أخبار عالمية

ترامب يفقدُ بريقه السياسي .. هل بدأ التأييد الشعبي يتراجع؟

بعد تسعة أشهر على ولايته الثانية، يجد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه أمام تراجعٍ واضح في التأييد الشعبي، وسط إغلاقٍ حكومي جزئي وتوتراتٍ سياسية واقتصادية متصاعدة.

فقد أظهرت آخر استطلاعات الرأي الصادرة عن كل من وكالة رويترز/ وإيبسوس (سبتمبر – أكتوبر 2025) أن نسبة تأييد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انخفضت إلى نحو 40%، وهي أدنى نقطة منذ توليه منصبه في 20 كانون الثاني/يناير 2025.

هذا التراجع لم يكن مفاجئًا للمحللين، الذين يعزونه إلى مزيج من العوامل الداخلية والخارجية، أبرزها: ضعف الأداء الاقتصادي، سياسات الهجرة المثيرة للجدل، الاستخدام المفرط للقوة داخليًا، وتذبذب المواقف في السياسة الخارجية.

وفي هذا الاطار يقول الباحث في الشؤون الدولية علي مراد في مقابلة مع موقع المنار: “الاقتصاد يبقى المعيار الأول في تقييم الرؤساء؛ فالمواطن الأميركي يقيس الأداء بما يدخل جيبه، لا بما يُقال في المؤتمرات الصحفية.”

يتفق معظم المحللين على أن الاقتصاد يشكّل العقبة الأساسية أمام شعبية ترامب، إذ أدّت سياسات التعريفات الجمركية الجديدة، التي فُرضت خلال الأشهر الأولى من ولايته الثانية، إلى اضطراب الأسواق المالية وتراجع ثقة المستثمرين في وول ستريت، ما انعكس سلبًا على سوق العمل ورفع معدلات البطالة.

وبحسب رويترز، فرض ترامب تعريفات جمركية على مجموعة واسعة من السلع المستوردة، شملت 100% على الأدوية المسجلة، و25% على الشاحنات الثقيلة، و50% على معظم الصادرات الهندية.

ووفقًا لتقارير رويترز ومعهد Peterson للاقتصاد الدولي (PIIE)، دفعت هذه السياسات الشركات إلى إعادة تقييم سلاسل التوريد وتقليص خطط التوظيف مؤقتًا.

كما أشار تقرير اللجنة الاقتصادية المشتركة في الكونغرس إلى أنّ هذه التعريفات ساهمت في تباطؤ نمو الوظائف وارتفاع طلبات إعانات البطالة، في حين أوضح مركز Yale للسياسات الاقتصادية أن أسعار السلع الاستهلاكية ارتفعت بنسبة 1.8%، ما زاد العبء على الأسر الأمريكية.

وقد انعكست هذه التداعيات الاقتصادية مباشرة على شعبية ترامب، إذ شعر الناخبون بأن سياساته زادت أعباءهم بدل أن تحمي جيوبهم، خصوصًا بين الشباب والمستقلين الذين يُعتبرون طرفا اساسيا في الانتخابات.

وأظهر استطلاع رويترز أن 54% من الأمريكيين يرون أن الاقتصاد يسير في الاتجاه الخاطئ، بينما يوافق فقط 35% على أداء ترامب الاقتصادي، وتنخفض النسبة إلى 28%–30% عند تقييم إدارته لتكلفة المعيشة.

كل ذلك يؤدي الى خلاصة يعبر عنها الباحث علي مراد بالقول: “أي ارتفاع محسوس في الأسعار أو تراجع في التوظيف يخصم فورًا من رصيد الرئيس بين المستقلين، وهي الفئة الأكثر حساسية تجاه المؤشرات الاقتصادية.”

منذ آب/أغسطس الماضي، نفذت وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) حملات ترحيل واسعة شملت آلاف المهاجرين من أصول لاتينية، ما فجّر موجة غضب داخل المجتمعات الهسبانية هي الفئة ذات الأصول اللاتينية الناطقة بالإسبانية، التي تعيش في الولايات المتحدة الأمريكية.

وبيّن استطلاع إيبسوس أن تأييد ترامب بين اللاتينيين تراجع إلى نحو32% ، بعدما كان أكثر من 45% مطلع العام.

ويرى الباحث علي مراد أن الأمريكيين من أصول لاتينية اعتبروا هذه الحملات سياسات ذات خلفية عنصرية تستهدف المهاجرين من المكسيك وأمريكا اللاتينية.

كما تأثر أصحاب الأعمال البيض الذين يعتمدون على العمالة المهاجرة الرخيصة، إذ أدّى فقدانهم لهذه اليد العاملة إلى تراجع الإنتاجية وزيادة البطالة، وأضعف قطاعات حيوية مثل الزراعة والبناء. وهكذا تحوّل ملف الهجرة من ورقة انتخابية رابحة إلى عبء سياسي واقتصادي مزدوج على إدارة ترامب.

على صعيد اخر، أظهرت بيانات رويترز/إيبسوس أن 58% من الأمريكيين ي يؤيدون إرسال قوات عسكرية لمواجهة تهديدات خارجية، ما يعني ان الاغلبية ترفض نشر الجيش داخل البلاد لمواجهة التهديدات الداخلية، ما يعكس رفضًا عامًا لأي تدخل فدرالي في الشؤون المحلية.

وعن هذا الموضوع تحدث الباحث في الشؤون الامريكية علي رزق لموقع المنار فقال أن المستقلين يميلون إلى معاقبة أي إدارة تتجاوز في استخدام القوة داخليًا، خاصة عندما يترافق ذلك مع ضعف اقتصادي.

وقد أدت الحملات الأمنية في مدن مثل واشنطن ولوس أنجلوس إلى جدل سياسي واسع، حيث اعتبر كثيرون أن الخطاب الأمني الصارم ونزعة “القوة أولًا” تعكس توجهًا سلطويًا مقلقًا.

وفي مقال نشرته فوكس نيوز، اعتبرت السيناتور تامي داكويرث أن استخدام القوات العسكرية داخل المدن يشكل انتهاكًا لحقوق المواطنين ويهدد نزاهة الجيش، في موقف يعكس القلق الديمقراطي من التسييس الأمني.

وأظهرت البيانات أن 72% من الديمقراطيين و51% من الجمهوريين يفضلون حصر استخدام الجيش بالمهام الخارجية فقط، وهو ما أسهم في تآكل ثقة المستقلين والديمقراطيين بترامب، وجعل الملف الأمني أحد أبرز أسباب تراجع شعبيته.

فقد أدت سياساته تجاه إيران ودعمه اللامحدود للكيان الإسرائيلي إلى خيبة أمل داخل قاعدة “ماغا”، ما دفعه لاحقًا إلى محاولة تعديل موقفه والمضي في اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.

وتُظهر استطلاعات رويترز/إيبسوس (سبتمبر 2025) أن 45% من الأمريكيين يعارضون أي انخراط عسكري ضد إيران مقابل 41% مؤيدين، ما يعكس ميلاً عامًا نحو الابتعاد عن التدخلات الخارجية.

كما تراجع ترامب عن وعوده بإنهاء الحرب في أوكرانيا بعدما وافق على تزويد كييف بالسلاح، ما أثار استياء جزء من قاعدة “لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا”.

أما في منطقة غرب اسيا، فقد أدى تبدّل مواقفه من رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والحرب على غزة إلى انتقادات متزايدة حتى داخل الحزب الجمهوري، وخصوصًا بين الشباب الذي بدأ يتعاطف مع الفلسطينيين اكثر من تعاطفه مع المستوطنين.

كل ذلك ساهم في إضعاف صورته الدولية وفقدان جزء من بريقه السياسي.

المصدر: قناة المنار

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع "صدى الضاحية" بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و"الموقع" غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى