كتب موقع “الجزيرة”: أشارت “فورين بوليسي” الأميركية إلى أن الهجمات تنطوي التي شنتها قوات الحوثيين على السفن “الإسرائيلية” في الأيام الأخيرة على احتمال حدوث اضطراب كبير. وكلمة “إسرائيلية” بين علامتي اقتباس لأن ملكية سفن الشحن التجاري معقدة ومبهمة.
وتابعت “فورين بوليسي” أنه بسبب هجمات الحوثيين توقفت أهم شركات شحن الحاويات في العالم -بما في ذلك إم إس سي وميرسك وهاباغ لويد وكوسكو- عن الإبحار عبر البحر الاحمر، خوفا من الخسائر في الأرواح أو الأضرار.
في هذا السياق يشير كاتب المقال بروس جونز، وهو باحث في معهد بروكينغز الأميركي، إلى تشكل تحالف عمل جديد بقيادة الولايات المتحدة يحمل اسم “عملية حارس الرخاء”، وهو تحالف بحري لحماية السفن التجارية من هجمات انصار الله.
وسيعمل تحت آلية مسبقة وهي القوات البحرية المشتركة، وهو تحالف بحري لمكافحة القرصنة والإرهاب، الذي يعمل انطلاقا من البحرين.
وذكر جونز أن 9 دول سجلت -حتى الآن- رسميا في هذا التحالف.
ويرى الكاتب أن الغرب أمام 3 خيارات لمكافحة هجمات انصار الله ، كلها لها سلبيات خطيرة.
فحتى تُجمع فرقة العمل، تبدل شركات الشحن في الوقت الحالي الطرق بين البحر الأحمر والرحلة الطويلة حول رأس الرجاء الصالح قبالة جنوب أفريقيا.
وقد حدث ذلك من قبل عندما أُغلقت قناة السويس نتيجة الحروب العربية الإسرائيلية في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات.
والسلبية هنا، كما يقول الكاتب، هي أن تغيير المسار عبر رأس الرجاء الصالح من شأنه أن يضيف نحو 60% من وقت العبور (وتكلفة الوقود)، من المواني الآسيوية إلى الأوروبية.
وليس إضافة التكاليف إلى شركات الشحن فقط؛ ولكن الأهم من ذلك هو تعطيل الأعمال في التصنيع العالمي في الوقت المناسب. ومع أن هذا يُعدّ خيارا مقبولا لأسبوع أو أسبوعين، فإنه إذا استمر أطول من ذلك، فإن تعطيل سلاسل التوريد البحرية العالمية سيكون كبيرا.
وذكر الكاتب أن هناك بالفعل انتقادات بأن الرئيس الأميركي جو بايدن لم يأذن بعدُ بهذا المسار. وعلق جونز بأن القول سهل لكن تحقيقه صعب، إذ لن يصعب كثيرا على قوات الحوثي إخفاء أنفسهم، ومخزون المسيّرات والصواريخ من الاستهداف الأميركي.
أشار الكاتب إلى أن ألمانيا حتى الآن لم تنضم إلى التحالف، نظرا للمطالب المتزايدة على البحرية الألمانية المتواضعة في مياه شمال أوروبا، حيث يستعرض الروس قوتهم تحت سطح البحر.
ولم تنضم أستراليا بحجة أنه من الأفضل نشر قدرتها البحرية المتواضعة في غرب المحيط الهادي، ومن الممكن أن تسهم اليابان، خاصة أن لها قاعدة في جيبوتي. ومن المساهمين المحتملين الصين، التي لديها قاعدة قريبة.
ومع ذلك، يرى جونز وجود معضلة هنا بالنسبة للغرب، وتساءل: هل تفضل القوى الغربية -كخيار أول- دفع ثمن حماية التجارة البحرية العالمية، التي تعدّ الصين أكبر مصدر لها والمستفيد الرئيس منها، أو أنها -كخيار ثان- ستساعد في تسهيل قدرة الصين المتنامية على إبراز قوتها البحرية في أعالي البحار؟
وخلص في ختام مقاله إلى أن المسألة برمتها تسلط الضوء على هذه النقطة، وهي أن هناك تناقضا عميقا بين واقع العولمة، التي تعتمد بشكل كبير على التجارة البحرية وعلى الصين، وواقع التنافس “الجيوسياسي”، حيث تبرز القوة البحرية بسرعة كبعد مركزي.
وتكثر التوترات والخيارات السيئة في البحر الأحمر، لكنها -أيضا- نذير بخيارات أشد صرامة، ومياه مضطربة في المستقبل.