أخبار لبنان

حزب الله ومبدأ الجبهة الوفيّة

مع استمرار معركة طوفان الأقصى، وتحوّلها إلى ملحمة حقيقية في تاريخ المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، يتكرّس أكتوبر كشهر المحاولات الجادة لمواجهة الاحتلال من جهة، وتتسم هذه المحاولات بسمة “تعدد الجبهات” من جهة أخرى.

لكن أكتوبر 73 ينطوي على تجربة متباينة عن نظيره الأصغر بـ 50 عاماً، ففيه انطلقت الحرب بتوقيت متزامن ومنسق بين الجيشين السوري والمصري.

اتفق الطرفان على توقيت محدد، وبدايات ميدانية محددة.

لم يترك الجيشان الكثير لمتغيرات الميدان، وبذلك كانت شجرة اتخاذ القرارات (decision Tree) شبه جاهزة لمختلف الاحتمالات.

في المقابل، انطلق “طوفان الأقصى” بتوقيت فلسطيني خالص، الأمر الذي أضاف أعباء على سائر أطراف المقاومة للاستجابة السريعة، والتي أبدعت فيها، ولم تتأخر.

ولأن العملية أحيطت بسرية كاملة (كان ذلك ضرورياً في كل الأحوال)، لم يكن هنالك تنسيق مسبق لمتغيرات الميدان، التي انطوت على مفاجآت كثيرة، حتى على الفلسطينيين أنفسهم.

 تكمن المفارقة بين التجربتين، أنه على الرغم من التنسيق المسبق الكامل عام 73، فإن الجيش السوري تُرك وحيداً في ميدان المعركة، بعد أن تلقّفت مصر قرار وقف إطلاق النار في الـ22 من أكتوبر، وسعت من أجله، واستخدمته في تأسيس مرحلة جديدة من العلاقة بالاحتلال.

كانت صورة الجيشين في بداية الحرب تعطي أملاً كبيراً للجمهور العربي: الزخم المصري إلى جانب النبض السوري؛ مصر بجيشها الأكبر، والأكثر تجهيزاً، تحديداً براً وبحراً، إلى جانب سوريا المشاكسة العنيدة.

أما في أكتوبر الجديد، فعلى الرغم من عدم معرفة حزب الله بالتوقيت، ومفاجأته بالعملية صباح السابع من أكتوبر، فإنه صاغ خطة الاستجابة والتنسيق بسرعة (ربما تسبب ذلك باستشهاد عدد أكبر من عناصر المقاومة في الأيام الأولى، إذا ما قورنت بالأيام اللاحقة).

كانت حسابات حزب الله تنطلق من قاعدة “كيف يبدأ الدعم والإسناد؟”، وليس من قاعدة “هل نفتح جبهة إسناد؟”.

منذ السابع من أكتوبر، فتحت جبهة الإسناد، بزخمها وروحها، ولا تبدو أنها ستتوقف بمعزل عن توقف الحرب الدائرة في غزة.

المصدر:قناة الميادين

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى