كتبت صحيفة “نداء الوطن”: لم تحظَ رسالة نواب حاكم مصرف لبنان التي أعلنت أمس، والداعية الى تعيين حاكم أصيل بعد رحيل رياض سلامة آخر الشهر، مع تهديد مبطن بالاستقالة، بالوقع الذي أرادوه في الرأي العام، بل ارتدّت سلباً عليهم وعلى رئيسي مجلس النواب ومجلس الوزراء نبيه بري ونجيب ميقاتي، مع توجيه أصابع الإتهام من شرائح واسعة من المتابعين سياسياً وإقتصادياَ الى موقّعي الرسالة على انهم «ماريونيت» في يد من عيّنهم، وأنّ بري وميقاتي يمعنان في تكرار محاولات فرض أمر واقع حتى لو تعلق الأمر بتعيين حاكم لمصرف لبنان من دون وجود رئيس للجمهورية، كما لو انهما يديران الدولة وحدهما بالقفز فوق القوانين والأعراف. وفي حالة مصرف لبنان، ينص قانون النقد والتسليف بوضوح على تسلم النائب الأول المسؤولية بعد نهاية ولاية سلامة.
وحجة بري أنه لا يريد للطائفة الشيعية تحمّل وزر الكارثة التي في مصرف لبنان والمصارف وسوق القطع، أما حجة ميقاتي ففحواها أنه قادر على التعيين وفق صلاحياته في ظل الفراغ الرئاسي، ونكاية بالجهات الرافضة والمعارضة له.
وعلمت «نداء الوطن» أنّ هناك ضغطاً أميركياً لتعيين حاكم قبل نهاية الشهر، لأنّ مصرف لبنان لا يحتمل الفراغ ولا يحتمل شخصاً شيعياً على رأسه (وسيم منصوري).
ولم يعد سراً أنّ شخص كميل ابوسليمان يحظى بقبول داخلي ما وخارجي، ولا سيما أميركياً، وأنّ الأسماء الأخرى المتداولة مثل هنري شاوول وجهاد أزعور وسمير عساف فمنقسمة بين واحد يريد التعيين وفق الأصول وآخر متردّد وثالث رافض.
وبالعودة الى رسالة نواب الحاكم، فإن خطوتهم تعرضت لانتقادات لاذعة من خبراء مال واقتصاد، فهم عايشوا الانهيار وممارسات ظلم المودعين وانهيار الليرة وهدر المليارات على الدعم ومحاباة بنوك تتنكر لأصحاب الحقوق، مثلما تعايشوا مع تحقيقات دولية تطال سلامة وصولاً الى صدور مذكرات جلب دولية في حقه من دون ان يرف لهم جفن، ولم يهددوا بالاستقالة، كما فعلوا امس.
ووجهت لهم ولمن ضغط عليهم أو أوحى لهم بكتابة ما كتبوا (بري وميقاتي) إدانات لجهة التهرب من المسؤولية، بحيث أكدوا، بالنسبة الى المشككين بخطوتهم، انهم ليسوا أهلاً لتبوؤ المواقع التي تبوأوها، وانهم ربما يفضلون ضمناً التمديد لرياض سلامة ليبقى هو في دائرة النقد والغضب مما آلت اليه الأوضاع المصرفية والنقدية، ويبقوا هم في مواقعهم «كومبارس» يتمتعون بالإمتيازات والألقاب والرواتب الخيالية بالدولار «الفرش».
وحتى مساء أمس لم تكن آلية التعيين التي يخطط لها بري وميقاتي واضحة، وكيف سيحصلان على موافقة «حزب الله» الذي سبق وأعلن أنه ضد تعيينات الفئة الأولى في ظل فراغ رئاسي وحكومة تصريف أعمال محدودة الصلاحيات.
وفي الجانب المسيحي المعارض يستمر الموقف المبدئي على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية أولاً وعدم السماح لبري وميقاتي بإدارة البلد على طريقتهما «المستخفة» بشركاء أساسيين لهم في الوطن، مع التذكير بأن الارتدادات قد لا ترضيهما وتفاجئهما مثلما حصل يوم قررا عدم تقديم الساعة الصيفية!
تبقى الاشارة الى أنّ مصادر متابعة لا تستبعد ان يواجه بري وميقاتي خصومهما السياسيين بورقة التمديد لسلامة، والا فإنهما سيفرضان استقالة نواب الحاكم ليعم الفراغ مصرف لبنان على مستوى المجلس المركزي برمته مع إمكان تسجيل الدولار قفزات جنونية.