لا بد في البداية من التأكيد على أننا دخلنا مرحلة جديدة بعد عمليات الاغتيال التي نفذتها اسرائيل في لبنان وايران ، وهذا ما شكل منعطفاً آخر في طبيعة الحرب الدائرة بين دول محور المقاومة و اسرائيل، ومما لا شك فيه أننا أمام حرب مفتوحة قدم تستمر لفترة ليست بالقصيرة في حال لو استمرّت حكومة نتنياهو بتعطيل المفاوضات التي هي بالأساس لم تكن مجدية بسبب قرارات الاحتلال والعرقلة التي فرضها نتنياهو على بنود الاتفاق.
ففي الشأن اللبناني منذ اللحظة الأولى لعملية اغتيال القائد الجهادي الكبير فؤاد شكر في ضاحية بيروت الجنوبية اتخذ حزب الله قراره بالرد ،رغم كل الكلام الذي تبناه البعض في الداخل والخارج عن ماهية الرد وطبيعته ليعودوا إلى تسخيف رد المقاومة على قاعدة غليلوت و التي تعتبر هدفا عالي القيمة إذ أنها قاعدة استخباراتية ترتكز على العمل في مجال جمع المعلومات وتحليل البيانات، وفيها مركز كبير للعمليات السيبرانية، وتعتبر مقر جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “الموساد” وهي أيضا قاعدة الوحدة 8200 الاستخباراتية والتي تعتبر أقوى أذرع “الموساد”في حين تؤكد المعلومات أن الحزب قد أصاب الهدف رغم كل التعتيم الإسرائيلي على ذلك ومشاركة بعض وسائل الإعلام العربية بذلك .
و في الشأن الإيراني ، اتخذت ايران قرارها بالرد على اغتيال إسماعيل هنية في طهران ،والكل ينتظر هذا الرد رغم كل المحاولات التي قامت بها بعض الدول من أجل الكف عن الرد على اسرائيل .
من هنا يؤكد خبيرٌ عسكري أن ” إيران سترد وهي أبلغت البلدان التي سيكون مجالها الجوي من ضمن مسارات الصواريخ والمسيرات لتحاشي حصول حوادث اصطدام بين الصواريخ والمسيرات من جهة والطائرات المدنية من جهة اخرى ، ما يعني ان العالم كله سيعرف ان الرد الايراني قد بدأ ، ويتابع المصدر أن المسافة التي تفصل ايران عن اسرائيل و التي تُقدر ب 1100 كلم تقريبا تلعب دورا سلبيا بالنسبة لايران حيث سيتم استعلام ورصد كل الاجسام الطائرة بعد انطلاقها بقليل وهو ما سيساعد انظمة الدفاع الجوي المعادية على متابعة هذه الاجسام ضمن وقت طويل ، و هو وقت مثالي يتيح لانظمة الدفاع الجوي هوامش عمل ايجابية .ويؤكد المصدر العسكري ان ” الرد سيكون على هدف او اكثر في تل ابيب حتى يكون متماثلا ومناسباً، و المؤكد أيضاً ان الاهداف ستكون عسكرية واستخباراتية خالصة ولن تكون على اهداف مدنية او على البنية التحتية ،ويتابع أننا قد نكون امام رد مشابه للرد السابق بما يرتبط بالوسائط القتالية المستخدمة في الرد لكن بعدد مضاعف او حتى ثلاثة اضعاف لتتمكن الصواريخ من اصابة اهدافها .
ويشير الخبير العسكري إلى “ان ايران إذا استخدمت عددا من الصواريخ الفرط صوتية بشكل اكبر من الرد السابق وعددا مماثلاً من الصواريخ في المرة السابقة سنكون امام اصابات مؤكدة لعدم قدرة وسائط الدفاع الجوي على التعامل مع الصواريخ الفرط صوتية خصوصا صاروخ فتاح 2 الذي تُقدر سرعته ب 15 ضعف سرعة الصوت .
وعليه سيكون الرد كما في المرة السابقة ،حيث سيكون دور المسيرات اشغال واستنزاف انظمة الدفاع الجوي ، في حين سيكون دور الصواريخ المجنحة تنفيذ مناورات تضليل لانظمة الرصد والدفاع الجوي .
وفي الشأن الفلسطيني، يؤكد مصدر سياسي أن “كل جلسات المفاوضات في الدوحة مضيعة للوقت وأميركا تريد استمرار الحرب في القطاع ،ويتابع ان الحرب المستمرة منذ 11 عشر شهرا لم تزعزع من معنويات المواطن الغزاوي رغم ما يحصل من تدمير للمنازل هو لا يزال صامدا في مدينته، و “اسرائيل” لا تريد أي سلام مع الشعب الفلسطيني وهي تريد تهجيره، في حين تبقى جبهة الضفة جبهة حساسة جدا و يتم التعويل عليها وهي شهدت عدة تطورات منذ 7 اكتوبر ، ويتابع المصدر أن “كل عمليات المقاومة الاستشهادية و غير الاستشهادية تتضمن خرقاً للإستخبارات الصهيونية وهي ستزداد يوماً بعد يوم لأن المقاومة ستلجأ لكل الأساليب للتصدي للعدو. أما بالنسبة لعملية تجريف الطرقات في الضفة فهو تمهيد لعملية استباقية ، ويختم المصدر أن كل ما نشهده في الضفة تأكيد على فشل المفاوضات حول غزة.
في المحصلة ، ردَ حزب الله على عملية اغتيال القائد الجهادي الكبير فؤاد شكر ، وجاء الرد لكي يعيد قواعد الردع إلى طبيعتها ، بعدما زالت قواعد الاشتباك بين الطرفين، أما الرد الإيراني فلا احد يعرف لحظة الصفر ، وهي حصراً بيد المرشد الاعلى في ايران سماحة الإمام السيد علي خامنئي، في حين بات واضحاً ان “اسرائيل” ستغرق أكثر في رمال غزة لأنها لم تحقق أي انجاز حتى هذه اللحظة منذ 7 من أكتوبر، أما الضفة الغربية فستكون شعلة النار في وجه الإحتلال .