
لم يأتِ كلام الأمين العام لحزب الله، سماحة الشيخ نعيم قاسم، من باب الخطاب التقليدي أو الرسائل الملتبسة. كان كلامًا مباشرًا، اختصر فيه الموقف والطريق معًا، ووضع النقاط على الحروف من دون مواربة.
عبارة «شمال النهر خارج الحساب» لم تكن توصيفًا ظرفيًا، بل إعلان موقف استراتيجي، حتى لو كان ثمنه الحرب.
في كلمته، بدا واضحًا أن مرحلة المراوحة انتهت، وأن الرهانات على تسويات جزئية أو حلول وسط لم تعد قائمة.
الرسالة الأساسية كانت أن المقاومة لن تقبل بأي معادلة تُفرَض عليها من الخارج، ولا بأي قرارات داخلية تُصاغ تحت الضغط أو التهديد.
فالمواجهة مع العدو الإسرائيلي هي الأساس، وهي وحدها التي ترسم حدود القرار واتجاهه.
التأكيد على الجهوزية والقدرة والتماسك لم يكن استعراضًا للقوة، بل تثبيتًا لحقيقة قائمة. المقاومة، وفق ما قاله الشيخ قاسم، ليست في موقع الدفاع الضعيف، ولا في حالة انتظار، بل في موقع الثبات والاستعداد، مهما تعقّدت الظروف أو اشتدّت الضغوط السياسية والإعلامية.
وفي هذا السياق، تسقط عمليًا قيمة أي نقاش داخلي يحاول القفز فوق الواقع الميداني، أو فصل ما هو سياسي عمّا هو أمني. فطالما أن التهديد الإسرائيلي قائم، وطالما أن الاعتداءات مستمرة، يبقى خيار المقاومة حاضرًا، ويبقى أي حديث آخر مجرّد كلام لا يغيّر في المعادلة شيئًا.
بين احتمال الجولة القادمة من المواجهة، وبين رهان البعض على تعقّل أميركي أو تسوية إقليمية، يقف المشهد مفتوحًا على كل الاحتمالات.
لكن الثابت، كما أراد الشيخ نعيم قاسم تأكيده، أن لبنان ليس ساحة مستباحة، وأن المقاومة لن تُدار بالإنذارات ولا بالضغوط، بل بالوقائع والميزان الحقيقي للقوة.
إنه خطاب يعلن بوضوح أن ما بعده ليس كما قبله، وأن المرحلة المقبلة ستُبنى على معادلات أوضح، وحدود أشدّ صلابة، حيث لا مكان للغموض، ولا مساحة للتراجع.
حسين صدقة
المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع "صدى الضاحية" بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و"الموقع" غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.



