سلطت تصريحات إيرانية وأخرى صادرة عن حركة حماس الساعات الأخيرة، الضوء بقوة على تقييم العلاقات بين طهران والحركة، خاصة بعد عملية “طوفان الأقصى”، وما إن كانت توصف بأنها علاقة توافق وتعاون أم وكالة وتبعية.
ويرصد محللون سياسيون أشكال الدعم المقدمة من طهران لحماس، ومواقف الخلاف والاتفاق بينهما، وخطة المرشد الإيراني، علي خامنئي، بشأن إسرائيل لعام 2040، وتأثير هذا كله على تقييم علاقة الجانبين.
والأربعاء، قال المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني، رمضان شريف، في تصريحات تلفزيونية، إن “طوفان الأقصى” التي نفذتها حماس في 7 أكتوبر ضد إسرائيل جاءت انتقاما لاغتيال قائد فيلق القدس في الحرس، قاسم سليماني، وهو ما نفته حماس قائلة في بيان إن هدف العملية الأخطار التي تهدد المسجد الأقصى.
يقول الكابت الفلسطيني، زياد أبو عمرو:
قدمت إيران “دعما لوجستيا وتدريبا عسكريا لأعضاء حماس عام 1994″، بجانب مساعدة قُدرت بملايين الدولارات، ومع الوقت ارتفع الدعم بشكل ملحوظ.
في فبراير 1999، اكتشفت الشرطة الفلسطينية، وفقًا لتقارير، وثائق عن تحويل المخابرات الإيرانية 35 مليون دولار إلى “حماس”، لتمويل أنشطة ضد إسرائيل.
بجانب المال، دربت إيران عناصر من “حماس” على تنفيذ هجمات، وتحدث حسن سلامة، أحد قادة الحركة الذي كان وراء تفجيرات في 1996، أنه تلقى تدريبًا عقائديًا في السودان، ثم تم إرساله إلى سوريا ومنها إلى إيران حيث خضع لتدريبات عسكرية لمدة 3 أشهر.
بعد اغتيال قائد حماس، عبد العزيز الرنتيسي في 2004، وقبله اغتيال قائدها أحمد ياسين؛ ما أضعف الحركة، زادت إيران من تمويلها .
تحدثت تقارير عن مساعي خالد مشعل، القيادي في الحركة، للحصول على تمويل إضافي، وإقامة قناة اتصال مباشرة مع “الحرس الثوري”.
زاد الدعم بعد سيطرة الحركة على غزة بالقوة والانقلاب على السلطة الفلسطينية في 2007.
وفقا لتقرير وزارة الدفاع الأميركية لعام 2010 حول القوة العسكرية لإيران، قدمت طهران لفصائل فسطينية، منها حماس، التمويل والسلاح والتدريب لعرقة سير عملية السلام.
وفي 2012، أكدت وزارة الخارجية الأميركية أن “حماس” استخدمت أنفاق التهريب من مصر ووسائل التهريب البحرية لتوصيل الأسلحة من إيران إلى غزة.
لكن في 2012 توترت العلاقات بعد وقوف حماس في صف المعارضة المسلحة في سوريا، فيما كانت طهران تدعم الحكومة؛ ما ترتب عليه خروج خالد مشعل من دمشق، وأعلن نائب قائد الحركة، موسى أبو مرزوق، أن الإيرانيين غير راضين عن موقفها.
ورغم هذا، استمرت إيران في تقديم دعم جزئي، خاصة في الجانب العسكري. وبداية من 2014، بدأت العلاقات في التحسن.
بوصف المحلل السياسي الفلسطيني، زيد الأيوبي، فعلاقة الطرفين تحولت إلى تبعية كاملة بعد الدعم الكبير بالمال والسلاح، وأن ذلك “ظهر في عملية الانقلاب الدموي للحركة على السلطة الفلسطينية عام 2007، وقتل نحو ألف فلسطيني”.
ودلل الأيوبي على رؤيته، بأن قائد حماس إسماعيل هنية، صرح في أحد لقائته التلفزيونية، بأن الهدف من عمليات حماس هو اشغال إسرائيل والولايات المتحدة عن الحرب على إيران.
وعن الحرب الحالية، يقول إن إيران “تستخدم حماس من أجل تحقيق مصالحها في حرب وكالة؛ ما أدى إلى زج الفلسطينيين في محرقة”.
وبخصوص القادم، يؤكد أن طهران “لا يمكن أن تقبل بحماس شريكا، بل تحولها إلى وكيل وذراع إيرانية، وتدمر بها الوحدة الوطنية الفلسطينية التي تتعارض مع مصالح إيران”.
تتفق الباحثة الأميركية المتخصّصة في الشؤون الدولية، إيرينا تسوكرمان، مع رأي الأيوبي حول “التبعية”، قائلة إنه رغم أن حماس بدأت باعتبارها جماعة الإخوان المسلمين، وحليفا لطهران، إلا أنها صارت “وكيلا كاملا” لها.
وبتعبيرها، فإن الجانبين “يتقاسمان هدف تدمير إسرائيل”، وبينهما تنسيق، مستدلة في ذلك بالاجتماعات المنتظمة لقادة حماس مع المسؤولين الإيرانيين في طهران والدوحة وبيروت، كما هو معتاد مع وكلاء إيران.
وفي تصور الباحثة الأميركية، فإن إيران “هي المنسق لهجوم 7 أكتوبر”.
ومع ذلك “ليس من الواضح ما إذا كان يوم 7 أكتوبر انتقامًا لتصفية سليماني التي نفذها أميركيون (عام 2020)، أو مجرد جزء من خطة تدمير إسرائيل التي أعلنها خامنئي في 2015، قبل وفاة سليماني، والمفترض أن تتم بحلول عام 2040”.
وكان خامنئي قال خلال استقبال شعبي عام 2015 إنه خلال 25 عاما “لن يبقى شيء اسمه إسرائيل”، وهو ما كرره في عدة مناسبات بعدها.
ينفي الخبير في الشأن الإيراني، محمود جابر، أن تكون “حماس” جزء من الأذرع الإيرانية، حتى لو كان هناك توافق.
إلا أنه يرجح حدوث اختلاف بعد 7 أكتوبر، قائلا إن “علاقات إيران بعد ذلك التاريخ تختلف عما قبله؛ فالمرحلة الحالية تجبر حماس، مؤقتا، على القبول بأي دولة أو طرف يقف إلى جانبها في الحرب الدائرة”.
ويصف جابر تصريح المتحدث باسم الحرس الثوري حول عملية “طوفان الأقصى” بأنها “انتهازية سياسية”، وتوجيه رسالة بأن حماس وكيل لطهران.
ويختتم بأنه “من الصعب خلال هذه المرحلة تقييم علاقة الجانبين؛ نظرا للوضع التاريخي الذي تمر به الحركة والقضية الفلسطينية وسلطة الحركة في غزة التي باتت مهددة”.