عند التدقيق في وضع المنطقة، نرى ان ثلاث دول وهي اميركا و «اسرائيل» وتركيا تسعى لتوجيه الانظارعلى التصعيد المتسارع في سوريا، لناحية المعارك الضارية بين الجيش العربي السوري وبين «هيئة تحرير الشام» الارهابية، التي سيطرت على حلب وادلب وحماة، والتي تقترب من بسط نفوذها على حمص، في حين ان الخلفية لهذا المشهد هي ايران ونفوذها في المنطقة.
ذلك ان الجمهورية الاسلامية الايرانية كقوة اقليمية تتنافس مع تركيا و «اسرائيل» المدعومة من الولايات المتحدة الاميركية، اصبحت هي الهدف من كل هذه العمليات العسكرية التي تشهدها سوريا اليوم.
وايران امامها عمليا خياران:
– الخيار الاول هو التفاوض مع اميركا، وهذا سيتطلب تنازلات من جانب الدولة الايرانية ومدى حجم التنازلات التي يمكن ان تقدمها.
– الخيار الثاني الاصطدام مع واشنطن، وهو خيار انتحاري وفقا لاوساط ديبلوماسية.
وفي هذا السياق، تبعث ايران برسائل ايجابية للادارة الاميركية الجديدة، حيث عندما يستلم الرئيس الاميركي دونالد ترامب السلطة رسميا في 20 كانون الثاني عام 2025، فسيكون لديه مشروع واضح حيال الجمهورية الاسلامية الايرانية.
وهنا، تقول اوساط ديبلوماسية ان ايران اما توافق على بعض طروحات ترامب بقوة الضغط العسكري الاميركي، ام تبرم صفقة العصر مع ترامب.
معركة حمص مفصلية للنظام السوري
وفي المسرح السوري، فان المعارك تنذر بتغييرات كبيرة، وهذا الامر مرتبط بمعركة حمص التي هي معركة مفصلية وتشكل نقطة تحول في سوريا. بيد ان سقوط حمص في ايدي «هيئة تحرير الشام»الارهابية، يعني ان المنطقة مقبلة على مجموعة من المعارك، لان حمص مدخل لبنان وملتصقة بدمشق وبين المناطق الساحلية السورية، وهي نقطة تقاطع بين لبنان والعراق ولها امتداد في تدمر. من هنا، معركة حمص هي اساسية بالنسبة للنظام السوري، اذ في حال سيطرت عليها «هيئة تحرير الشام» الارهابية فهذا امر يعيد خلط الاوراق في المنطقة.
وفي السياق ذاته، تؤكد مصادر ديبلوماسية للديار ان تركيا واميركا و«اسرائيل» تدير المعارك الحالية في سوريا، وعليه تسعى انقرة و «تل ابيب» الى اسقاط النظام السوري برئاسة الدكتور بشار الاسد، في حين تطالب اميركا الرئيس الاسد بتطبيق اصلاحات ديموقراطية بما ان ذلك يصب في المصلحة الاميركية. وبمعنى آخر اذا اسقطت تركيا و «اسرائيل» النظام السوري بمعركة عسكرية، فسيؤدي هذا الامر الى معارك طائفية في كل انحاء الدولة السورية درزية- سنية، بينما ستشعر الاقليات المسيحية والعلوية بالخوف في الساحل السوري، وهناك احتمال كبير بان تتعرض لمذابح، في حين ان الولايات المتحدة تهدف الى ضبط الامور في سوريا، لتصبح المندوب السامي لبلاد الشام، دون ان تصل الى الاطاحة بالنظام السوري.
اما اللافت فهو الدور الروسي الخجول في ضرب «هيئة تحرير الشام» ودعم الجيش السوري، حيث يبدو ان هناك اتفاقا ضمنيا روسيا- اميركيا- تركيا على تقاسم النفوذ في سوريا، بمعزل عن الدور الايراني. فهل هناك اعادة ترتيب لسوريا عبر تقليص النفوذ الايراني؟
على الصعيد اللبناني، قال المستشار الاعلامي لرئيس الحكومة فارس الجميل للديار ان الحكومة قامت بكامل واجبها، حول المطالبة بتنفيذ اتفاق اطلاق النار في لبنان، منددة بالخروقات «الاسرائيلية» التي تجعل الاتفاق هشا.
وكشف انه وفقا للاتصالات الي قام بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع الجانب الاميركي والفرنسي، فقد حصل على تعهد بتطبيق كامل للاتفاق ووقف الخروقات «الاسرائيلية».
وقد اثمرت جهود الحكومة في هذا الاطار، عبر تراجع نسبة الخروقات «الاسرائيلية». واكد الجميل في الوقت ذاته ان المسألة اليوم تكمن عند لجنة مراقبة وقف اطلاق النار، التي ستجتمع مطلع الاسبوع المقبل، بما ان هذه اللجنة هي المولجة بالتحقق من الخروقات واخذ التدابير اللازمة في هذا المجال.
وتابع المستشار الاعلامي ان الحكومة شددت على انسحاب الجيش» الاسرائيلي» من المناطق الحدودية التي دخلها، ليبدأ عندئذ انتشار الجيش اللبناني على الحدود. وفي هذا النطاق، لفت الى ان اليوم ستعقد الحكومة جلسة في ثكنة بنوا بركات للجيش اللبناني في مدينة صور، وسيحضرها قائد الجيش الجنرال جوزاف عون. وهذه الجلسة لديها شقان: الشق الاول هو الشق العسكري المتعلق بتعزيز وجود الجيش اللبناني في الجنوب.
اما الشق الثاني فهو مرتبط بالترتيبات والاجراءات المتعلقة بمسح الاضرار، ورفع الانقاض التي خلفها العدوان «الاسرائيلي»، اضافة الى مواكبة الحكومة عملية معالجة تداعيات العدوان.
المعارضة : جلسة 9 كانون الثاني هي جلسة انتخابية رئاسية حقيقية
وعلى صعيد الملف الرئاسي، حددت «القوات اللبنانية» والمعارضة النيابية في اجتماع معراب الاخير مجموعة عناوين:
– العنوان الاول ينص على ضرورة اجراء الانتخابات الرئاسية في 9 كانون الثاني ان كان بالتوافق على مرشح، و في حال تعذر التوافق على مرشح رئاسي انطلاقا من جلسة مفتوحة في دورات متتالية.
وبمعنى آخر، شددت المعارضة على تحويل هذه الجلسة الى جلسة انتخابية حقيقية، خلافا للجلسات الانتخابية السابقة التي لم تؤد الى نتيجة.
– العنوان الثاني حول السقف الرئاسي الذي وضعته المعارضة، والمرتبط بطبيعة المرحلة التي دخل فيها لبنان تحديدا بعد 27 تشرين الثاني من هذا العام، اي اتفاق وقف اطلاق النار في لبنان.
وهنا اوضحت مصادر في المعارضة، ان الاخيرة لن تدعم الا المرشح الرئاسي الذي يلتزم بالدستورعلنا والقرارات الدولية ونص قرار وقف اطلاق النار.
وهنا، قالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ «الديار» انه تم الاتصال والتنسيق مع كل الكتل النيابية، سواء بشكل مباشر او غير مباشر بعيدا عن الاضواء، للوصول الى الغاية المطلوبة.
ولفتت الى انه سيصار الى التشاور بين المعارضة وبين «التيار الوطني الحر» بهدف التلاقي على اسم مرشح، على غرار ما حصل سابقا عند التقاطع على اسم الوزير السابق جهاد ازعور.
«الوطني الحر»: اجواء ايجابية مع معراب في اطار الملف الرئاسي
من جهتها، قالت مصادرمقربة من «التيار الوطني الحر» ان هناك حوارا واجواء ايجابية مع «القوات اللبنانية»، بهدف توحيد الصف المسيحي ازاء الاستحقاقات المتوقعة، وابرزها انتخاب رئيس للجمهورية.