شدد نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم، على ان “المقاومة اللبنانية حققت أول وأضخم وأكبر إنجاز في طرد العدو الصهيوني في معركة عسكرية طاحنة ومؤثرة، ولا يخفى أنه للمرة الأولى ينكشف أن الجيش الذي لا يقهر يمكن قهره وإخراجه وتعطيل هدفه في هذا الاحتلال الذي أراده للبنان”.
وقال في حديث إلى “وكالة مهر”: “الحملة المنظمة والممنهجة للإساءة إلى القرآن الكريم وهذا الاعتداء على المقدس الإسلامي الأول يستهدف إثارة الفتنة والمواجهة مع المسلمين بطريقة أو بأخرى، والسبب المركزي أن القرآن لعب دورا كبيرا في حياة المؤمن وجعل الوحدة مقياسا وعنوانا في زماننا الحاضر، وأثر في ترابط القوة والمقاومة وحقق إنجازات كبيرة على صعيد القضية المركزية الكبرى وهي قضية فلسطين في تحرير الأرض والمقدسات، وأوجد قوة حقيقية للمسلمين في بلادان مختلفة من هذا العالم، جعلتهم يطردون الاستعمار والاستكبار من بلادهم ويعملون على الاستقلال.
هذا كله إضافة إلى إرباكات متتالية وإخفاقات متتالية أصابت الدول الكبرى خاصة أميركا والغرب، هذا كله جعل الغرب يعتقد بأن المسلمين يتقدمون إلى الأمام وأن قدرة تطبيعهم أصبحت أضعف، وبالتالي لا بد من وضع حد لهذا التقدم، هذا لا يعني أن كل الغرب يعمل في هذا المسار لكن بالتأكيد هناك من يفكر في الغرب بأن أسلوب الإساءة من خلال حرق نسخ من كتاب الله تعالى يشكل حالة من ضرب المعنويات للمسلمين، وأيضا يشكل حالة من الالتفاف عند بعض الغرب حوله، كذلك يمكن أن يؤدي إلى فتنة تبرر المواجهة الميدانية والمزيد من العداء بين الماديين والمسلمين.
لكن في اعتقادي أن هذه الخطوات خطوات فاشلة ولن تؤدي نتيجة حقيقية وهي تعبر عن ضعف أولئك الذين يلجأون إلى مثل هذه الأمور لتحقيق أهداف غير قابلة للتحقيق”.
سئل: لماذا كثفت الجهات الصهيونية والغربية فتح هذه الجبهات في حربها على الامة الاسلامية وعلى منطقتنا بالتحديد؟ من تحريك عملاء للاعتداء على كتاب الله الى تعمد نشر ثقافة الشذوذ .. وغير ذلك؟ هل ترون انها الحرب البديلة عن الحروب العسكرية المباشرة بعد الارهاب ام انها معارك لارباك قوى المقاومة وتشتيت جهودها؟
أجاب: “الاتجاه المادي هو المسيطر في العالم اليوم والدول الكبرى تتبنى مسارا بعيدا عن الله تعالى وقائم على الأنانية والتسلط والتحكم بشعوب العالم، وكل عناوين الهيمنة والاستحواذ والاستعمار والسيطرة والاحتلال والعدوان من أجل مصالحهم ومصالح شعوبهم، حتى ولو أدى ذلك إلى كسر واحتلال مناطق والإضرار بالشعوب على مستوى العالم، وخاصة فيما يتعلق بمواجهة العالم الإسلامي.
إن نشر ثقافة الشذوذ هي جزء لا يتجزأ من تعطيل قدرة الإنسان من أن يعود إلى الله تعالى، وهي جزء من الاتجاه المادي الذي يخرب بنيان الأسرة ويؤدي إلى ارتكاب الكثير من المعاصي ما يجعله بعيدا عن الله وغارقا في الشهوات والحياة الدنيا، وهذا مخالف تماما لتعاليم الإسلام التي توازن بين الجسد والروح والتي تربط الإنسان بالخالق وتؤدي إلى عيش حياته الدنيا بشكل مستقيم ومتوازن.
إن خطوات الماديين في نشر ثقافة الشذوذ والاعتداء على كتاب الله تعالى وتشجيع الاحتلال في فلسطين وكل هذه الأعمال العدوانية هي جزء لا يتجزأ من مواجهة الخط المقاوم والاتجاه الإسلامي وتحرر شعوب المنطقة، وهي ليست بديلا عن الحروب العسكرية المباشرة حيث يستطيعون يباشرون عملا عسكريا وحيث يجدون أن الأمور معقدة يلجأون إلى الحرب الناعمة ونشر الدعاية وفرض الأفكار المنحرفة على مستوى الأمم المتحدة وعلى مستوى استغلال الجهات الدولية المختلفة، إذا هي مواجهة بأساليب مختلفة لا يتركون فيها أسلوبا دون آخر وإنما يمارسونها جميعا بحسب المكان والزمان والظروف”.
سئل: انتم متهمون من قبل الطرف الاخر في لبنان بأنكم تعطلون انتخابات رئيس للجمهورية ولا تسمحون بعقد دورات متتابعة للانتخاب، كيف تفسرون ذلك؟ وما حقيقة الامر والقوى التي تتسبب بالفراغ؟ وهل شرطكم للقبول بالرئيس شرط تعجيزي؟
أجاب: “من المعلوم أن انتخاب رئيس الجمهورية يتطلب حصوله على ثلثي أعضاء المجلس النيابي الذي يتشكل من 128 عضوا وهذا في الدورة الأولى، أما في الدورة الثانية فيحتاج إلى النصف زائد واحد أي 65 نائبا.
وطبيعة تركيبة هذا المجلس النيابي طبيعة مشتتة بحيث يوجد 7 إلى 8 كتل نيابية فضلا عن المستقلين وهناك تفاوت كبير في القناعات والاتجاهات السياسية والعملية، فلا يوجد انقسام عامودي إلى اثنين حتى يسهل أن نقترب من فريق دون آخر، وإنما يوجد انقسام إلى عدة اتجاهات؛ بهذه الحالة المطلوب أن تقترب بعض الاتجاهات من بعضها لتشكل قدرة على الاتفاق.
بالنسبة إلينا نحن نعمل على توفير العدد الملائم بالاتفاق بيننا وبين بعض الكتل، وغيرنا يعمل بهذه الطريقة وقد شهدت جلسة الانتخابات الشهيرة في 14 حزيران 2023 في المجلس النيابي أنه كان مطروح إسمان هما سليمان فرنجية وجهاد أزعور ولم يستطيع أي فريق أن يحصل على النصف زائدا واحدا فضلا عن الثلثين في الدورة الأولى بالأصل، إذا المشكلة لها علاقة بالجميع ولسنا نحن وحدنا من يتحمل المسؤولية فقط، وقد سمعنا تصريحات من الطرف الآخر أنه لو تمكنا كحزب الله وحركة أمل ومن معنا أن نتوفق لجمع 65 نائبا في الدورة الثانية فهم سيعطلون الانتخابات لأنهم لا يريدون لمرشح لدينا أن يصل إلى المجلس النيابي، إذا من المعطل؟ أما شروطنا فهي من أهم الشروط المطروحة في لبنان، كل ما نقوله أننا نريد رئيسا وطنيا جامعا للبنانيين ويتعاون معهم جميعا، وينفتح على الدول العربية والأجنبية ولا يكون تابعا ولا يطعن المقاومة في ظهرها، هذه شروط وطنية وليست خاصة إنما يستفيد منها الجميع”.
وقال ردا على سؤال عن الحوار: “نحن دعونا إلى الحوار من أجل أن نقرب وجهات النظر بسبب هذا التوزع الموجود في المجلس النيابي.
لا يمكن أن يكون الحوار بالتراشق الإعلامي وكيل الاتهامات، هذا ليس حوارا بل هذا تنافر وتباعد، أما الحوار فهو عبارة عن نقاش يمكن أن يكون بطرح الأسماء وتبيان المواصفات واختيار المواصفات الأفضل بطريقة منطقية وطنية جامعة ويمكن أيضا أن توضع الشروط المناسبة للطمأنينة عند الأطراف المختلفين ويتفقون عليها، كما يمكن أن يؤدي الحوار إلى الاتفاق على مواصفات للرئيس وما يمكن أن يقوم به بالإجمال في رؤيته أو توجهاته، ثم بعد ذلك يتم تطبيق هذه المواصفات على إسم من الأسماء المطروحة بالتفاهم والحوار والتعاون.
إذا الحوار هو مدخل من أجل معالجة هذا الانقسام الحاد الموجود بين الكتل وهذا التباعد بين الرؤى ووجهات النظر في الوقت الذي يمكننا أن نجد القواسم المشتركة لكن هذا الأمر يتطلب الحوار”.
وتابع ردا على سؤال آخر: “نصر المقاومة في لبنان في مواجهة عدوان إسرائيل سنة 2006 لمدة 33 يوما هو نصر استثنائي وتاريخي ومفصلي، لأنه حصل في مواجهة عدو إسرائيلي أربك المنطقة وعطل تنميتها واحتل فلسطين ومد احتلاله إلى أراض عربية عدة. هذا الكيان الغاصب كان يعمل للتوسع وللمزيد من العدوان والاحتلال، فجاءت المقاومة في لبنان لتحقق أول وأضخم وأكبر إنجاز في طرد هذا العدو في معركة عسكرية طاحنة ومؤثرة ولا يخفى أنه للمرة الأولى ينكشف أن الجيش الذي لا يقهر يمكن قهره وإخراجه وتعطيل هدفه في هذا الاحتلال الذي أراده للبنان، وهو بالفعل، يتميز أنه حصل كتحرير بعد معركة عسكرية طاحنة.
إذا العدو خسر لأول مرة بهذه الصورة منذ سنة 1948 أمام قوة مقاومة شعبية متلاحمة بطريقة نموذجية في إطار ثلاثي الجيش والشعب والمقاومة، والدليل على أهمية هذا النصر أنه أوجد توازنا للردع لازال مستمرا حتى الآن إلى درجة أن العدو الإسرائيلي لم يتجرأ على القيام بأعمال عسكرية أو أمنية أو اعتداء مباشر على لبنان خشية ردة فعل المقاومة وحزب الله وكل القوى التي تسانده لأن التجربة أثبتت بأن قدرته على المواجهة مع حزب الله غير ناجحة، بل هو اعترف كعدو بأنه فشل في حرب تموز 2006.
كيف الآن وقد تعاظمت قوة المقاومة وازدادت عددا وعدة وسلاحا ونوعية ودقة في الصواريخ ووجود قدرات معروفة وغير معروفة بتجهيزات وإمكانات مختلفة تماما وأكثر بكثير مما كان عليه الوضع في سنة 2006؟ فإذا كيف يمكن أن يواجه العدو الإسرائيلي حزب الله ومقاومته مع هذا التطور الموجود؟ صحيح أن العدو عمل على ترميم قدرته بعد الـ 2006 ولكن أيضا حزب الله عمل على تطوير إمكاناته وقدراته واستعداداته لأي مواجهة مستقبلية فإذا درسنا خارطة التقدم سنرى أن المستوى في التقدم الذي أحرزه حزب الله يتجاوز أضعاف الترميم الذي أحرزه العدو الإسرائيلي.
أما لماذا لم يتمكن من ترميم صورته فهذه مشكلته، وهذا لأنه محتل ولأنه مع كل الدعم الغربي وخاصة الأميركي المفتوح من دون استثناء هو لا يملك كعدو أهداف نبيلة تساعد على حسن الاستثمار أكثر بالإمكانات المتوفرة لديه، وعندما يواجه مثل حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي والجمهورية الإسلامية وكل هذه القوى التي تملك رؤية شريفة ونبيلة ووطنية وهي تعمل من أجل التحرير، بالتأكيد سيكون المشهد مختلفا تماما وهذا ما نراه”.
وعن إمكان نشوب حرب اثر الاستفزازات الاسرائيلية على الحدود قال: “تحاول إسرائيل أن تحقق إنجازات صغيرة ومحدودة في قضم أمتار هنا أو هناك أو تثبيت احتلالها أو إعطاء صورة بأنها حاضرة من خلال منواراتها، ولكن هذا كله لا يؤدي إلى حرب مباشرة ولا يعني أن إسرائيل الآن في حالة استعداد كبرى للحرب، في المقابل المقاومة تقوم بما عليها من الاستعدادات والقيام بالمناورات والتحرك على الأرض والانتباه إلى ما يجري على الحدود، وكذلك جمع المعلومات والاستمرار في التدريبات.
كل هذه الأمور تحصل ولكن لا يوجد قرار لدى المقاومة الآن بمواجهة عسكرية شاملة مع العدو الإسرائيلي. إذا من جهة الطرفين لا يبدو أن الأجواء أجواء مساعدة على حرب في هذه المرحلة، وبناء عليه لا يحتاج الأمر إلى أكثر من تحذير لحكومة الاحتلال وتذكير لقيادته العسكرية أنهم إذا أخطأوا في التقدير فهم يعلمون تماما جهوزية المقاومة واستعدادها للمواجهة والرد، وهذا الأمر جاء على خلفية تهديدات قادة العدو الإعلامية التي تكررت في الفترة الأاخيرة وإن كنا نعلم أنها تهديدات غير حقيقية وغير فعالة ولكن لا بد من أن نذكر العدو وجيشه وشعبه أننا جاهزون لتكون حساباتهم أدق”.