تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن أزمة قوة بشرية يعاني منها “الجيش” الإسرائيلي، كاشفةً أنّ مئات الضباط يتركون “الجيش” في ذروة الحرب.
وذكرت صحيفة “إسرائيل هيوم” أنّ “الجيش الإسرائيلي لم ينتهِ بعد من سنة 2024، ولكن يمكن القول إنه منذ الربع الثاني من السنة، مع التركيز على الأشهر الستة الماضية، ترك نحو 500 ضابط برتبة رائد الجيش طواعية”.
ورأت الصحيفة أنه معطى “يُفترض أن يهزّ إسرائيل، في وقت تتزايد التحديات الأمنية ويخطط الجيش لإنشاء أطر قتالية إضافية، وفي ذروة ذلك يغادر عناصر الخدمة الدائمة المنهكون الجيش”.
وأشارت إلى أنه “في الجيش الإسرائيلي متفاجئون من حجم هذه الظاهرة، ويعترفون بأنهم قدّروا بأنّ موجة المغادرة ستتسع مع انتهاء ضجيج المدفعية، وليس في خضم الحرب”.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ “الجيش كان بدأ الحرب في خضم أزمة قوة بشرية حادة بشكلٍ خاص، ففي سنة 2022، غادر الجيش رقمٌ قياسيٌ بلغ 613 ضابطاً برتبة رائد في عام واحد، فضلاً عن ضباط من رتب أدنى، بشكلٍ رئيسي برتبة نقيب”، مردفةً بأنّه في سنة 2023، تباطأت وتيرة المغادرة، خاصة في نهاية العام، ويرجع ذلك أساساً إلى اندلاع الحرب.
ثمن الحرب
هذا وأكدت “إسرائيل هيوم” أنّ التوقعات لعام 2025 “ليست مشجعة”، موضحةً أنّ أسباب أزمة جنود الخدمة الدائمة كثيرة، وهي لا تتعلق فقط بالعبء الذي لا يطاق الذي فرضته عليهم الحرب.
وتابعت بالقول: “ومع ذلك، ليس هناك شك في حقيقة أنّ الكثيرين من جنود الخدمة الدائمة بالكاد رأوا منازلهم وعائلاتهم في العام الأخير، بينما يخاطرون بحياتهم، تترك بصماتها”.
وأشارت الصحيفة إلى أنه “بخلاف جنود الاحتياط الذين يتلقون الاحتضان العام والمنح والمساعدات المالية الكبيرة، فإنّ جنود الخدمة الدائمة الذين يعملون بجد مثلهم، إن لم يكن أكثر، لا يحصلون على التقدير والتعاطف الجماهيري نفسه، ولا يحصلون على المكافآت نفسها”.
بخلاف جندي الخدمة الدائمة، يتلقى جندي الاحتياط المساعدة والمدفوعات مقابل جليسة أطفال، بالإضافة إلى المساعدة في المنزل لزوجته. كما أنّ جنود الاحتياط لديهم استراحات من القتال، بينما يستمر جندي الخدمة الدائمة بالشدة نفسها، وهو ما لا يتوقع أن ينخفض في المستقبل القريب مع تسريح جنود الاحتياط على نطاق واسع، بحسب الصحيفة.
وأضافت أنّ “المنتقدين سيقولون إنّ الجيش هو عمل جنود الخدمة الدائمة وهم اختاروا هذه الحياة، لكن الحقيقة هي أنّ أياً من جنود الخدمة الدائمة ولا أياً من زوجاتهم لم يتخيل أنهم سيضطرون إلى المشاركة في مثل هذه الحرب الطويلة من دون انقطاع، والمخاطرة بحياتهم، من دون أي تخفيف من العبء في الأفق”.
الضباط “غير المرئيين”
إلى ذلك، ذكرت الصحيفة أنّ المستويات العليا في “الجيش” تعترف منذ مدة بوجود مشكلة، وتدرك أنّ جنود الخدمة الدائمة يشعرون بأنهم “غير مرئيين” في نظر الجمهور.
ولفتت إلى أنه “وسط كبار الضباط في الجيش، أفيد بأنّ المشكلة تتجاوز الأسلحة والمهن، في الجو أو في البحر أو في البر أو في الجبهة أو في الجبهة الداخلية”.
في غضون ذلك، هناك “نقاش مستعر وسط جنود الخدمة الدائمة، ويعتقد الكثيرون منهم أنّ الحرب أثبتت فقط أنهم يستطيعون المساهمة في الدولة كجنود احتياط أيضاً، من دون العمل على أساس يومي مقابل راتب غير مجزٍ كثيراً”، وفق “إسرائيل هيوم”.
وأكدت الصحيفة أنّ المشكلة “حادة” بشكلٍ خاص الآن، حيث يخطط “الجيش” الإسرائيلي لزيادة حجم “الجيش” من أجل الوفاء بالمهمات الكثيرة التي أضيفت في الحرب، وتحقيقاً لهذه الغاية يريد زيادة العدد في الخدمة الدائمة بعدة آلاف.
وبحسب ما تابعت، يعترف “الجيش” بأنّ الواقع الأمني يتطلب المزيد من المقاتلين، بالإضافة إلى المزيد من اللوجستيين لمعالجة الدبابات، وإطعام المقاتلين، والعناية بالمعدات الشتوية، وإعادة “الجيش” إلى كفاءته بعد أشهر طويلة من القتال. بالإضافة إلى ذلك، يستعد “الجيش” أيضاً لتوفير الحماية القانونية للمقاتلين في الخارج، إذا احتاج إلى ذلك.
وأوضحت أنّ عشية الحرب، إذا كان عدد جنود الخدمة الدائمة قد بلغ نحو 42,000، وخلال الحرب – من خلال التجنيد المكثف – بلغ عددهم نحو 45 ألفاً في مختلف أشكال التوظيف، فالآن “الجيش” الإسرائيلي معني بزيادة العدد من أجل إنشاء المزيد من الأطر القتالية، والمزيد من الكتائب الدفاعية، والمزيد من وحدات الدفاع الجوي، وما إلى ذلك.
ووفق ما ذكرت، ليس من الواضح كيف سينجح “الجيش” في القيام بذلك في الوقت الحالي.
تهديد استراتيجي
كذلك، اعتبرت الصحيفة أنّ “هذا هو الوقت المناسب للقول إنّ المشكلة ليست فقط وسط الضباط برتبة نقيب ورائد”، موضحةً أنّ “هناك أيضاً عدداً غير قليل من قادة الوحدات، بعضهم من المقاتلين، المترددين بشأن مسارهم المستقبلي”.
وبحسب ما أكدت، غادر “الجيش” في سنة 2024 خمسة ضباط برتبة مقدم فقط، ليسوا في التشكيل القتالي، لكن كما يبدو الأمر حالياً، قد تكون أرقام سنة 2025 “مقلقة”، حتى في التشكيل القتالي.
ورأت الصحيفة أنّ القيادة العليا لـ”الجيش” تحتاج إلى “بذل المزيد من الجهد على المستوى العام من أجل الاعتراف بجنود الخدمة الدائمة وتقديرهم”، مشددةً على أنه “يجدر بالجيش أن يخوض حرباً على هذه القضية، قبل أن يفوت الأوان”.
وأشارت “إسرائيل هيوم” إلى أنّ “المشكلة ليست فقط في الجيش الإسرائيلي، لأنّ أزمة القوة البشرية في الجيش لا تقل عن تهديد استراتيجي للدولة بأكملها”، محذرةً من أنه “إذا ترك عناصر الخدمة الدائمة الجيدون الجيش، فلن يكون هناك من يملأ الصفوف”.
ووفق ما ذكرت، فإنه “لا يتم كسب الحروب بالدبابات والطائرات، بل بواسطة الأشخاص الذين يشغلونها”.