يُشير تحليل مُجريات الحرب إلى أنّ المقاومة حققت نجاحًا كبيرًا في مواجهة العدوان الإسرائيلي، وأنها استطاعت فرض إرادتها على العدو ومنعه من تحقيق أهدافه.
رغم التفوق التكنولوجي والناري لـ إسرائيل، إلا أنّ المقاومة استطاعت تحييد هذا التفوق بـ فضل تكتيكاتها الفعّالة، وصمود مُقاتليها، ودعم الشعب اللبناني.
ويُمكن القول بأنّ المقاومة لم تُحقق نصرًا حاسمًا بـ المعنى التقليديّ لـ الكلمة، حيث لم تتمكّن من طرد العدو من جميع الأراضي اللبنانية، لكّنها حققت مكاسب استراتيجية مُهمّة، وأثّرت على موازين القوى في المنطقة.على المستوى التكتيكي، نجحت المقاومة الاسلامية في صد مُعظم محاولات التوغل البريّ الإسرائيلية، وإلحاق خسائر فادحة بقوات العدوّ، خاصةً في وحدات النخبة مثل لواء غولاني.
ويتجلّى هذا الأمر في، كمين المحافر في العديسة، الذي أوقع خسائر كبيرة بـ قوات “إيغوز”، ومعركة عين ابل، حيث صمدت المقاومة في وجه هجمات العدو المُتكررة، ومعارك “مثلث الموت” و”مربع الموت”، حيث أفشلت المقاومة مُخططات العدو لـ السيطرة على هذه القرى الاستراتيجية.
بالإضافة إلى دفاع المقاومة المُستميت عن مدينة الخيام، الذي أجبر العدو على التراجع وتكبّد خسائر كبيرة، بالتزامن مع النجاح في استهداف الدبابات والآليات المدرعة بـ الصواريخ الموجّهة، مما أثّر على قدرة العدو على المناورة.واستخدمت المقاومة تكتيك الكمائن بفاعلية كبيرة، مُستغلّةً معرفتها بـ التضاريس وقدرتها على التحرك بـ سرية.
أدّت هذه الكمامئن إلى إلحاق خسائر فادحة بـ قوات العدوّ، ورفعت من معنويات مُقاتلي المقاومة.
هذا، وأظهرت عمليات المقاومة، سواءً بـ الصواريخ أوالمدفعية أوالمسيّرات، دقة عالية في الاستهداف، مما يُشير إلى جودة المعلومات الاستخباراتية وكفاءة أنظمة التوجيه، كما أظهرت مرونة كبيرة في تكتيكاتها، حيث استخدمت مزيجًا من حرب العصابات، القتال المُباشر، والضربات في العمق، لـ التكيّف مع مُختلف الظروف الميدانية.
أما على المستوى العملياتي، فقد نجحت المقاومة في إعاقة التقدم البرّي للعدوّ، ومنعه من تحقيق أهدافه العملياتية، مثل السيطرة على قرى استراتيجية أوإنشاء منطقة عازلة داخل الأراضي اللبنانية.
يُشير هذا إلى فاعلية التكتيكات الدفاعية لـ المقاومة، وقدرتها على استنزاف قوات العدوّ.واعتمدت المقاومة على استراتيجية حرب الاستنزاف، مُستهدفةً قوات ومعدّات العدوبـ شكل مُستمر، مما أدى إلى تكبيده خسائر كبيرة والتأثير على معنوياته وقدرته على مواصلة القتال، بالتوازي مع تنفيذها ضربات مُؤثّرة في العمق التعبوي للكيان، مُستهدفةً قواعد عسكرية ومواقع لوجستية، مما أثّر على قدرة العدو على إدارة عملياته ودعم قواته على الجبهات.
استخدمت المقاومة تكتيك التصعيد المُتدرّج في عملياتها، مما زاد من الضغط على إسرائيل وأجبرها على إعادة النظر في حساباتها، كما أظهرت العمليات تنسيقًا عاليًا بين مُختلف أفرع المقاومة، بما في ذلك الصواريخ، المدفعية، المسيّرات، والقوات الخاصة، مما يُشير إلى فاعلية منظومة القيادة والسيطرة.وعلى المستوى الاستراتيجي، نجحت المقاومة في رفع كلفة العدوان الإسرائيلي على لبنان، من خلال إلحاق الخسائر بـ العدو وتدمير معدّاته، ونقل المعركة إلى العمق الإسرائيلي، مما أثّر على الرأي العام الإسرائيلي وزاد من الضغط على الحكومة الإسرائيلية.سساهمت عمليات المقاومة، خاصةً الضربات في العمق الإسرائيلي، في ردع إسرائيل عن مواصلة عدوانها والتصعيد بشكل أكبر، وأظهرت قدرة على مواجهة جيش إسرائيلي مُجهّز بـ أحدث التكنولوجيا، وإلحاق الخسائر به، مما يُشير إلى تغيير في موازين القوى في المنطقة، ويُعزز من مصداقية المقاومة كَـ قوة ردع.
ساهمت العمليات العسكرية للمقاومة أيضاً في تحقيق أهدافها السياسية، والتي تمثّلت في الدفاع عن لبنان، وردع إسرائيل، ورفع كلفة العدوان.
يُشير رضوخ إسرائيل لـ وقف إطلاق النار، دون تحقيق أهدافها الاستراتيجية، إلى نجاح المقاومة في فرض إرادتها على العدوّ.وبالمحصلة، اعتمدت المقاومة على استراتيجية ذكية وفعّالة، جمعت بين الدفاع والهجوم، واستغلت نقاط قوتها ونقاط ضعف العدوّ، وأظهرت قدرة عالية على التكيّف مع تغيّر الظروف الميدانية، وتطوير تكتيكاتها بـ استمرار، في حين الدعم الشعبي دورًا مُهمًّا في صمود المقاومة ونجاح عملياتها.
وبناءً على الدلائل العسكرية المُستخلصة من سير العمليات خلال الفترة من 23 تشرين أول إلى 27 تشرين ثاني 2024، يُمكن الاستنتاج بأنّ المقاومة حققت نجاحًا كبيرًا في مواجهة العدوان الإسرائيلي، واستطاعت فرض إرادتها على العدوّ، ومنعه من تحقيق أهدافه.
يُشير رضوخ إسرائيل لـ وقف إطلاق النار إلى أنّ المقاومة كانت الطرف الأقوى في هذه المواجهة، وأنّها استطاعت تحقيق مكاسب استراتيجية مُهمّة.
يُعتبر هذا النجاح تحدّيًا كبيرًا لـ إسرائيل، ويُؤثّر على موازين القوى في المنطقة.
أهم عوامل نجاح المقاومة
• القيادة الفعّالة والحكيمة، التي استطاعت توجيه العمليات بـ كفاءة وحكمة.
• الروح المعنوية العالية لـ المُقاتلين، واستعدادهم لـ التضحية في سبيل الوطن.
• التخطيط الجيد لـ العمليات العسكرية، واستغلال نقاط ضعف العدوّ.
• التنسيق المُحكم بين الوحدات المُختلفة لـ المقاومة.
• الدعم الشعبي الواسع لـ المقاومة، الذي شكّل حاضنة شعبيّة مُهمّة لـ مُقاتليها.
• تطوّر القدرات العسكرية والتكنولوجية لـ المقاومة، خاصةً في مجال الصواريخ والمسيّرات.
• التكيّف مع تطوّرات الوضع الميداني، وتغيير التكتيكات بـ سرعة وفاعلية.
• استخدام العمق التعبوي والاستراتيجي لـ صالح المقاومة، ونقل المعركة إلى داخل الأراضي الإسرائيلية.
• نجاح الحرب الإعلامية لـ المقاومة، في التأثير على الرأي العام ورفع معنويات المُقاتلين.
يُعزز هذا الانتصار من موقف المقاومة كَقوة ردع إقليمية، ويُؤثّر على حسابات إسرائيل في أيّ مواجهات مُستقبلية، كما يُشجّع هذا الانتصار حركات المقاومة الأخرى في المنطقة على مواصلة نضالها ضدّ إسرائيل. ويُؤكّد هذا الانتصار على أهمية وحدة الشعوب العربية والإسلامية في مواجهة التهديدات الخارجية.