مقالات

خبير عسكري: “إسرائيل” خسرت حربها على غزّة… ويوم الاثنين المحطة المفصلية أمام الخيارات المفتوحة

يدلّ ما صرّح به “الإسرائيلي” عن أنّ مركز الثقل سينتقل من الجنوب الى الشمال، أي من قطاع غزّة الى التصعيد جنوب لبنان وصولاً الى شماله، أنّ “إسرائيل” ماضية في تهديداتها لحزب الله بشنّ حرب موسّعة على لبنان. ويتساءل اللبنانيون حول مدى جدية العدو بتنفيذ مثل هذه الضربة، التي قد تقود المنطقة برمّتها الى حرب شاملة، رغم قوّة الردع التي يمثّلها الحزب في لبنان والمنطقة، وما كشفه أخيراً عن منشأة “عماد 4” لإطلاق الصواريخ الدقيقة. فهل ستقع الحرب قريباً؟ أم أنّ المعطيات على الأرض لا تزال تشير الى عدم قدرة إقدام العدو على فتح جبهة ثانية، بعد أكثر من 10 أشهر على حربه على قطاع غزّة، من دون أن يتمكّن من تحقيق الانتصار فيها، أو حتى من إقفالها، وعودة الأمور الى ما كانت عليه قبل عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول الفائت؟!

يقول خبير عسكري مطّلع انّ “إسرائيل” خسرت حربها على قطاع غزّة منذ اليوم الأول لعملية طوفان الأقصى التي فاجأتها، ولم تعرف كيف تحتويها أو تخرج منها منتصرة، رغم مرور كلّ الأشهر الماضية، وقتل أكثر من 40 ألف فلسطيني وجرح وتهجير أكثر من 100 ألف آخرين، واغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنيّة في إيران… واليوم يتحدّث قادتها عن نقل مركز الثقل في المعارك الى الجبهة الجنوبية في لبنان، ما يعني توسيع الحرب والقيام بأيام من القتال على ما سبق وأن أعلنوا.

غير أنّ ما يحصل على أرض الواقع يشير الى عكس ذلك، على ما أوضح الخبير العسكري، فالعدو الذي لم يعرف حتى الساعة كيف يُقفل الباب عن حربه في قطاع غزّة، ليس بمقدوره فتح جبهة جديدة موسّعة أكثر، سيما أنّ جبهة “الإسناد” فُتحت بعد يوم من طوفان الأقصى. ولهذا يجري الحديث عن أيام مستمرّة من القتال بين حزب الله و “إسرائيل”، على غرار ما يحصل حالياً من تصعيد أمني بين الجانبين. أمّا القول انّ الحرب ستنشب فلا يزال غير مؤكّد، في ظلّ المعطيات الأميركية التي تشير الى أنّ الإدارة الأميركية لا تريد توسّع الحرب في لبنان لتشمل المنطقة.

ويرى الخبير العسكري أنّ قلق اللبنانيين وحذرهم في محلّه، لأنّهم يعيشون اليوم في منطقة نزاع كبرى، و “إسرائيل” المدعومة من الولايات المتحدة يمكنها الإقدام على أي عمل تدميري، أكان في لبنان، أو في أي بلد آخر، من دون أي حسيب أو رقيب. ولكن نجد أنّ “الإسرائيلي” هو حالياً في موقع إنتظار ردّ حزب الله على اغتيال المستشار العسكري للأمين العام للحزب فؤاد شكر، وردّ إيران على اغتيال هنيّة. فهاتان العمليتان فرضتا على طهران والحزب الردّ- الانتقامي عليهما. وإذ أخذ حزب الله القرار بالردّ على اغتيال شكر، وهو لم يُنفّذ ردّه هذا حتى الساعة، فإنّ المشهد سوف يتظهّر أكثر، عندما يحصل إذ سوف ينكشف الهدف منه، وتوقيته، والوسيلة التي استخدمت لتحقيقه، والتي لا تزال مجهولة حتى الآن، رغم جهوزية الحزب للردّ…

من هنا، فإنّ حسم مسألة حصول حرب موسّعة على لبنان، أم أيام قليلة من الاقتتال بين حزب الله و “إسرائيل”، على ما أكّد الخبير العسكري نفسه، سوف يتأكّد في اليوم التالي للردّ على شكر. فلا بدّ من أن يظهر ذلك بوضوح أكثر، من خلال موقف العدو “الإسرائيلي” من الردّ، وردّة فعله تجاهه. فمنذ بدء المفاوضات في 15 آب الجاري، في الدوحة ومن ثمّ انتقالها الى القاهرة، فرمل الحزب وإيران ردّهما، لكيلا تتخذهما “إسرائيل” ذريعة لوقف المفاوضات. فبعد الويك- أند الحالي، إنّ فرصة المفاوضات المستمرّة في القاهرة، ونجاحها أو فشلها، تكون قد استُنفدت. فإذا جرى التوافق على إبرام اتفاق وقف إطلاق النار في غزّة، ترتاح الجبهة الجنوبية في لبنان. أمّا إذا لم يتمّ التوصّل الى أي اتفاق، فإنّ الأمور سوف تذهب الى منحى آخر، والى خيارات مفتوحة أخرى. لهذا فإنّ الردّ سيأتي بعد انقشاع الصورة بشكل واضح، وليس قبلها لعدم تفويت فرصة التوصّل الى وقف إطلاق النار.

وبرأيه، إنّ حزب الله لم يقرّر بعد توقيت الردّ على اغتيال شكر، كونه يودّ إعطاء فرصة لنجاح المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في غزّة. وقد استُكملت الجولة الثانية منها في القاهرة يوم الجمعة، على أمل التوصّل الى إبرام اتفاق يوقف أو يُنهي الحرب في القطاع، ويؤدّي الى صفقة تبادل الاسرى والرهائن. فالدول المعنية بالملف اللبناني، لا تزال تسعى كذلك الى خفض التصعيد وعدم توسيع الحرب على لبنان، لكي يأخذ مسار إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط طريقه السليم.

كذلك يقول الخبير العسكري ذاته، انّ “الإسرائيلي” المجهّز بالمعدّات والطيران والصواريخ والمسيّرات المتطوّرة، والحرب الإلكترونية يبدو مأزوماً في الوقت الراهن، كونه يعاني من مشكلة النقص في الموارد البشرية إذ يحتاج الى نحو 10 آلاف جندي لتوسيع الحرب على لبنان، وهو حتى الآن غير قادر على تأمينهم من الاحتياط. ورغم أنّه “الجيش الأقوى في المنطقة”، على ما يُقال، لم يتمكّن من كشف لغز الأنفاق التي يستخدمها مقاتلو حماس للتنقّل في القطاع وتنفيذ العمليات العسكرية. كذلك فإنّ الفيديو الذي بثّه الإعلام الحربي لحزب الله عن منشأة “عماد 4″، وجاء بعد اغتيال شكر وهنيّة، أظهر أيضاً قوّة حزب الله من خلال استخدامه أنفاقاً معقّدة جدّاً لم تستطع الاستخبارات القائمة في لبنان والمنطقة من كشف مواقع أنفاق المقاومة وأسرارها.

ويُشكّل يوم بعد غد الاثنين، المحطة المفصلية أمام الخيارات المفتوحة، على ما ختم الخبير، فإذا انتهت المفاوضات وردّ حزب الله على اغتيال شكر، سنرى ردّة فعل “الإسرائيلي” عليه، إذا كان سيكتفي بالردّ على الردّ، وفق معادلة “ضربة مقابل ضربة”، أم أنّه سيتمّ توسيع دائرة المواجهات الى العمق. حتى الساعة، يتمّ التهديد بتوسيع الحرب، ولكن فعلياً لا أحد يريد حصول هذا الأمر لأسباب عديدة باتت معروفة، وهي أنّ “إسرائيل” لن تسلم هذه المرّة، من ضربات الحزب المماثلة لضرباتها.

 دوللي بشعلاني _ الديار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى