لا شك أن التقديرات الأميركية و”الإسرائيلية”، حول حتمية رد إيران، حزب الله، واليمن، صحيحة، لكن ثمة تخبط بشأن تحديد توقيتها، وشكلها، تعكسه وسائل الإعلام العبرية والأجنبية وتصريحات قادة العدو ومسؤولي إدارة البيت الأبيض.
منذ ما بعد عمليتي الاغتيال في طهران وضاحية بيروت الجنوبية وإعلان إيران وحزب الله حتمية الرد، تطرح في “تل أبيب” وواشنطن العديد من السيناريوهات حوله. تارة يدور الحديث عن رد موحد تشارك فيه اليمن، وفصائل مقاومة عراقية، ثم يحكى عن تواتر في الرد، بأن تبدأ به جهة تليها أخرى.. لكن مختلف تلك السيناريوهات تدور حول توجيه ضربات صاروخية وبواسطة مسيرات وبشكل مكثّف تطال أهداف وقواعد عسكرية.
مجمل ما يدور الحديث عنه لا يخرج عن سياق السيناريو والتوقع، وقد لا يكون الأمر على هذه الشاكلة، وربما يقاربه في بعض الجوانب.
لكن، إلى جانب هذه التوقعات والتقديرات، والتي يبنى على أساسها “الدرع العسكري الدفاعي” الذي تقوده واشنطن وتشارك فيه دول غربية وعربية، ثمة حملة توقعات وتقديرات لتوقيت الرد أو توقيتات لردود مختلفة.
خلال الأيام القليلة الماضية، كررت مواقع غربية، وأخرى عبرية، نقلاً عن دوائر استخباراتية وضع توقيتات لبدء الرد المرتقب.. بداية، نقل موقع “أكسيوس” الأميركي عن مصادر أميركية و”إسرائيلية” قولها “إن حزب الله قد يتخذ الخطوة الأولى في الرد المتوقع من إيران وحلفائها”، ووضعت تلك المصادر نهاية الأسبوع (السبت والأحد) وفقًا للتقييمات الراهنة لتنفيذ الخطوة.
تلا ذلك، ما ذكرته صحيفة “معاريف” العبرية ونسبته إلى تقديرات “إسرائيلية” رجحت أن ينفذ حزبُ الله هجومَه للرد على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر خلال الساعات الـ24 القادمة (يوم الأحد)، مع ترجيح بأن رد الحزب سيسبق الرد الإيراني بوقت وجيز.
لكن اللافت أن الأوساط “الإسرائيلية”، أو المصادر المنسوبة للاستخبارات لا تتحدث عن الرد الآتي من اليمن، وهي تركز على جبهتي لبنان وطهران، مع العلم أن ما قد يقدم عليه اليمنيون وفق التقديرات قد يفوق التوقعات.
ماذا نستنتج من تلك التقديرات والترجيحات؟
– من الواضح أن هذه الترجيحات والتقديرات، والتي خابت في التوقيتات التي وضعتها، تنم عن حرب استخبارات كبيرة، وقد يكون جزءًا مهمًا من وضعها مرتبطًا بمعلومات استخباراتية غير دقيقة، وهو ما يدخل ضمن اشتباك من نوع آخر.
– من الواضح أن حالة الغموض سواء المتعلقة بالنوايا العملياتية، وشكل الرد ومن سيشارك فيه، ونوعيته وحجمه ونطاقه، قد أدخلت “الإسرائيليين” والأميركيين في حالة من الإرباك والتخبط، ما دفعهم إلى احتساب كل صيحة عليهم، وفق ما تعكس تلك التكهنات.
– نجاح جبهة المقاومة في إدخال العدو بحالة انتظار قاتلة تؤثر في تقديراته، وهو ما ينسحب على واشنطن أيضًا.
وعليه، إن حالة الانتظار التي تقصدت جبهة المقاومة إيقاع “إسرائيل” والأميركيين بها، قد أثّرت في تقديرات الاستخبارات “الإسرائيلية” والمؤسسة الأمنية، وهو ما يمكن تفسيره أيضًا من خلال حجم التهويل وتهديد قادة العدو من تبعات أي ضربة قد يتعرض لها كيانهم الغاصب.
إن التوقعات التي وضعت خابت في شكلها ومضمونها، وهو ما يؤثر وسيؤثر في داخل كيان الاحتلال، إذ اضطر الناطق باسم جيشه للخروج ببيانات لأكثر من مرة في محاولة لطمأنة المستوطنين، تحدث فيها عن أنه في ضوء التقارير حول رد محتمل من لبنان وإيران، لا تغيير في تعليمات “الجبهة الداخلية”.
إن قرار الرد متخذ، وحالة الانتظار جزء منه، وهو ما عبّر عنه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله صراحة في خطابه الأخير بعبارتي “يا واش يا واش” و”الذبح بالقطنة”، لذا فإن شكل الرد أو الردود ونطاقها، تعتبر ورقة قوة في يد جبهة المقاومة، ومن غير الواضح أنه يمكن معرفتها أو توقعها قبل وقوع الرد الحتمي الذي أوكل أمره للميدان.. ففيه فقط الكلمة الفصل..