كتبت صحيفة الأنباء الإلكترونية تقول: اللامبالاة التي يُظهرها بعض الكتل والنواب تجاه ملفات – مفتاحية لحلّ أزمات البلد، وتقديمهم حساباتهم الخاصة على حسابات الربح العامة دفعت برئيس الحزب التقدمي الإشتراكي تيمور جنبلاط لتجديد تحذيره من مغبة الاستمرار في المناخ التعطيلي وانسداد الأفق السياسي للحوار ودعوته للشروع إلى التوافق لإنتاج الحلول، كما جدد دعوته إلى إنهاء الشغور المتمادي في المجلس العسكري، وخصوصاً في موقع رئيس الأركان الذي يحق له وحده تولي صلاحيات قائد الجيش في حالة الشغور دون سواه.
ومع إصرار جنبلاط على انتقاد سياسة التعطيل وشل العمل التشريعي والحكومي، فإن مصادر سياسية تلفت إلى اصرار تكتل لبنان القوي ورئيسه النائب جبران باسيل على المضي في عرقلة عمل الحكومة ومنع وزراء التكتل من حضور جلسات مجلس الوزراء لحشر الرئيس نجيب ميقاتي في الزاوية، ومنع حكومته من القيام بواجب تصريف الأعمال كما هو مطلوب منها دستوريا وعمليا، وذلك منعا لتحويل صلاحيات رئاسة الجمهورية المعطلة من الفريق عينه الذي يعطل عمل الحكومة لأسباب لم تعد خافية على أحد.
وتوقفت المصادر عند موقف حزب الله المؤيد للنائب باسيل، ورأت فيه ازدواجية في مواقف الحزب، فهو من جهة يرفض تعطيل عمل الحكومة، ومن جهة ثانية يساير باسيل لأسباب سياسية، بحسب قول المصادر التي لفتت إلى أن “الخلاف السياسي القائم جعل من مرحلة الشغور الرئاسي تتجاوز المعقول”.
ومع تفسير كلام الرئيس ميقاتي منذ يومين بأنه تلويح بالاعتكاف، أكد النائب السابق علي درويش في حديث لجريدة الأنباء الالكترونية أن “رئيس الحكومة لن يقدم على خيار الاعتكاف طالما بقيت الأبواب مفتوحة وتستطيع الحكومة العمل على تسيير امور الناس، وعندما يجد ان الابواب اصبحت موصدة أمامه ولم يعد قادرا على خدمة اللبنانيين، من الطبيعي ان يلجأ الى خيارات اخرى قد تكون قاسية”، مشيرا إلى أن “ميقاتي يعيش بالفعل حالة اشمئزاز مما يجري، لكنه سيبقى يمارس صلاحياته لأقصى درجة ممكنة”.
وعن الجهة التي تعرقل عمل الحكومة وتضع العصي في الدواليب، قال درويش: “بالطبع هناك من يعمل على عدم تمرير جلسات الحكومة، وعدم تمرير جلسات التشريع المرتبطة بها، ووضع العصي في الدواليب، وهناك أيضاً من يعترض على تمرير ملفات ذات صلة بحياة الناس، بينما نجده يحاول دائما طرح ملفات خلافية بقصد الإساءة لخصومه السياسيين ولشريحة واسعة من اللبنانيين”، مشددا على أن “هناك من يعرقل بالفعل عمل الحكومة”، داعياً
“القوى السياسية الى مصارحة بعضهم والتعاون لتقطيع المرحلة وتسيير شؤون الناس بأقل الخسائر كي لا نصل الى الانفلات الاجتماعي والأمني”.
وفي موضوع الاقتراض من مصرف لبنان، لفت درويش إلى أن هذا الموضوع يتطلب قانونا يصدر عن مجلس النواب. وحتى اللحظة يبدو متعثرا، واعتبر أنه بذلك “فإن الموظفين في الادارة العامة لن يستطيعوا قبض رواتبهم اذا استمرت الامور على ما هي عليه”.
هذا الملف الذي يعيد طرح الأزمة الاقتصادية، لفت الخبير المالي جاسم عجاقة حياله إلى “عدم فهم ما يجري”، محذرا من “محاولة غش الناس للطريقة التي يعتمدها مصرف لبنان، كاشفا عن حساب للدولة في مصرف لبنان يحمل الرقم 36 لأموال موجودة فيه بالليرة اللبنانية كان المصرف المركزي يستخدمها لشراء الدولار على سعر المنصة لدفع رواتب موظفي القطاع العام. اما التعميم 158 فيجيز باستخدام الاحتياط الالزامي لاعطاء المودعين من أموالهم، والتعميم 161 كان يسمح بشراء الدولار بالليرة اللبنانية مع تحمل مصرف لبنان الخسائر الناجمة عن هذه العمليات. وبعد توقف منصة صيرفة أصبحت عملية الحصول على الدولار صعبة لأن لا احد يضمن عودة الدولار الى الارتفاع من جديد”.
عجاقة اشار إلى أن “مسألة الرواتب يمكن دفعها بالليرة اللبنانية لكن أسعار المحروقات والدواء ورواتب السلك الدبلوماسي والمتوجبات الدولية من ديون وغيرها لا يمكن دفعها إلا بالعملة الصعبة”، محذرا من استمرار الوضع على ما هو عليه “لأننا سنكون ذاهبين الى ازمة كبيرة بغياب الإصلاحات وبظل رفض النواب التصويت على استخدام أموال المودعين”، ورأى أن الحكومة أمام احتمالين، الأول: شراء الدولارات من السوق وهذا يؤدي الى تفلت الدولار، الثاني: إعادة تفعيل جباية الضرائب والرسوم بالدولار للخروج من الازمة”.
الصورة القائمة اذا قاتمة، فلا التشريع يتم، ولا الحكومة يُسمح لها بالتحرك كما هو مطلوب، ولا استحقاق رئاسة الجمهورية قاب الانجاز، والمؤسسات تتوالى تعثراً، أما المعطلون لكل ذلك فبالُهم في مصالحهم، ووبالُ ما يرتكبون يتعاظمُ أزماتٍ في معيشة الناس.