في الأيام الخمسة الماضية، بلغ الخوف بأهالي عين الحلوة من تجدد الاشتباكات، عدّ الأيام والساعات قبل أن تنقضي المهلة التي وضعت لتسليم المطلوبين بجريمتَي قتل العميد الفتحاوي أبو أشرف العرموشي والإسلامي عبد الرحمن فرهود، ما أدى الى الاشتباكات التي شهدها المخيم نهاية الشهر الماضي ومطلع الشهر الجاري. أمس، انتهت المهلة التي حددتها هيئة العمل المشترك من دون تسليم أي من المطلوبين.
ما دفع بالمئات إلى النزوح من المخيم خشية تجدد الاشتباك بين فتح والإسلاميين. وحتى ليل أمس، كان مسجد الموصلي المحاذي للمخيم والأحياء المحيطة به، مكتظاً بالأهالي، وخصوصاً أن استعدادات «الشباب المسلم» من جهة وقوات الأمن الوطني الفلسطيني من جهة أخرى، أظهرت بأن وقف إطلاق النار لم يكن سوى هدنة بين معركتين. فقد أدخلت فتح بشكل ظاهر للعيان مقاتلين من مخيمات أخرى وأسلحة، فيما يواصل مقاتلوها أعمال التحصين والتدشيم في مراكزها. في المقابل، اشترى الإسلاميون كميات كبيرة من الأسلحة من تجار داخل المخيم.
مصادر فتح أكدت أن الحركة «لن تدخل في معركة جديدة إلا إذا كانت نتائجها مضمونة لمصلحتها لحفظ ماء وجهها أمام قاعدتها وثأراً لدماء العرموشي والشهداء». وسألت: «من يمنع تكرار اغتيال قادتنا مرة جديدة إذا لم نقتصّ من الجرائم السابقة؟». وترجح المصادر المتابعة بأن ضربة فتح المقبلة ستكون عملاً أمنياً يستهدف هدفاً إسلامياً مهماً.
في هذا السياق، لفتت المصادر إلى أن «الإسلامي هيثم الشعبي أفلت من عملية قنص كادت أن تصيبه». فيما كشف أمر كمينين اثنين جهزتهما فتح في حيي الطوارئ والتعمير.
وعلى صعيد متصل، قال مصدر أمني لبناني لـ«الأخبار» إن بوادر تجدد الاشتباك ظاهرة بشكل كبير. «لكن يرجح بأن تتأجل إلى ما بعد مهرجان إحياء ذكرى اختطاف الإمام موسى الصدر الخميس المقبل في بيروت».
المئات فرّوا من المخيم مع انتهاء المهلة واستمرار عمليات التدشيم والتسليح
لكن ما الذي ضيّع مهلة التسليم من دون نتيجة؟ بحسب المصادر الفلسطينية، لم تكن القوى والفصائل «مقتنعة بأن الإسلاميين سيسلمون أياً من المطلوبين الثمانية الذين نشرت أسماؤهم وأنه ليس من بينهم من شارك في اغتيال العرموشي، ولا سيما بلال بدر وخالد الصفدي».
عدم الجدية برّر لفتح في المقابل إطلاق سراح محمد زبيدات (الصومالي) المتهم بقتل فرهود في حي البراكسات بعدما توارى عن الأنظار وتكثفت المساعي لتهريبه خارج عين الحلوة.
في المقابل، لم يكن بقايا فتح الإسلام وجند الشام أكثر جدية من فتح في تسليم المطلوبين، وكانوا يبحثون عن ذريعة لنفض أيديهم من الاتفاق الذي أبرم في السفارة الفلسطينية الأربعاء الماضي لإنهاء الاشتباك بتسليم المطلوبين ذريعتهم التي تمسكوا بها أمس كانت هجوم فتح على رئيس الحركة الإسلامية المجاهدة الشيخ جمال خطاب إثر خطبة الجمعة الماضي في مسجد النور.
ونفى خطاب أن تكون القوى قد التزمت بمهلة الأيام الخمسة، مشيراً إلى أن معالجة الاشتباك تكون بالتفاهمات السياسية وليست أمنيةً أو بتسليم المطلوبين. مواقف خطاب أثارت غضب فتح واعتبرته منحازاً للإسلاميين.
وقالت مصادر فتحاوية لـ«الأخبار» إن الإسلاميين وحلفاءهم خططوا منذ البداية للتنصل من الاتفاق، بدليل انسحاب رابطة علماء فلسطين (المقربة من حماس) من اللقاءات التنسيقية التي تعقد مع الشباب المسلم وفتح لتسليم المطلوبين.
وكانت اتفاقية التسليم قد استبدلت في الكواليس من تسليم الإسلاميين الثمانية وزبيدات إلى تسليم اثنين من أنصار أحمد الأسير المتوارين في عين الحلوة منذ معركة عبرا عام 2013.
والمطلوبان هما الصيداويان يحيى العر وفراس الملاح في سبيل تسوية ملفهما القضائي من جهة، وتنفيس الاحتقان في المخيم من جهة أخرى، وهو ما رفضته فتح.