مقالات

الحلول الآنية لتأجيل العتمة الشاملة دونها معوقات مستجدة.. ماذا في تفاصيل ؟

منذ تفاقم أزمة الكهرباء وتأخر وصول الفيول العراقي إلى خزانات كهرباء لبنان، لم يأل وزير الطاقة وليد فياض جهدا لابتداع خطط تمكنه من “سيسرة” أمور الكهرباء بالموجود لديه، وإخراج “أرانب” الحلول، للقفز فوق التعقيدات التي تظلل كغيمة ثابتة (غير مفهومة) ملف الكهرباء والفيول والجباية والصيانة والشراكة مع القطاع الخاص.

اللعب على حافة الوقت لم يعد سلوكا لبنانيا فحسب، بل ثقافة ثابتة وراسخة في أداء الدولة اللبنانية ومؤسساتها، وبات لزاما على المسؤولين أمام أي مشروع أو خدمة رسمية، “الركض” في اللحظات الأخيرة لإنقاذ الموقف، والحد من الخسائر المادية والاقتصادية.

فعلها فياض أخيرا، عند تدحرج الأمور إلى حافة توقف معامل الكهرباء كليا، فالتفّ على التأخر اللوجستي الذي أصاب شحنة الفيول العراقي، وذهب إلى تفعيل الاتكال على مالية كهرباء لبنان، باستدراجه عروضا لشراء 30 ألف طن من الشركات المحلية، بما مكنه من ترقيع الأزمة موقتا، وتأمين بضع سويعات إضافية من التيار للمواطنين، إلى حين وصول الفيول العراقي وعودة الأمور إلى المربع السابق.

إلا أن مسلسل العقد الكهربائية لا ختام له، والعصي التي تعوق الحلول تتوالد من حيث لا يدري أحد، وآخرها أن “أرنب” شراء الـ30 ألف طن فيول، سيبقى مقعدا عن السير، بسبب غياب رئيس مجلس إدارة كهرباء لبنان كمال الحايك في إجازة خارج لبنان، وقد يكون لدواع إنسانية، وأيضا لموانع إدارية لا تسمح لأحد غيره بتوقيع ما يلزم من الأوراق، لفتح الاعتمادات المستندية وغيرها من الضرورات الإدارية.

فماذا في تفاصيل الأزمة المستجدة؟

تتضمن الموازنة السنوية لمؤسسة كهرباء لبنان المبنية على التعرفة الملحوظة في خطة الطوارئ، تغطية كلفة كميات المحروقات التي تزيد على الكمية المتأتية من مبادلة مليون طن من زيت الوقود العراقي سنويا.

لذلك، وتجنبا للوقوع في العتمة الشاملة وتوقف القطاعات الحيوية في البلاد عن العمل، خصوصا أن عقد زيت الوقود العراقي هو المصدر الوحيد حاليا لتزويد مؤسسة كهرباء لبنان المحروقات، وإسهاما في تسديد قسم من المستحقات المتراكمة لمصلحة الجانب العراقي، ارتأت وزارة الطاقة والمياه القيام بـ 3 خطوات أو اجراءات وافق عليها مجلس الوزراء في اجتماعه الأخير.

هذه الخطوات تتعلق بشروع مؤسسة كهرباء لبنان في تسديد دفعات من كلفة 430 ألف طن من زيت الوقود العراقي قبل استحقاقها في 23/12/2024 في مقابل الشحنات التي تم تسلمها من هذه الكمية (علما أن كمية الـ 430 ألف طن ناتجة من حسم حصة “أوجيرو” من الاتفاقية والبالغة 70 ألف طن، وكمية المليون طن المترتبة على الدولة اللبنانية من الكمية الإجمالية للعقد والبالغة 1.5 مليون طن)، وذلك التزاما لما تم الاتفاق عليه خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها الوفد الوزاري اللبناني برئاسة رئيس الحكومة للعراق ومساهمة في تسديد جزء من المستحقات المتراكمة على الدولة اللبنانية جراء تنفيذ اتفاقية تجهيز زيت الوقود اللبنانية العراقية، على أن تتم عملية الدفع من طريق تحويل مؤسسة كهرباء لبنان أموال الجباية بالليرة اللبنانية والمتأتية من تسديد الإدارات والمؤسسات العامة والمصالح المستقلة الفواتير الكهرباء بما في ذلك المبالغ المرصودة في السلفة المعطاة لهذه الإدارات والمؤسسات العامة والمصالح المستقلة لدفع فواتير الكهرباء لحساب المصرف المركزي العراقي.

ومن الإجراءات أيضا، الطلب إلى وزارة المال والمؤسسات والإدارات العامة ومؤسسة كهرباء لبنان، اعتماد آلية مبسطة تسمح بالإفادة من هذه السلفة في أسرع وقت ممكن، علما أنه لغاية تاريخه، أي بعد مرور أكثر من 8 أشهر على صدور المرسوم، لم يتجاوز التسديد الألف مليار ليرة من أصل السلفة البالغة 6.850 مليار ليرة.

أما الاجراء الثالث، فيتعلق بقيام وزارة الطاقة بإجراء التلزيم النهائي لمناقصة Spot Cargo لشراء كمية 30 ألف طن من الغاز أويل، كانت الوزارة قد أطلقتها في 10/6/2024، ولزمتها موقتا في 3/7/2024 ولم تلزمها نهائيا لغاية تاريخه، وذلك في انتظار انتفاء المعوقات اللوجستية التي تحول حاليا دون البدء بتعبئة شحنة زيت الوقود في مرفأ البصرة.

المعوقات

ما هي هذه المعوقات؟

في تفاصيل مناقصة الـ Spot Cargo التي فازت بموجبها شركة SAHARA، يكشف فياض لـ”النهار” أن الشحنة تقدر بـ 30 ألف طن من الفيول ما يكفي حاجات كهرباء لبنان لـ10 أيام، أي إلى حين موعد وصول الشحنة العراقية.

ولكن المشكلة في رأيه لا تكمن في عدم توافر الأموال، إذ ثمة أموال في حساب كهرباء لبنان لدى المركزي تقدّر بنحو 100 مليون دولار و1000 مليار ليرة (فيما الحاجة هي إلى 25 مليون دولار)، بل المشكلة في غياب رئيس مجلس إدارة مؤسسة الكهرباء كمال حايك في إجازة خارج البلاد حتى 19 من الجاري، ويتعذر الاتصال به للطلب من مصرف لبنان توقيع الاعتماد المستندي لصرف المبلغ للشركة، وهو ما كان يجب أن يتم أول من أمس، لنتفادى الوقوع في العتمة.

وكان متاحا للشركة الفائزة إرسال باخرة محملة بالكمية المطلوبة من الغاز اويل في 17 من الجاري وإرسالها إلى لبنان”.

وإذ أمل أن يلتئم مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان الإثنين المقبل فور وصول الحايك، اعتبر أن “تأخر مجلس الإدارة عن الاجتماع سيدخل لبنان في العتمة لأيام معدودة”، نافيا في الوقت عينه ما يشاع عن حصول خلاف بينه وبين الحايك.

توازيا، ولتفادي مشكلة تأخر وصول شحنة شركة SAHARA، طلب فياض شراء كمية 5 ملايين ليتر من الديزل من الجيش اللبناني لتلافي العتمة الشاملة، ولكن هذا الحل يمكن أن يكون أيضا في حاجة إلى مجلس إدارة كهرباء لبنان.

وهل الجانب العراقي سيمتعض من شراء فيول خارج إطار الاتفاق معه على خلفية أن ثمة استحقاقات لم تسدد له، نفى فياض الأمر موضحا أن “العراق بموجب العقد معه يطلب من لبنان تسديد مستحقاته مقابل خدمات وبالليرة اللبنانية وليس “فريش دولار”، والرصيد يتأمن من الدولة اللبنانية كدعم وليس من كهرباء لبنان، وتاليا فإن تحميل هذه المسؤولية لكهرباء لبنان لا يتناسق مع خطة الطوارىء للكهرباء، التي تقول إن التعرفة الموضوعة تغطي سعر الفيول الإضافي الذي تنوي المؤسسة شراءه، وليس سعر الفيول الأساسي (مليون طن).

وأوضح أنه “عندما تمت الموافقة على خطة الطوارىء كان ثمة خياران، أن نضع التعرفة 27 سنتا لتغطية كلفة التشغيل والفيول الإضافي الذي سنشتريه بمعزل عن الفيول العراقي، أو أن نحدد التعرفة بـ 35 سنتا لتغطية كل النفقات ومن بينها تغطية ثمن المليون طن”.

وإذ أشار الى أن “الشركة العراقية أبلغتنا أمس خطيا أن شحنة الفيول لن تكون متوافرة لتحميلها على متن الباخرة قبل نهاية شهر آب، وتحديدا بين 25 و 31 آب منه، بما يعني أن الشحنة تحتاج بعد هذا التاريخ إلى ما بين أسبوع و10 أيام لتصل الى لبنان”، قال: “في جعبتي الكثير من الحلول والمقترحات لأزمة الكهرباء، لكن ثمة من يقف بالمرصاد ويسعى جاهدا لإسقاط المقترحات”.

 المصدر :سلوى بعلبكي ـ النهار

أ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى