مقالات

أزمة مستوطني الشمال تتفاقم… خيبة “العدو” قبل ردّ حزب الله

رغم العدوان الإسرائيلي على لبنان غير المسبوق في تاريخ الصراع، أطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بهدوئه المعتاد وثقته المعهودة، في خطاب يَنتظره العدو قبل الصديق لتحديد مسار المعركة الحالية، وكيف ستتعامل المقاومة مع الاعتداء الإسرائيلي، لا بل كيف سترد عليه؟ لكن العدو لم يجد في كلام السيد نصرالله ما كان يهدف إليه، لا بوقف جبهة الإسناد ولا بإعادة مستوطني الشمال، وأكثر من ذلك اخذ جواباً غامضاً حول طبيعة الرد، عدا أن بيئة المقاومة لم تهتز وبقيت متماسكة وملتفة حولها، بوقت كان يَنتظر أن تُحدِث ضربته أثراً على المستوى الشعبي والوعي تُفقد حزب الله توازنه.

تقول مصادر متابعة لقد ركّز “الإسرائيلي” في هذا الخطاب على مسألتين، الأولى: كيف يقارب حزب الله هذه العملية على مستوى الأثر، والثانية كيف يقاربها على مستوى ردة الفعل.

فالتركيز على أثر العملية في حزب الله، تبيّن أنها لم تُغيّر الوقائع بالفعل قبل القول، فعمليات المقاومة وصلت في اليوم الواحد الى ١٧ عملية، كرد على الاعتداءات “الإسرائيلية” وإسنادا لغزة، ما يعني أن الميدان قال كلمته، وهذا ما أكّد عليه السيد نصرالله وحسمه أن جبهة الجنوب مستمرة في إسنادها ما دامت الحرب مستمرة في غزة.

هنا الكلام كان متطابقاً مع أدلة ميدانية، تؤكد المصادر المتابعة، وهذه مسألة مزعجة جداً للعدو الإسرائيلي، لأنه كان يقول إن هذه العملية سيكون لها تداعيات على المقاومة، بعد تعرّض جزء كبير من تشكيلاتها المختلفة الى ضرر وضربة قاصمة، لكن السيد نصرالله والواقع الميداني نسفا وبددا الرهان “الإسرائيلي”، مما جعلهم يَشعرون بالخيبة.

أما المسألة الثانية المتعلقة بطبيعة الرد، فلقد تحدّث السيد نصرالله بشكل مقتضب، مما أثار الكثير من الحيْرة عند “الإسرائيليين”، لأن العدو يتمنى أن يرى مساراً محدداً وواضحاً للرد، لكن أمين عام حزب الله ترك المسألة وجعلها في موقع الضبابية، مما جعل “الإسرائيلي” حائراً أمام مجموعة من الخيارات وفق مصادر متابعة، ألا وهي: الرد سيكون أمنياً أم عبر الحدود أم إطلاق صواريخ… وهذا ما سيدفعه الى أخذ إجراءات أوسع تستنزفه على المستوى الأمني، عدا الإجراءات التي سيتخذها على المستوى الداخلي والتي ستَظهر تِباعاً.

وفي ما يتعلق بمستوطني الشمال، الذين باتوا مقتنعين أنهم لن يعودوا مهما كان شكل العمل العسكري أو الأمني مع حزب الله إلا بحصول اتفاق، ما يعني قبل رد المقاومة عادوا الى ما قبل الضربة، فهؤلاء المستوطنون يقولون لحكومتهم إن عودتهم تقرّرها المقاومة، وفق المصادر، وعدم التوصل الى اتفاق يعني عدم عودتهم الى الشمال، سواء تصاعدت الجبهة أو اضطر جيشهم الى القيام بعمل عسكري، لأنهم في النهاية هم مضطرون الى التوصل الى اتفاق غير مباشر مع حزب الله على شكل الوضع في الشمال.

اللافت هذه المرة وقبل رد حزب الله، أن الرأي العام “الإسرائيلي” يسائل مسؤوليه ويقول لهم: إن لم تكن العملية الأخيرة التي قمتم بتنفيذها في لبنان في سياق استراتيجية قائمة على المبادرة بعمل مباشر، وإكمالها بعمل عسكري كبير أو استثمارها في عملية كبرى أثناء الحرب، وإذا لم تؤدِ الى تغيير في عقل الطرف الآخر، أي حزب الله ودفعه الى التراجع، يعني أن هذه العملية لا تأتي في سياق أي استراتيجية ومصيرها الفشل.

واللافت أيضاً أن هناك قناعة لدى العدو أن كل ما يَفعله لن يدفع المقاومة الى التراجع، لكن على ما يبدو أنه ليس لديه خيارات سوى المخاطرة من أجل زيادة الضغط.

لكن يبقى السؤال بحال الفشل مرة جديدة في تحقيق الأهداف: هل سيأخذ “الإسرائيلي” خيارات مكلفة جداً بالنسبة له يَعلم أنها ستكون فرصة لحزب الله؟؟!!

مريم نسر – الديار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى