على مدى اليومين الماضيين، نجح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في تركيب «سيبة» المشهد السنّي الجامع، بعدما استضاف في السراي الحكومي أول أمس مفتي الجمهوريّة الشيخ عبد اللطيف دريان ومفتي المناطق، وعقد لقاء موسّعاً مع النوّاب السنّة أمس.
«قبض» ميقاتي خلال هذه الاجتماعات على الموقف السني الموحّد، وأرسل الرسائل إلى من يهمّه الأمر بأنّه حاضنة لمرجعيّات الطائفة، السياسيّة والدينيّة، مع ما تمثّله شعبياً. وبالتالي، صار بمقدور الرّجل أن يركب طائرته إلى الخارج بـ «قلبٍ قوي» كمرجعيّة سياسيّة للسنّة خلال الحرب وفي اليوم التالي لها، وذلك مع بدء تحضيراته للمشاركة في القمّة الإسلامية التي تُعقد الإثنين في السعوديّة.
اللقاء ركّز على المواقف العامّة من دون الخوض في التفاصيل.
ميقاتي الذي يخشى من ارتدادات النّزوح، إذا ما طال أمد الحرب، شدّد أمام النوّاب أمس على ضرورة الانتباه لهذا الخطر، مع أهميّة حُسن الضيافة في المناطق التي توافد إليها النّازحون.
نصيحة ميقاتي كرّرها مراراً وتكراراً خلال السّاعات الأخيرة: درء الفتنة وضرورة الوحدة الوطنيّة، إذ دعا إلى ضرورة التكاتف والابتعاد عن الفتن والتحريض، مؤكّداً ضرورة التمسّك بالدّولة وباتفاق الطائف، باعتبارهما «طوقَ نجاة» وطنياً.
ودعا النوّاب إلى أن يحضّروا أرضيّة هادئة لما بعد الحرب «حتّى نكون صلة الوصل بين جميع الأفرقاء».
أطلق ريفي أسهمه على سلاح المقاومة فتصدى الصّمد له
وبينما عمّت الأجواء الإيجابية اللقاء في حضور نائبي كتلة التنمية والتحرير، ملحم الحجيري وينال الصلح، إلا أنّ النقاش الحاد بين النائبين جهاد الصمد وأشرف ريفي كاد أن يطيح بهذه الإيجابيّة.
فعلى جاري عادته، أصر النائب الطرابلسي على طرح المسائل الخلافيّة بغية «تفخيخ الاجتماع»، إذ أنّ الإجماع السني حول موقفٍ موحّد يزعجه من منطلق زعزعة حضوره و«تذويبه»، بشكلٍ مغاير عن الاجتماعات التي اعتاد حضورها في معراب.
ومن خارج جدول أعمال اللقاء، قرّر ريفي إطلاق أسهمه نحو سلاح المقاومة مطالباً بنزعه، إلا أنّ الصّمد كان له بالمرصاد، ليقع نقاش حاد بين الرجلين سارع ميقاتي إلى إنهائه قبل تفاقم الأمور.
وغاب عن اللقاء الموسّع في السراي النائبان عماد الحوت وفؤاد مخزومي بداعي السفر، إضافةً إلى النوّاب: حليمة القعقور وأسامة سعد وإبراهيم منيمنة بسبب اعتراضهم على فكرة اللقاءات تحت عناوين ومضامين طائفيّة.
وفي هذا السياق، أكّدت القعقور في بيان، أنّ «اللقاءات ذات الطابع الطائفي هي تحجيم لدور النائب الذي يمثّل بحسب الدستور الأمّة جمعاء، إضافةً إلى أنّها توحي بأن الحلول تأتي حصراً من باب الهويات الطائفيّة، وهذه محاولة صريحة للالتفاف على ما أظهره اللبنانيون من لحمة وطنيّة واجتماعيّة في مواجهة تبعات الحرب، والتي تخطّت حدود الطائفيّة والمناطقية».
وشدّدت على أنّ «الأزمة المصيرية التي يمر بها لبنان، لن تُحلّ إلّا بمواقف وطنيّة تتجاوز هذه الأطر الضيّقة.
كما أنّ الاستجابة للحرب الّتي يشنّها العدو الإسرائيلي على لبنان، لا تمرّ من خلال خلق لقاءات موازية لا شرعيّة لها سوى تأمين شرعيّة الزّعماء الطّائفيّين، لا بل تُحلّ من خلال الأطر الرّسميّة ومؤسّسات الدّولة».