اخبار اقليمية

عملية “حرارة الجسد” للعثور على رون أراد… والضابط اللبناني الذي قد يفكّ اللغز كلّه

اعاد ملف اختفاء الملاح الإسرائيلي رون أراد إلى الواجهة مجددًا، على وقع تقارير إسرائيلية تتحدث عن اختفاء ضابط لبناني سابق يُدعى أحمد شكر، في ظروف غامضة، وسط ترجيحات في إسرائيل بأن تكون تل أبيب تقف خلف العملية، في محاولة متأخرة لفك واحدة من أعقد الألغاز الاستخباراتية في تاريخ الصراع مع لبنان.

وفي مقال تحليلي مطوّل نشره الصحافي الإسرائيلي رونين برغمان في موقع إسرائيلي بارز، تحت عنوان عملية “حرارة الجسد” للعثور على رون أراد، والضابط اللبناني الذي “اختُطف” وربما يملك مفتاح الحل، طُرحت فرضية ثقيلة الدلالات مفادها أن نجاح عملية خطف أحمد شكر، إن ثبتت، لن يكون إنجازًا استخباراتيًا بقدر ما سيشكّل اعترافًا ضمنيًا بفشل استراتيجي استمر نحو 3 عقود.

ويشير برغمان في مقاله إلى أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية استثمرت منذ أواخر الثمانينيات جهودًا هائلة، وموارد بشرية ومالية ضخمة، في محاولة لمعرفة مصير رون أراد، انطلاقًا من فرضية مركزية واحدة مفادها أن أراد نُقل من لبنان إلى إيران، أو كان محتجزًا لدى جهات مرتبطة بطهران أو بحزب الله. غير أن التطورات الأخيرة، المرتبطة باختفاء أحمد شكر، قد تعني أن هذا الافتراض الأساسي كان خاطئًا من جذوره.

ويلفت الكاتب إلى أن عملية خطف شخص حي من دولة ذات سيادة ونقله سرًا إلى دولة أخرى، عبر البحر أو الجو، ومن دون أن يُكشف أمر العملية، تُعد من أعقد العمليات الاستخباراتية الممكنة، لا سيما إذا كان المستهدف ضابطًا سابقًا في جهاز أمني، ويتمتع بخبرة عالية ووعي أمني، وينتمي إلى بيئة شديدة الحساسية أمنيًا مثل البقاع اللبناني.

وبرأي برغمان، فإن اختفاء أحمد شكر، وهو ضابط متقاعد في جهاز الأمن العام اللبناني، قد يعيد فتح السؤال الذي لم يُحسم منذ عقود: هل أخفقت إسرائيل منذ البداية في تحديد الجهة الحقيقية التي كانت تحتجز رون أراد، وهل طرقت الأبواب الخطأ طوال هذه السنوات؟

ويقول الكاتب إن اختطاف أحمد شكر، إذا صح، لا يمكن أن يكون قد نُفّذ إلا إذا كانت لدى إسرائيل قناعة بأن الرجل يملك معلومة حاسمة تتعلق بمصير رون أراد، لأن المخاطر المترتبة على تنفيذ عملية كهذه داخل لبنان، وفي بيئة معادية ومتوترة، لا يمكن تبريرها من دون هدف استثنائي.

ويضيف برغمان أن افتراض وجود مفتاح اللغز لدى أحمد شكر يعني أن نهاية مسار رون أراد قد تكون أقرب بكثير مما اعتُقد سابقًا، وربما في محيط بلدة النبي شيت في البقاع، حيث كان أراد محتجزًا في أيار 1988، قبل أن ينقطع أثره نهائيًا.

ويشير المقال إلى أن الاستخبارات الإسرائيلية بنت طوال سنوات ما يشبه “برجًا استخباراتيًا ضخمًا” قائمًا على فرضية النقل إلى إيران، وأن عشرات العمليات السرية، وعمليات الخطف، والتجسس، والاغتيالات، وحتى الحروب، انطلقت من هذه القناعة. لكن مع تراكم الإخفاقات، وعدم الحصول على أي دليل حاسم، بدأ هذا البناء يتصدع.

ويستعرض الكاتب سلسلة عمليات نفذها الموساد على امتداد العالم، في إطار ما عُرف بعملية “حرارة الجسد”، بهدف الوصول إلى معلومة تقود إلى مصير رون أراد، مشيرًا إلى أن أحد كبار قادة هذه العمليات قال في وقت لاحق إن كل ما جُمع من معلومات انتهى إلى لا شيء، من دون أي تقدم حقيقي.

كما يذكّر المقال بأن إسرائيل لجأت، في مراحل لاحقة، إلى خطف شخصيات مرتبطة بإيران أو بحزب الله، من بينها ضابط إيراني سابق خُطف في سوريا عام 2021، في عملية أقرّ بها لاحقًا رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك نفتالي بينيت، على أمل أن يقود التحقيق معه إلى كشف مصير أراد. غير أن هذه العملية أيضًا انتهت من دون نتائج.

وبرأي برغمان، فإن اختفاء أحمد شكر قد يكون الحلقة الأخيرة في سلسلة محاولات لكسر “العقيدة الاستخباراتية” التي حكمت التفكير الإسرائيلي لعقود، وقد يثبت في نهاية المطاف أن رون أراد لم يكن في إيران، ولا ورقة تفاوض، بل ضحية جريمة محلية وقعت في لبنان في وقت مبكر، وأن إسرائيل أخطأت في فهم طبيعة البيئة التي كان محتجزًا فيها.

ويختم الكاتب بالقول إن السؤال لم يعد فقط أين انتهى رون أراد، بل كيف ستتعامل إسرائيل، سياسيًا وأخلاقيًا، مع احتمال أن تكون قد بنت استراتيجيتها الاستخباراتية لعقود على فرضية خاطئة، وأن يكون أحمد شكر، إذا ثبت اختفاؤه على يد إسرائيل، شاهدًا على هذا الفشل بقدر ما هو مفتاح محتمل للحقيقة.

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع "صدى الضاحية" بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و"الموقع" غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى