كتبت صحيفة “النهار”: عشية وصول المبعوث الرئاسي الفرنسي الى لبنان جان ايف لودريان الى بيروت غدا، لم تكن الجولة الانقسامية الجديدة التي شهدها مجلس النواب امس في الجلسة التشريعية “الخاطفة” التي عقدها سوى صورة منقحة عن الانقسام الاوسع والاعرض والاعمق الذي سيعاينه لودريان لدى انطلاقته في مهمته الشاقة الجديدة، ولو انه من اكثر الخبراء الفرنسيين معرفة بالملف اللبناني.
وعلى رغم “تطاير” التقديرات والتوقعات والاجتهادات الداخلية في شتى الاتجاهات، سياسيا واعلاميا، حيال ما يمكن ان ينقله المبعوث الرئاسي الفرنسي من توجهات وخيارات خصوصا غداة المحادثات الفرنسية – السعودية الكثيفة والمعمقة حول الازمة اللبنانية، بدت الجهات الأكثر اتصالا واطلاعا على الأجواء الفرنسية شديدة الحذر في اسباغ أي توقعات متسرعة مسبقة لمهمة لودريان من منطلق عاملين لا جدل حول ثباتهما وجديتهما.
فبحسب هذه الأوساط لم تتسرب بعد أيام من لقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان معطيات تذهب الى الحدود التي تتداولها أوساط لبنانية توظف الغموض السائد حول هذه المحادثات في حسابات هذا الفريق او ذاك، علما ان كل المؤشرات المتوافرة بجدية عالية لا تشير الى قرار حاسم او اتجاهات نهائية حاسمة تقررت وانما هناك توجهات ضاغطة بقوة لحض اللبنانيين على تحمل تبعات الاستمرار في الازمة.
ثم ان أي امر نهائي لن تقرره باريس ومعها المملكة العربية السعودية قبل استجماع المعطيات الجديدة عقب مهمة لودريان في بيروت، ويبدو ان هذا الامر اتفق عليه الرئيس ماكرون والأمير محمد بن سلمان.
وفي رأي هذه الجهات الوثيقة الصلة بالاجواء الفرنسية ان مهمة لودريان سيكون من شأنها، ومن اول الطريق، تحميل القوى اللبنانية والمسؤولين اللبنانيين بمجملهم مسؤولية مضاعفة لجهة ان لودريان الذي سيستمع طويلا الى من سيلتقيهم سيكون في غاية الصراحة وربما “الفجاجة” بافهام محاوريه انه سيتوقف عليهم ما اذا كانت الدول المهتمة والراعية والمعنية بانهاء الازمة الرئاسية ودعم الشعب اللبناني ستبقى على المستوى نفسه من هذا الاهتمام ام ان التعنت والمعاندة وعدم تبديل السلوكيات والاليات المتبعة في التعامل مع الازمة سيبقى يحكم الازمة. وإذ استبعدت الجهات المطلعة استبعادا تاما ان ينقل لودريان أي اتجاهات تتصل بأسماء المرشحين سواء المطروحين حاليا علنا ام سواهما قالت ان برنامج اللقاءات سيتسم بدلالات لجهة الشمولية التي ستمكن لودريان من الاجتماع مع جميع المسؤولين وقادة الأحزاب وممثلي الكتل النيابية والبطريرك الماروني، كما لجهة شكل اللقاءات التي سيجريها في قصر الصنوبر، وما اذا كانت ستستعيد بعضا من تجربة لقاء الرئيس ماكرون مع القادة السياسيين في قصر الصنوبر غداة انفجار مرفأ بيروت. كما ان المعلومات اشارت الى ان لودريان سيلتقي رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزف عون والوزير السابق زياد بارود والوزير السابق جهاد ازعور في حال وجوده بيروت والا قد يحصل تواصل بينهما عبر تقنية “زوم”.
كما أفادت معلومات أخرى ان لودريان سيلتقي الجمعة سفراء المجموعة الخماسية أي المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وقطر ومصر وفرنسا في قصر الصنوبر .
اما النقطة البارزة المثيرة للاهتمام في سياق رصد التطورات الخارجية والداخلية حول الازمة الرئاسية فتمثلت بموقف أخير لافت للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي واستدل منه تشجيعا قويا للقوى المسيحية على المضي بتوافقها على مرشح رئاسي، ولو انه لم يسم الوزير السابق جهاد ازعور وذلك على مقربة يومين من لقاء سيجمع الراعي مع المبعوث الرئاسي الفرنسي.
هذا التشجيع سمعه المشاركون في احاديث البطريرك التي تخللت حفل تكريمه الذي أقامه المهندس هنري صفير مساء الاحد كما وردت الإشارة اليه علنا في الكلمة التي القاها الراعي اذ طلب “من الروح القدس وضع الوحدة بين اللبنانيين، لان مرضنا هو نتيجة خلافاتنا وصراعاتنا وتشتتنا”.
وتحدث عن “بوادر الوحدة التي ظهرت بين اللبنانيين وهلل بها الرأي العام، حيث كانوا يطالبون المسيحيين ان يوحدوا كلمتهم حول مرشحهم الرئاسي، وهذا ما حصل وكان الامر فخر لنا”.
وتمنى الراعي “ان يوحد المسيحيون كلمتهم حتى تتسع هذه الوحدة الى كل مكونات الوطن حتى نكوّن جميعنا العائلة اللبنانية، فاذا لم تتكوّن العائلة اللبنانية لا يمكن ان نسلك الى الامام بسلام” وقال: “لا اخاف على لبنان، لكن اخاف من ان يسمح بعض اللبنانيين، خصوصا اصحاب النفوذ،لانفسهم الاستمرار في العبث بقيمة لبنان ونظامه الديموقراطي ودستوره وشعبه وكرامته ودوره ورسالته”.
ووفد اوروبي
الى ذلك بدأ وفد رسمي من البرلمان الاوروبي زيارة للبنان تستمر الى 23 حزيران للمشاركة في جلسة مع النواب اللبنانيين، كما وسيبحث مع العديد من الاطراف الاوضاع السياسية والمالية والاجتماعية .
واشارعضو الوفد منير ساتوري الى ان الزيارة هدفها “تأكيد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للشعب اللبناني ومكافحة الفساد والمسؤولية اللازمة في مواجهة الازمة الاقتصادية والاجتماعية والمساءلة حول الوعود التي قطعت للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون فيما يعيش 80% من الشعب اللبناني حاليا تحت عتبة الفقر”.
ومن المقرر ان يعقد الوفد مؤتمرا صحافيا مساء الخميس المقبل في فندق موفنبيك لتقييم الزيارة .
وسيجتمع الوفد الذي يشارك فيه نواب اوروبيون من فرنسا والبرتغال واسبانيا واستونيا مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزراء كما سيجتمع مع منظمات في المجتمع المدني.
وسيعقد الاربعاء الاجتماع البرلماني الاوروبي – اللبناني وسيشارك الوفد الاوروبي الى جانب نظرائهم اللبنانيين في الجلسة.
الانقسام التشريعي
وسط الصورة الانقسامية للمجلس النيابي في ظل الشغور الرئاسي وتطيير نصاب جلسات الانتخاب، تأمّن نصاب جلسة التشريع امس بمشاركة نواب “تكتل لبنان القوي” اذ برروا موقفهم بأن البنود ضرورية، في وقت قاطع نواب “الجمهورية القوية” والكتائب و”تجدد” وعدد من المستقلين والتغييريين لان مجلس النواب هيئة ناخبة فقط ولان اقرار زيادات من دون موازنة غير دستوري.
وفي الجلسة الخاطفة التي لم تتخط فترة نصف ساعة، أقر المجلس اقتراحي قانونين، الاول يرمي الى فتح اعتمادات في موازنة العام 2023 قبل تصديقها بقيمة 37,409,938,798,000 ل.ل وتخصص لاعطاء تعويض موقت لجميع العاملين في القطاع العام وللمتقاعدين الذين يستفيدون من معاش تقاعدي، اضافة الى زيادة تعويض للنقل المؤمن لجميع الموظفين في القطاع العام.
والاقتراح الثاني يتعلق بفتح اعتماد بقيمة 265 مليار ليرة لتغطية نفقات اعطاء حوافز مالية بدل نقل لاساتذة الجامعة اللبنانية لتمكينها من استكمال العام الجامعي 2022 -2023.
واعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري ردا على مقاطعة المعارضة “ان هناك من يرى في الدستور ألا تجتمع الحكومة والمجلس النيابي، والا يعمل المجلس ولا يشرع.
وعليه اذا اردنا ان نرد على هؤلاء فلا نعمل”. من جهته، اكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ان “الاعتمادات لهذين الاقتراحين مؤمنة، وهناك ايرادات مؤمنة في الموازنة، فمجلس الوزراء يقوم بدوره ليسير عمل الدولة ولا يمرر شيئا غير ضروري”.
في المقابل، اعتبر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، ان “النوّاب الذين ادّعوا أنّ مشاركتهم في الجلسة هي لتجنيب موظّفي القطاع العام إنقطاعاً برواتبهم يتذرعون بحجّة لتبرير إنعقاد هذه الجلسة، إذ إنّ الاعتمادات الإضافية ّ التي أقرّتها هذه الأخيرة، كان يمكن وبسهولة للحكومة إقرارها، كما أقرّت العديد من الاعتمادات في السنة المنصرمة”.
واعتبر أن جلسة البارحة “هي من صُنع معرقلي إنتخاب رئيس جديد للبلاد.
أما الحلّ الفعلي لمشاكلنا، فيكمن في البدء بملء سدّة الرئاسة وليس بالإفتئات على الدستور والقوانين لتمرير قرارات بشكل غير مدروس، الأمر الذي يؤدّي إلى مزيد من تأزيم الوضع في لبنان”.
في المقابل أعلن الأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكيّة أن رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي بصدد الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء للبحث في جدول اعمال من 33 بندا منها مرتبط برواتب العسكريين وموظفي القطاع العام وتطويع وتعيين تلامذة ضباط والتمديد لليونيفيل.
وقد حددت الجلسة غدا الأربعاء وتم تعديل جدول اعمالها بحذف بنود بعد اعتراض وزراء ابرزهم وزير السياحة الذي ارسل اعتراضه عبر مجموعة “واتساب” لاعضاء مجلس الوزراء قبل ان يرفقه بكتاب رسمي الى مكية