كتبت “الديار” تقول: عندما يقول الرئيس الاميركي جو بايدن ان «العملية الإسرائيلية» في غزة ستنتهي عندما تصبح حماس غير قادرة على قتل الإسرائيليين، فهذا يعني ان الولايات المتحدة الاميركية و «اسرائيل» تنظران الى ما بعد الحرب على غزة ومرحلة ما بعد الانتصار على حماس، في حين ان هذا السقف العالي الذي وضعته حكومة العدو برئاسة بنيامين نتنياهو قد يكون غير قابل للتحقيق.
والحال انه بعد شهر وتسعة ايام على الحرب بين «اسرائيل» والمقاومة الفلسطينية في غزة، لم يستطع الجيش الاسرائيلي السيطرة على مركز عسكري واحد لحركة حماس او لحركة الجهاد الاسلامي، بل كل ما قام به الجيش الاسرائيلي هو تدمير شامل للعمران والبنى التحتية في شمال قطاع غزة، واستهداف المستشفيات والمدارس والكنائس ومراكز مدنية تجمع فيها النازحون المساكين.
ولكن ميدانيا، احتل جيش العدو مخيم الشاطئ بعد تقدمه من الجانب الغربي الا ان هذه المسافة لا تتعدى بضعة كيلومترات.
ومن الجهة الشرقية، تقدم جيش الاحتلال تجاه مدينة غزة، وهنا ايضا لم يسيطر الا على كيلومتر مربع واحد، وبالتالي لم يحقق اي انتصار عسكري او انجاز بسيط على ارض غزة.
ذلك ان الجيش «الاسرائيلي» بتوغله البري في قطاع غزة لم يتمكن من الوصول الى اي مكسب ميداني نظرا لعدم اكتشافه الانفاق التي بنتها حماس تحت الارض، بل كل ما حصل عليه هو بداية نفق تحت مستشفى الشفاء، لكن ما لبث ان حصل انفجار في هذا النفق واغلق بوجه جيش الاحتلال.
واليوم يتباهى جيش العدو انه يحاصر عاصمة قطاع غزة، اي مدينة غزة، في حين دمرت كتائب القسام الجناح العسكري لحماس وسرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الاسلامي مئتي دبابة وعربة مصفحة وجرافات عسكرية اسرائيلية من طراز د-9. وفي هذا السياق، لا يعترف العدو بالعدد الحقيقي لجنوده القتلى، ويقول انه خسر فقط 54 ضابطا وجنديا في اشتباكات شمال غزة، دون ان يذكر اي ملعومات عن مجريات التوغل البري، وتحديدا عن خسارته للدبابات وباقي معداته العسكرية، في حين ان وسائل اعلام» اسرائيلية» ودولية كشفت ان خسائر الجيش الاسرائيلي المادية تقارب مئة دبابة وعربة مصفحة، اضافة الى 15 جرافة ضخمة من طراز د-9 التي كانت تحفر عن الانفاق، وقد دمروا بقذائف الياسين ذات العيار 105 مليمترات التي استخدمتها حماس.
واللافت ان جيش الاحتلال لم يستطع اعتقال او اسر اي مقاتل من كتائب القسام او سرايا القدس بل وجد فقط جثة اسير اسرائيلي قتيل في اقبية مجمع مستشفيات الشفى.
وتعقيبا على هذا الامر، يقول جهاز «الشاباك الاسرائيلي» ان من المرجح انه تمت معالجة جراح بعض الاسرى «الاسرائيليين» في هذا المستشفى، ما يفسر وجود هذه الجثة.
علاوة على ذلك، قام جيش العدو الاسرائيلي بكل الحفريات تحت اعماق مستشفى الشفاء، غير انه لم يجد اي نفق تحت هذا المشفى رغم ادعائه انه كشف امرا هاما تحت مجمع «الشفاء».
وقد ذكرت صحيفة هآرتز الاسرائيلية انه لم يتم الحصول على اي معطى هام في مستشفى الشفاء.
وهنا السؤال الذي يطرح نفسه: هل الجيش الاسرائيلي قادرعلى احتلال غزة ومواصلة القتال لمدة طويلة؟ ميدانيا لم يحقق التوغل البري سوى 20 % في غزة، كما صرح وزير الخارجية الاسرائيلي ان الدولة العبرية لم تعد تستطيع تحمل اكثر من 3 اسابيع قتال في القطاع نظرا للضغط الدولي عليها للوصول الى وقف اطلاق نار.
ولفتت اوساط سياسية ان الراي العام الدولي تغير، وقامت مظاهرات شعبية في عدة بلدان اوروبية وعربية، وحتى في اميركا، تندد باستمرار العدوان الاسرائيلي على غزة وقتل المدنيين و الاطفال.
تباين اميركي – اسرائيلي حول حكم قطاع غزة
بموازاة العملية البرية للجيش الاسرائيلي في غزة، اعلن الرئيس الاميركي جو بايدن بصراحة تامة ان بلاده ترفض احتلال «اسرائيل» لقطاع غزة بينما تريد الدولة العبرية بقاء قواتها لمدة زمنية طويلة غير محددة في القطاع.
وفي هذا النطاق، قدم بعض الاطراف المعنية بالصراع الفلسطيني-الاسرائيلي اقتراحا يقضي بتسلم السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس الحكم في غزة، ولكن السلطة الفلسطينية رفضت هذا الاقتراح رفضا مطلقا، معلنة انها لن تدخل قطاع غزة على الدبابات الاسرائيلية.
اضف الى ذلك، ابدت عدة دول عربية تحفظاتها عن الدخول الى قطاع غزة بعد احتلال اسرائيلي له، لان هذا الامر سيؤدي الى ارتدادات سلبية كبيرة في الداخل العربي حيث ستحدث مظاهرات شعبية ضخمة، الى جانب ان الامن العربي القومي سيهتز حتما وحكام قادة عرب كثر سيسقطون.
وبناء على هذه الاجواء السياسية، تراجع رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو عن تصريحه بتسليم قطاع غزة بعد ان يحتله الجيش الاسرائيلي لاي قوى اخرى، وقوله ان الحل الافضل هو بقاء الجيش لمدة طويلة في القطاع الى ان تتضح الصورة.
وعليه، لا ياتي تصريح نتنياهو من فراغ بل جاء بعد ادراك العدو الاسرائيلي ان المقاومة الفلسطينية قادرة على مواجهة جيش الاحتلال لاشهر واشهر.
وتاكيدا على ارتفاع النقمة على نتنياهو وعلى كل طرف اسرائيلي يسعى لاحتلال القطاع، نشرت صحيفة «تايمز اوف اسرائيل» مقالا بعنوان « مواقف نتنياهو تحبط المحاولات الاميركية لحشد الدعم العربي لغزة بعد الاطاحة بحماس».
وجاء في المقال « تعتقد ادارة بايدن ان معارضة اسرائيل لحكم السلطة الفلسطينية في القطاع تقلص المساحة الديبلوماسية لمواصلة الجيش الاسرائيلي للقتال، حتى بين الحلفاء الخليجيين الذين يدعمون ايضا الاطاحة بحركة حماس.
من جهة اخرى، يعمل الاتحاد الاوروبي ودول عربية على تقديم مشروع قانون لمجلس الامن الدولي يهدف الى وقف اطلاق النار في قطاع غزة وانسحاب جيش الاحتلال منه.
ويقابل ذلك تعهد من حركة حماس تجاه المجتمع الدولي ومجلس الامن بعدم مزاولة اي عمل عسكري بعد الان في ظل انتشار قوات اوروبية- دولية قد تكون القوات الصينية من بينها، بهدف اخراج قطاع غزة من الحرب التي لن تنتهي بسهولة، وربما تاخذ سنة كاملة ومزيدا من الدمار والقتل والجرائم. وفي التفاصيل، يشمل الاتفاق تبادل الاسرى والمحتجزين لدى حماس بالافراج عن الاسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية.
انما قد يكون هذا الامر صعب تحقيقه لان «اسرائيل» ترفض الافراج عن المقاتلين الفلسطينيين وتقبل اطلاق سراح 4 الاف اسير، معظمهم من النساء والاطفال.
حزب الله يواصل ضرب العدو الاسرائيلي
وعلى صعيد جبهة الجنوب مع فلسطين المحتلة، فان حزب الله يقوم بمعارك يومية ضد العدو الاسرائيلي ويرد الاخير بقصف مماثل.
وفي هذا الصدد، تقول مصادر مطلعة ان لا مصلحة لحزب الله بتحويل المعركة من معركة فلسطينية-اسرائيلية (بعد ان عاد الرأي العام الدولي يتحدث عن اقامة مبدأ الدولتين، اي اقامة الدولة الفلسطينية) الى معركة لبنانية-اسرائيلية تصرف النظر عن الصراع الفلسطيني -الاسرائيلي الذي هو الاساس. اما جيش العدو فليس له مصلحة ايضا بفتح جبهة ضخمة ضد حزب الله من شمال فلسطين المحتلة، وفقا لهذه المصادر، حيث ان العدو يدرك قوة حزب الله الكبيرة سواء على مستوى الصواريخ او مستوى براعة المقاومين في القتال.
ثانيا وهي النقطة الاهم، ان حكومة العدو ترى انه لا يجب ان تضطر الى سحب نصف عدد جنودها من معركة غزة من جنوب فلسطين الى شمالها على الحدود اللبنانية، بخاصة ان الجيش الاسرائيلي لم يحقق اي مكسب او انجاز عسكري هام حتى اللحظة، ولذلك المعركة في غزة تحتاج الى كامل عديد الجيش لمحاولة احتلال قطاع غزة برمته.
الداخل اللبناني
على صعيد اخر، وفي الداخل اللبناني، شدد رئيس مجلس النواب نبيه بري على ان «دعوة الراعي لدعم النازحين تعبّر عن موقف رسالي وطني جامع، إنني إذ أنوه بدعوته في هذا المجال ، نستنكر الحملة التي تعرض لها عن سوء فهم ليس إلا.
بدوره كشف مسؤول الملف المسيحي في حزب الله أبو سعيد الخنسا في تصريح متلفز امس، ان اللقاءات مستمرة بين حزب الله وبكركي، ونحن حريصون على الحوار. وكل كلام يصدر على مواقع التواصل مسؤول عنه صاحبه، وهناك أخطاء تحصل يوميا على التواصل تجاه شخصيات عديدة، ونحن نحفظها ونتغاضى عنها.
وقال: «نحن في حزب الله مسؤولون عما يصدر في اعلامنا المركزي وليس عبر وسائل التواصل، والتواصل دائم مع بكركي، نحن نحترم بكركي وكل المرجعيات الدينية المسيحية والاسلامية ولا نقبل أي نوع من الاساءة. وندين كل اساءة توجه الى أي شخصية اسلامية او مسيحية أو تُوجّه الى بكركي»
القوات اللبنانية: التمديد لقائد الجيش مسألة امن قومي
من جهتها، اكدت القوات اللبنانية انها لم تبدل موقفها لجهة ان حكومة تصريف الاعمال لا يحق لها الاجتماع بجدول اعمال فضفاض، بل ان تجتمع للضرورة القصوى، فضلا عن رفضها للتشريع في ظل شغور رئاسي في حين ان التيار الوطني الحر هو الذي كان يرفض اجتماع الحكومة بالمطلق، الا بشرط واحد، وهو ضمن مرسوم يوقع عليه 24 وزيرا.
ومن هنا، اذا اجتمعت حكومة تصريف الاعمال لبند وحيد، وهو التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، فهذا امر يدخل ضمن تصريف الاعمال، وفقا لمصدر بارز في القوات اللبنانية الذي اكد ان القوات لا تعتبر التمديد لقائد المؤسسة العسكرية مرتبطا بتشريع الضرورة، بل يرى انها مسألة ترتقي الى الامن القومي وسط حرب دائرة في جنوب لبنان في اي لحظة يمكن ان تتوسع اضافة الى ان موقع الرئاسة الاولى شاغر، ولا بوادر لانتخاب رئيس في المدى القريب. واضاف المصدر البارز في القوات انه لا يجوز التلاعب بتراتبية الجيش بالذهاب الى اعلى رتبة. كما شدد على ان تعيين قائد للجيش هو من صلاحيات رئيس الجمهورية، واذا حصل ذلك في ظل الشغور فهناك انتهاك صارخ لحق رئاسة الجمهورية. اما النائب جبران باسيل فيريد ابعاد العماد جوزاف عون لمصلحة شخصية غير دارٍ بما سيحصل بالبلد.
وتابع المصدر ان القوات لا تزال تعارض التشريع في ظل عدم انتخاب رئيس للجمهورية، لانه في حال حصل ذلك كأننا نقول ان لا لزوم لوجود رئيس للجمهورية ما دام ان هناك حكومة تصدر قراراتها ومجلس نيابي يشرع.
وعلى هذا الاساس، تتمسك القوات اللبنانية بموقفها للضغط باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية.