مجاف للحقيقه، والوقائع تؤكد عكس ذلك، فقد عقد الرئيس بري 13 جلسة انتخاب، وكان لديهم مرشحاً أولاً وثانٍ وثالث، ونحن مرشحنا الوزير سليمان فرنجية، ودعوتنا الدائمة لهم هي الحوار”.
وختم زعيتر لافتا إلى أن “المقاومة السياسية والعسكرية صنوان، والزيارات التي يقوم بها وزراء دول أجنبية أو صديقة كل حديثهم هو عن 100 ألف صهيوني مهجرين من شمال فلسطين، همهم عودة المستوطنين، ويتجاهلون أن أكثر من 100 ألف لبناني وعائلة هجروا من الجنوب. ولكن هنا شعب أبي ومقدام، يضحي وهو مستعد لتقديم المزيد من التضحيات دفاعاً عن حقه وعزته وكرامته، ونحن في لبنان كنا وما زلنا نلتزم بالقرارات الدولية، والذي يخرق القرار 1701 هو العدو الإسرائيلي”.
وبدوره تقدم النمر بالتعازي باسم قيادة حزب الله، “إلى عائلة الراحل العزيز، إلى زوجته وأبنائه وبناته وإخوانه، وزملائه ومحبيه وإلى قيادة حزب البعث العربي الإشتراكي وكل رفاقه”، مشيرا إلى أن معرفته بالراحل كانت عام 1990، “وأصبحت جارا له، وأهم ما لفت انتباهي في هذا الرجل أنه كان كريم النفس وسخياً، يحب جيرانه، وكان عروبياً يؤمن بلبنان وطنا للجميع، لكل أبنائه وطوائفه، منحازا للجمهورية العربية السورية على قاعدة مصلحة لبنان، لأنه يعتبر أن سوريا تمثل ظهيرا قويا لوطننا لبنان، وعلينا أن نضع يدنا بيدها من أجل شعبين عربيين عزيزين كريمين، إذا ما قوي عودهما يستطيعان أن يقفا في وجه هذا العدو الغاصب إسرائيل. لقد حمل السلاح من أجل لبنان، وكان لديه قناعة بأن هذا العدو لا يفهم إلا بالقوة، وان لغة الاستسلام والخنوع، ولغة الخطوة إلى الخلف لا تفيد مع هذا العدو، لذلك كان يحب أن يبقى متشبثاً بسلاحه، لأنه يعتبره رمز القوة التي نناضل من أجلها. ولظروف متعددة انقطعت عن رؤيته لفترة حتى عام 2019 عندما كلفت بمسؤولية قيادة منطقة البقاع، كان يحب زيارتي وأنا كنت آنس لجلسته، ولقد كان محبا لمركز باسل الأسد الذي شكل جزءا من اهتمامه ومتابعته، ومحبته للمركز له علاقة بارتباطه بسوريا، لأنه يعتبر بعد السكين التي ضربت في ظهر سوريا، وبعد أن رحل الجيش العربي السوري من لبنان، ليس من الوفاء أن يدير لبنان ظهره إلى سوريا، ويعتبر أن من تعامل مع سوريا بهذه الطريقة بإدارة الظهر كان خائنا لهذا البلد الذي قدم شهداء في لبنان. وهو يعتبر نفسه قليل الحيلة أو ليس لديه إمكانيات حتى يعطي لسوريا، فاعتبر أن حفاظه على مركز باسل الأسد وبقاء ذكر باسل الأسد إبن الرئيس حافظ الأسد العربي السوري، القائد العربي الفذ، هو جزء من الوفاء لسوريا. ولديه أسباب أخرى تجعله لصيقا بهذا المركز، منها أنه أحب مدينة بعلبك وعائلاتها وأبناءها، ودائما كان يؤكد أن هؤلاء الشباب هم أمانة في أعناقنا، ويرغب بأن يقدم لعنصر الشباب نهجا واضحا له علاقة بالمقاومة”.
ورأى أن “أبا فراس لم يكن يهتم بالأنشطة الثقافية لمجرد أنها أنشطة ثقافية، ولم يكن يهتم بالدورات التربوية لمجرد أنها دورات تربوية، ولم يكن يتابع إداريا في المركز لأنه موظف، ولم يكن يرغب بهذا العمل لمجرد أنه ناشط سياسي أو اجتماعي، كان يريد أن يقوم بهذا الدور حتى يعبئ من أجل المقاومة، وتاريخه الماضي وحاضره يرغب أن يسخره من أجل الوجود في حركة هذا الصراع الكبير على مستوى الأمة. واعتبر أن من واجبه أن يكون منسجما مع مبادئه”.
وأردف: “الراحل الكبير أبو فراس كان واحداً من رجالات هذه الأمة، أعطى ما استطاع وناضل ما أعطاه الله، وفكر وعمل مع رفاق دربه كل ما تستطيع. وكان حنونا مع عائلته وأولاده ولديه هم بأن يصبحوا كبارا وشركاء في هذه الحياة كما يريد”.
وأضاف: “طبت نفسا يا أبا فراس، نحن وأنت لدينا يقين بقوله تعالى “وخلقنا الموت والحياة”، وقدم القرآن الكريم الموت على الحياة، فالحياة نعرفها، أما الموت هو حياة أخرى لا يفصلنا عنها إلا الجهل، ولكن الله سبحانه وتعالى حدثنا بأنها للمؤمنين، للطيبين، للخيرين، حياة أبدية سرمدية، فيها جنة عرضها السماوات والأرض، تستقبل أحبابها بحفاوة وتحتضنهم وتغمرهم بحب ورحمة ومغفرة”.
وعاهد الراحل “كما كنا في حياتك سنبقى إلى جانب هذا المركز الذي أحببت، نمد أيدينا إلى أهل هذه المدينة التي أحببت أن تكون فيها مواطنا صالحا، ونقدم لبلدتك نحلة كل الحب والتقدير والإحترام لأهلها الذين ترعرعت بينهم، ولرفاق دربك البعيدين والقريبين لهم منا كل الحب والتقدير والإحترام”.
وقال: “بعد طوفان الأقصى شنت إسرائيل حربا ضروسا على الشعب الفلسطيني في غزة وليس على المقاومة فقط، على كل الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، وشهدنا جميعا ونشاهد على الشاشات حجم التدمير والقتل، دمروا كل شيء، البناء، الحجر، البنى التحتية، الأرض، وقتلوا البشر… الفلسطينيون اليوم ما بين شهيد وجريح وجائع في غزة، هذا كله حصل، وبعض الأغبياء في بلدنا وفي العالم العربي ينظرون ويتساءلون كيف نتحدث عن انتصار بعد الذي يحصل في غزة؟! نحن لا نعتب على هؤلاء لأن مثل هؤلاء تعودوا على الهزيمة والذل، والحذاء الإسرائيلي على رقبتهم منذ ولادتهم إلى الآن. أما حقيقة الأمر نحن نقرأ في النتائج أن غزة انتصرت. لا تقاس الانتصارات بحجم التضحيات بل بحجم إفشال أهداف العدو، والعدو فشلت كل أهدافه في غزة، لقد أعلن في الأهداف استعادة الأسرى والقضاء على المقاومة الفلسطينية وتهجير أهل غزة، لا التهجير حصل، والمقاومة الباسلة لم تنهزم، والأسرى ما زالوا محتجزين. لم يحقق أهدافه حتى الآن، وهو يستجدي اليوم من كثير من الدول الصلح. باختصار نقول لأهل غزة لقد قدمتم نموذجا في الصبر والإحتساب وتحمل الألم والشجاعة، و لم يهزكم كل هذا الحقد. أبناء غزة ينتفضون من تحت الركام ويرفعون راية النصر، هذا شعب عنيد جبار يستحق منا كل التقدير والإحترام”.
وتابع: “نقول للمقاومة في غزة، لقد قدمتم نموذجا في الشجاعة والإقدام، وعلمتم هذا العدو درسا لا يمكن أن ينساه في الهزيمة النفسية والمعنوية والقتالية. نعم المقاومة في غزة ستنتصر، شعب غزة سينتصر، لأنه لن يترك هذا العدو يحقق أهدافه. أما نحن في لبنان منذ اليوم الثاني لطوفان الأقصى، أعلنت المقاومة وقوفها ومساندتها لأهل غزة وعملت القدر المطلوب من المقاومة على الشريط الحدودي، وشغلت العدو وقتلت أفراده وضربت آلياته وهجرت مستوطنيه، فإنهم يألمون كما نألم، ولن نترك لهم مجالا للإستفراد بغزة”.
واعتبر أن “الإسرائيلي اليوم يحاول أن يغطي بعضا من هزيمته في غزة، يطلق شعارات أنه سيطلق حربا على لبنان، في واقع الأمر هو عاجز أن يعلن الحرب على لبنان، ولكن إذا ما فكر بحماقة من هذا النوع سوف تلقنه المقاومة درسا لا يمكن أن ينساه ابداً، وسنصبح بإذن الله على مقربة كبير من زوال هذا الكيان من الوجود. إن زوال إسرائيل من الوجود لم يعد مجرد فكرة، إنه أصبح يقترب من الحقيقة والواقع. المقاومة في غزة التي تصمد على ما يزيد عن 120 يوما في وجه الكثير من الألوية ونصف فرق العدو في بقعة جغرافية 360 كلم، وهذا العدو الذي يحشد في شمال فلسطين نصف فرقه الأخرى وهو يرتعب وخائف أمام بعض بأس المقاومة، هذا العدو بالتأكيد أصبح منهزماً وقدراته محدودة، ولا يمكن أن يربح أي حرب قادمة. لذلك زوال إسرائيل لم يعد فكرة، زوال اسرائيل أصبح أمرا حتميا وسوف نشهد اليوم الذي سنصلي فيه خلف قادة المقاومة في القدس، إننا نراه قريبا ويرونه بعيداً”.
وبدوره رئيس جمعية “مركز باسل الأسد الثقافي” في بعلبك الدكتور عقيل برو، قال: “غاب أبو فراس بالجسد، ولكنه الحاضر أبداً في قلوبنا وأفكارنا وفي كل تفاصيل جمعيتنا، هو الحاضر في كل قرار وتخطيط، لقد مشينا معا برؤية واضحة وثوابت مبنية على الأخوة مع الشقيقة سوريا، والإيمان بوحدة المسار والمصير، إنها رؤية ثقافية، إنسانية، بعلبكية، عروبية، تحمل الفكر الوطني المقاوم، والهم العربي الأممي من فلسطين إلى كل العالم العربي، حيث لغة الضاد تجمعنا، فنحن أبناء أمة واحدة. لقد أنجزنا 254 نشاطاً ثقافياً”.
وأكد “كانت قراراتنا على الدوام نابعة من أعماق قناعاتنا اللبنانية، ومسلماتنا الوطنية، بأننا وسوريا شعب واحد في بلدين، وعملنا على إرساء ثقافة المقاومة في ندواتنا ومحاضراتنا في المركز”.
شقير
وألقى كلمة عائلة الفقيد نجله الدكتور فراس شقير مشيرا إلى أن “هذا الحفل هو لتكريم رجل من المناضلين الصابرين والمضحين، والعاملين في سبيل الحق. وإننا نشكر كل من واسانا وعزانا ووقف إلى جانبنا في هذا المصاب الأليم”.