كتبت صحيفة “النهار”: مع ان فصول مشهد “المواجهة الثنائية” الرئاسية لم تكتمل تماما بعد في انتظار الإعلان الرسمي النهائي لتفاهم قوى المعارضة و”التيار الوطني الحر” ومجموعة وازنة من النواب المستقلين والتغييريين على ترشيح الوزير السابق مدير دائرة الشرق الأوسط وجنوب اسيا في صندوق النقد الدولي جهاد ازعور مرشحا منافسا لرئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، بدا واضحا ان الوسط السياسي والنيابي والحزبي بدأ واقعيا الانخراط في تموضعات هذه المواجهة.
وما لم تطرأ عوامل مفاجئة تؤدي الى مزيد من التريث في اعلان تبني ترشيح ازعور، فان المعطيات المتوافرة من معظم قوى المعارضة تؤكد ان القرار بإعلان التفاهم على ترشيحه بفعل التقاطع المثبت بين هذه القوى و”التيار الوطني الحر” سيكون غدا السبت بعدما صار الترشيح امرا مثبتا ومنجزا لا تراجع عنه.
وفي ظل هذا التطور يمكن فهم وتفسير الكثير من جوانب الحماوة السياسية التي بدأت تتصاعد بشكل ملحوظ في الأيام الأخيرة، ثم اتخذت دلالات معبرة داخليا عقب تطورين بارزين يتصلان بتحركات ومواقف خارجية تمثل الاول في زيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لباريس، وتمثل الثاني في الموقف الأميركي الملوح بفرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين وتحديدا رئيس مجلس النواب نبيه بري.
واذا كان رد بري الضمني على الموقف الأميركي من دون ان يسميه، بدا أيضا ردا ضمنيا مرادفا على البطريرك الماروني الذي انتقده فربط استعداده للدعوة الى جلسة انتخابية “بترشيحين جديين” بما يشكل مجددا اختبارا عاجلا للقوى التي تزمع ترشيح ازعور بالسرعة القصوى لاثبات “جدية” الترشيح ورمي الكرة مجددا في ملعب بري، فان اللافت ان عاملا جديدا ادخله البطريرك الراعي في اول كلام له بعد زيارته لباريس عن تحرك لبكركي يشمل الجميع بما فيهم “حزب الله”.
هذا التطور احدث ترددات ينتظر ان يتم التعبير عنها لدى القوى السياسية المختلفة في حين أعربت أوساط عدة عن استغراب واسع للهجمة التي شنت على الراعي امس على لسان رجل دين بالوكالة عن “الثنائي الشيعي” وفسرت بانها من انعكاسات حشر الثنائي وتحميله تبعة التعطيل المتمادي في حال عدم تعامله بما يلزم دستوريا وديموقراطيا مع ترشيح ازعور كعامل يقفل الباب على الابتزاز السياسي والطائفي.
وقد دفع التلويح الاميركي بعقوبات على معطلي الانتخابات رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الرد عبر مكتبه الاعلامي ببيان “جدد عبره التأكيد أن أبواب المجلس النيابي لم ولن تكون موصدة امام جلسة إنتخاب رئيس للجمهورية بحال أُعلن عن ترشيحين جديين على الأقل للرئاسة وخلاف ذلك من تشويش وتهديد لا يعود بفائدة ولا ينفع سيما مع رئيس المجلس”.
والى الرد على التلويح بالعقوبات فهم ان ما ورد في البيان أراد “تصحيح الالتباس” الذي رافق الكلام المنقول عن بري حيال اعتبار الوزير السابق جهاد ازعور مرشح مواجهة يرمي الى عرقلة انتخاب مرشح الثنائي سليمان فرنجية، فكان تأكيد بان بري جاهز لفتح أبواب المجلس امام المرشحين الجديين. وقالت أوساط بري انه لا يستهدف ازعور الذي لم يعلن ترشيحه بعد، كما لم تعلن القوى المتوافقة على اسمه ترشيحها له او دعمها لترشحه.
وهذا الكلام ينطبق ايضاً على المرشح فرنجيه الذي لا يزال يتريث في اعلان ترشحه رغم إعلان الثنائي دعمه وتأييده.
اما بالنسبة الى التهديد بالعقوبات على المعطلين، فدعت أوساط بري “كل من هناك “مسلة تحت ابطه” لأن يتذكر مواقفه السابقة حيال تعطيل نصاب الجلسات والامتناع عن الحضور الى المجلس”.
وقالت ان هذا الكلام يستهدف نوابا وكتلاً من مختلف المشارب، وقد صدر عن أصحابه في لبنان كما من واشنطن. وذكرت هذه الأوساط “بالمبادرات المتكررة لرئيس المجلس، ان عبر الدعوات الى الحوار او عبر عقد 11 جلسة انتخاب، مؤكدة ان بري لن يتوانى عن الدعوة الى جلسة جديدة عندما يلمس جدية عند المرشحين في تقديم ترشيحاتهم، او لدى الكتل في الإعلان الجدي عن مرشحيها”.
ترشيح ازعور
وفي اطار الاستعدادت لانجاز التفاهم على ترشيح ازعور، اعلن امس ان ممثلين عن كتل “الجمهورية القوية” والكتائب “والتجدد” وعدد من نواب التغيير عقدوا اجتماعا “لوضع الآليات المناسبة المؤدية الى بلورة اتفاق رئاسي بينها وبين كتل اخرى تقاطعوا معهم على اسم مرشح مشترك لرئاسة الجمهورية.
وتم التداول في كيفية تظهير هذا التقاطع عند حدوثه بما يدفع باتجاه إنهاء الفراغ الرئاسي وإنقاذ لبنان من أزمته”.
وكشف عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب فادي كرم، أن “خليّة أفرقاء المعارضة تعقد اجتماعات يومية، للبحث في طريقة إعلان تبنّي ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور خلال أيام وبالتنسيق مع التيار الوطني الحرّ، من أجل أن نكون فريقاً واحداً متماسكاً لمقاربة المعركة الرئاسية والضغط على الرئيس نبيه بري بهدف الدعوة إلى جلسة انتخاب رئيس في أسرع وقت”.
وأشار إلى أن “الرئيس بري يعلم أنه من مصلحة البلد الدعوة إلى جلسة، لا سيّما أن هناك مرشحَين وكل الأفرقاء باتوا جاهزين للانتخابات الرئاسية واتّخذوا مواقفهم، وبالتالي سقطت اليوم الحجة وراء عدم الدعوة إلى جلسة”، وقال “من المفترض أن مرشحنا جهاد أزعور لديه القدرة على تأمين أكثر من 65 صوتا”.
الراعي: سنتحرك
في غضون ذلك، اعلن البطريرك الراعي غداة عودته من زيارتيه لفرنسا والفاتيكان “اننا لمسنا في خلال جولتنا ارتياحا للتوافق المسيحي على اسم والان سيبدأ العمل”.
اضاف أمام وفد نقابة الصحافة “الفاتيكان وفرنسا طلبا مني أن أعمل داخليًّا مع باقي المكوّنات وسنتكلّم مع الجميع من دون استثناء حتى مع حزب الله والحراك سيبدأ من اليوم”.
ولفت إلى أن “ما فهمته ان هناك اتفاقا على شخص من قبل المكونات المسيحية وعلى هذا الاساس تحركت لأن لبنان لم يعد يحتمل”.
واشار الى “أننا أصبحنا مسخرة للدول بسبب بعض السياسيين ولا يحق لأحد أن يلعب بمصير الشعب ولا يحق لأحد أن يهدم لبنان”، مؤكدا ان “على رئيس مجلس النواب الدعوة إلى جلسة قبل شهرين من انتهاء الولاية ولكن نحن نتميّز بمخالفة الدستور”.
في المقابل شن المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان هجوما جديدا حادا على الراعي وان خاطبه بـ”الأخ في إنسانيتنا وشريكنا في الوطن والوطنية غبطة البطريرك الراعي” وقال: “نحن شركاء وطن وصناع سيادة وحماة دولة وبلد ولسنا عبيدا، ولبنان يصنع في لبنان وليس في الطائرة، والسيادة الوطنية على أبواب مجلس النواب وليست بالأوراق المحمولة جوا، وتاريخ لبنان شاهد.
وحين شاركت واشنطن وكل الغرب باتفاق 17 أيار الصهيوني شطبته المقاومة بالدم واستردت لبنان، وكان وما زال الرئيس نبيه بري وحركة “أمل” والمقاومة ضمانة وجود لبنان وعنوان سيادته واستقلاله وعيشه المشترك، وتاريخ الرئيس نبيه بري باللعبة البرلمانية يساوي مصالح لبنان الوطنية تماما يوم كان لبنان معروضا في البازار وعلى “عينك يا تاجر”، وكفانا تنظيرا للتوقيت وإعطاء لدروس منتهية الصلاحية”.
“الحزب” متهم.. غير متهم !
في سياق اخر احدث صدور القرار الاتهامي الذي أصدره القضاء العسكري بحق خمسة متهمين أحدهم موقوف، بجرم القتل عمداً في الاعتداء على دورية للكتيبة الإيرلندية العاملة في قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان، والذي أسفر عن مقتل جندي إيرلندي ضجة واسعة .
فقد أفادت “وكالة الصحافة الفرنسية ” نقلا عن مصدر قضائي لبناني ان القرار اتهم خمسة عناصر من “حزب الله” بهذا الاعتداء الذي أدى الى مقتل الجندي الايرلندي واصابة ثلاثة بجروح .
ولكن تبين ان قاضي التحقيق العسكري الأول بالإنابة القاضي فادي صوان، الذي أصدرقراره الاتهامي في الملف لم يدرج اسم “حزب الله” ولا الانتماء الحزبي للمتهمين في القرار.
واتهم صوان “الموقوف محمد عياد وأربعة متوارين عن الأنظار، هم: علي خليفة، علي سلمان، حسين سلمان ومصطفى سلمان بتأليف جماعة من الأشرار وتنفيذ مشروع إجرامي واحد”.
وسطّر مذكرات بحث وتحر لكشف هوية باقي المتورطين في الحادثة وتوقيفهم وسوقهم إلى العدالة.
واعتبر أن “أفعال المتهمين المذكورين تنطبق على نص المادة 335 من قانون العقوبات، والفقرة الخامسة من المادة 549 العقوبات اللبناني، التي تنصّ على أنه “إذا ارتكب جرم على موظف رسمي أثناء ممارسته الوظيفة أو في معرض ممارستها أو بسببها يعاقب بالإعدام”. وأشار إلى أن “الاتفاقية الموقعة بين الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة تتضمن في المادة 45 منها، أن الجرائم التي ترتكب على قوات “اليونيفيل” أو أحد عناصرها، يطبّق عليها النص ذاته الذي يطبق على الجرم الواقع على القوات المحلية. وكذلك، المادة 72 قانون الأسلحة”.
وسلم صوان نسخة عن القرار إلى الدائرة القانونية في قوات الطوارئ الدولية التي أرسلت نسخة عنه الى الحكومة الايرلندية .