مقالات

شعبٌ لا يُقتلع… غزة بين صمود الأرض ومؤامرات التهجير

لا يزال الفلسطينيون، رغم الجراح والنكبات، صامدين على أرضهم، متجذرين كأشجار الزيتون التي لا تقتلعها العواصف.

وفي خضم هذه المعركة المستمرة، تطل علينا تصريحات دونالد ترامب التي دعا فيها أهل غزة إلى مغادرة وطنهم بذريعة إعادة الإعمار، كاشفًا بذلك عن وجه آخر من وجوه التآمر على القضية الفلسطينية، تلك التي لم تنكسر رغم عقود من العدوان والتهجير.

إنّ هذه التصريحات ليست مجرد كلمات عابرة، بل هي امتداد لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية وإنهاء وجود هذا الشعب على أرضه.

فبدلًا من الاعتراف بالحقوق المشروعة للفلسطينيين، نجد خطابًا يتبنى منطق المستعمر، الذي يرى في شعبٍ بأكمله عقبة أمام أطماعه ومخططاته.

إنّ الدعوة لمغادرة غزة تعني في جوهرها شرعنة الاقتلاع القسري، وتجريد الفلسطينيين من أحد أقوى أسلحتهم: التمسك بالأرض.

ولكن غزة ليست أرضًا قابلة للبيع أو المقايضة، وشعبها ليس جموعًا من النازحين الذين يمكن تفريقهم في أصقاع الأرض. لقد أثبتت غزة خلال خمسة عشر شهرًا من القصف والتدمير أنها عصية على التهجير، وأنها باقية رغم محاولات الإبادة الجماعية.

لقد صمد أهلها تحت الركام، عاشوا بين أنقاض منازلهم، وحوّلوا الألم إلى صمود، والدمار إلى عناد، والدماء إلى حياة متجددة.

إنّ الدعوة إلى التهجير ليست سوى حلقة جديدة في سلسلة المحاولات التي تهدف إلى إعادة رسم خريطة المنطقة على حساب حقوق الفلسطينيين. ولكن التاريخ علمنا أن الشعوب التي تنغرس في الأرض، مهما تكالبت عليها المؤامرات، تنتصر في النهاية.

فكما لم تفلح النكبة في اقتلاع الهوية الفلسطينية، وكما لم تنجح سنوات الحصار في تركيع غزة، فإنّ دعوات الترحيل ستتحطم على صخرة الإرادة الشعبية، التي تعلن أن الأرض لمن يرويها بدمه، لا لمن يحاول طمس معالمها بقراراته.

غزة باقية، والشعب الفلسطيني ليس للبيع، والمقاومة مستمرة…

ريما فارس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى