لا تتوقف المفاجآت المتعلقة بالفساد في الدوائر الرسمية، حيث ضربت الإختلاسات الجمارك اللبنانية، والتي حاول المعنيون التستّر عليها وإبقائها ضمن الإطار الجمركي وعدم الذهاب إلى القضاء لحظة اكتشاف عملية السرقة الموصوفة.
وكان “ليبانون ديبايت” أثار أمس الملف، حيث كشف أن مديرية الجمارك فقدت ثلاث “شوالات” محمّلة بمبلغ مالي كبير بالعملة اللبنانية التي لم تصل إلى مصرف لبنان كما هو مفترض.
فإن عملية الإختلاس تقدّر بمليارات الدولارات وقد كشف عنها في شهر آب 2023 وجرى التستّر على الموضوع من قبل أعلى القيادات في الجمارك.
وعوضاً عن أن تقوم إدارة الجمارك بمحاسبة المختلسين، لجأت إلى خطوة كيدية، عبر الإنتقام من التجار والمستوردين وقررت إحالة جميع البيانات إلى المسار الأحمر وتفتيش البضائع المستوردة إلى لبنان.
خطوة الإدارة الكيدية مُستغربة، على الرغم من معرفتها أن الإختلاس حصل من قبل مسؤولين وموظفين في الجمارك ولا علاقة للتجار بالموضوع.
لا بل أن هذه الإدارة، قد حمّلت التجّار وزر فساد بعض موظفيها، لأن الإجراءات الجديدة سوف ترتّب تكاليف باهظة، سيدفعها أصحاب العلاقة، أي المواطنين، جراء الضرر الذي سيطالهم على أبواب الأعياد.
كذلك كانت لافتة، محاولات الجمارك إلصاق التهمة بالمخلّصين الجمركيين، على اعتبار أن هناك أخطاء في الحسابات والأموال التي يدفعونها وكاد الأمر أن يمرّ، ولكن ظهرت الحقيقة وحاول الموظفون بالتعاون في ما بينهم أن يجمعوا الأموال لتغطية الإختلاسات التي حصلت.
وتكشف المعلومات أن المُحتسب المركزي في الجمارك، أرسل شوالات الأموال إلى مصرف لبنان من دون تدقيق أو تعداد، وطالب مصرف لبنان بإشعاراتٍ بالإستلام عن خمسة أشهر سابقة، ولكن المصرف المركزي رفض إرسال إشعارٍ بالإستلام قبل تعداد المبالغ، والذي أظهر الفروقات بين الأوراق والمبالغ المرسلة، والتي وصلت إلى مليارات الليرات.
وتؤكد المعلومات أن الجمارك تجري تحقيقًا داخليًا مع ثلاثة أشخاص ولم يتمّ حتى الساعة إبلاغ القضاء ليضع يده على الملف.
وهنا يُطرح السؤال: أين النيابة العامة والقضاء المختص عمّا يجري في المرفأ؟ وهل استباحة الأموال العامة بات أمراً طبيعياً؟