مقالات
يوم القدس ووفاء جبهات المقاومة بالعهد

يوم القدس كما هو معروف، يوم عالمي دشنته الجمهورية الإسلامية بعد نجاح ثورتها بمدة وجيزة للتضامن مع الحق الفلسطيني، ولبقاء قضية القدس حية في وجدان الأمة، وهو حدث لم ينقطع تزامنًا مع الجمعة الأخيرة في شهر رمضان منذ تدشينه حتى الآن.
ومنذ اندلاع طوفان الأقصى وشن حرب الإبادة على غزة وما سبقها من محاولات مكشوفة لتصفية القضية وابتلاع القدس، فإن جبهات المقاومة أثبتت مصداقيتها في إسناد غزة وتقديم التضحيات، ولا يقتصر هذا الثمن المدفوع على الدفاع عن غزة، بل هو دفاع عن القدس، بدليل وصف الشهيد القائد السيد حسن نصر الله لمحور المقاومة بأنه “محور القدس” قبل اندلاع الطوفان بأكثر من عام وفي إطار خطاب له بمناسبة يوم القدس، وبدليل وسم الشهداء في معركة الإسناد بأنهم “شهداء على طريق القدس”.
وهنا يجب التأمل في فلسفة يوم القدس ودلالاته، وكيف أثبتت جبهات المقاومة وفاءها للعهد، ولا تزال تقدم التضحيات، وستظل حتى زوال الكيان وتحرير القدس.
فلسفة يوم القدس:
وقبل الخوض في فلسفة ودلالات يوم القدس، يجدر ذكر مقطع من دعوة الإمام الخميني (قدس سره) التي أعلن بها تدشين يوم القدس في العام 1979، لأنها تزامنت مع أوضاع عدوان تماثل العدوان الراهن، ولأنها تلخص الكثير من هذه الدلالات.
وقد قال الإمام الخميني (قده) نصًا: (أدعو المسلمين في جميع أنحاء العالم إلى تكريس آخر جمعة من شهر رمضان المبارك يومًا للقدس وإعلان التضامن الدولي للمسلمين، دعمًا للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني المسلم. لقد أبلغت المسلمين لسنوات عديدة بالخطر الذي تشكله “إسرائيل” المغتصبة التي كثفت اليوم هجماتها الوحشية ضد الإخوة والأخوات الفلسطينيين، والتي، في جنوب لبنان على وجه الخصوص، تقصف منازل الفلسطينيين باستمرار على أمل سحق النضال الفلسطيني. أدعو جميع مسلمي العالم والحكومات الإسلامية إلى التكاتف لقطع يد هذا المغتصب وداعميه….).
وهنا يمكن استخلاص أهم الدلالات:
1- الدعوة ليوم القدس هي دعوة وحدوية تقوم على وحدة الأمة الإسلامية وبيان واجبها الجماعي تجاه القضية الفلسطينية، وقد اختارت رمزًا محل إجماع لجميع الفرقاء ممن اتخذوا مواقف انفصالية عن القضية بدعوى مصلحة بلدانهم أو أنهم قدموا تضحيات وأدوا ما عليهم وليس بإمكانهم تقديم المزيد، أو ممن اعتنقوا مبدأ التسوية و”خيار السلام”، فكان الشعار شعارًا لا يختلف عليه أحد.
2- اتخاذ القدس عنوانًا لهذا اليوم هو توجه إستراتيجي، لأنه يستهدف درة تاج المشروع الصهيوني المتمثلة في ابتلاع القدس، ويأتي يوم القدس في مواجهة “يوم القدس الصهيوني” الذي جعله الكيان عطلة رسمية وأعلنته الحاخامية الكبرى في الكيان عيدًا دينيًا ثانويًا، وتقام به سنويًا مسيرة الأعلام الاستفزازية، وبالتالي فإن إحياء يوم القدس هو إعلان للصمود والإصرار على استعادة الحقوق المشروعة.
3- تعيين القدس عنوانًا لليوم هو إعلان عن حرية فلسطين الكاملة باعتبار القدس عاصمة لفلسطين الحرة من النهر إلى البحر، بلحاظ خطاب الأنظمة الرسمية التي تتحدث عن “القدس الشرقية” وحدود الرابع من حزيران، وبلحاظ الحلول التصفوية للقضية التي تتحدث عن كانتونات مقطعة تحت عنوان “حل الدولتين”.
مصداقية جبهات المقاومة: