كشفت صحيفة “تلغراف” البريطانية عن أساليب المقاومة الفلسطينية الناجحة في القتال الذي يدور في قطاع غزة، منذ نحو 10 أشهر، مستندةً إلى اعترافات رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، وخبير في حرب المدن.
وأكدت الصحيفة أن “حماس أخذت بعض التكتيكات الدفاعية الحضرية الشائعة ووضعتها على مستوى لم يره أحد من قبل”، مسلسلة الأحداث منذ بداية التوغل البري لـ “جيش” الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
ورأت “التغراف” أنه عندما دخل “الجيش” الإسرائيلي إلى غزة، في بداية التوغل، “واجه مقاومة محدودة”، وعبرت المركبات الإسرائيلية الطرق الرئيسية وشكلت مساراتها الخاصة إلى قواعد عمليات متقدمة أنشئت بسرعة، دون أن “تصطدم بهم كتائب من مقاتلي حماس على الحدود”.
ونقلت عن جنود إسرائيليين قولهم إنهم “اقتحموا بعض المواقع التابعة لحماس ليجدوها خالية”.
لفتت الصحيفة إلى أن هذا النهج الذي اعتمدته المقاومة أجبر “جيش” الاحتلال على القتال “حيث يناسب حماس”، مشيرةً إلى أن جزءاً كبيراً من هذا النجاح التكتيكي المبكر الذي حققته حماس يعود إلى المراقبة، وهي القوة المتنامية حتى السابع من أكتوبر 2023.
وبعد ذلك، تعرضت الدبابات والقوات الإسرائيلية لهجوم مكثف بمجرد أن استقرت في المناطق التي اعتقدت أنها “آمنة”، وفق “تلغراف”.
ومعترفةً بأن المقاومة لا تزال تسيطر على معظم المناطق في قطاع غزة، أكدت الصحيفة أن ذلك سمح لحماس “بالاعتماد على المراقبين المدنيين وكاميرات المراقبة في بداية الحرب لمراقبة إسرائيل وهي تتوغل أكثر داخل القطاع، للعثور على العدو ومواجهته”.
وأضافت أنه بمجرد توغل قوات “الجيش” الإسرائيلي في عمق غزة، أصبحت دباباته، التي تعد من بين الأكثر تقدماً في العالم، بمثابة غنائم حرب ثمينة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه “بالنسبة لحماس فإن الدبابات لها بُعد عسكري وثقافي وأسطوري تقريباً، ويظهر عدد كبير من مقاطع الفيديو لاحقاً نوعاً من الكمائن ضد دبابات ميركافا”.
وقد وثقت حماس عدداً لا يحصى من المشاهد التي يظهر فيها مقاتلوها وهم يطلقون قذائف صاروخية على الدبابات من مسافة قريبة للغاية، وأحياناً في الشارع، وفي حالات تمكنت حماس من التسلل إلى دبابة ووضع عبوة ناسفة عليها أو تحتها”، بحسب الصحيفة.
وبعد أن تشق المركبات المدرعة طريقها، يتبعها في كثير من الأحيان جنود المشاة. وتُظهِر مقاطع الفيديو التي بثتها حماس مقاتلين يخرجون من الأنفاق إلى ساحة المعركة، ويتسللون إلى الجنود لمهاجمتهم عن قرب، وعادة ما يكون ذلك باستخدام بنادق “AK-47”.
أما العنصر الأخير، والذي وصفته الصحيفة بأنه “غالباً ما يكون الأكثر تدميراً في تكتيك الكمائن الذي تنتهجه حماس”، فهو استدراج “إسرائيل” إلى مناطق أو مبان وضعت فيها عبوات ناسفة.
في المقابل، قالت مصادر في “الجيش” الإسرائيلي إن “حماس لديها نظام معقد ومتغير من العلامات التحذيرية، مثل الملاءات الملونة، على المباني لمساعدة زملائهم المقاتلين على التمييز بين الأفخاخ ومخازن الأسلحة الآمنة، مضيفةً أنها “تستخدم أيضاً المعدات والملابس العسكرية الإسرائيلية التي تستولي عليها لجذب القوات إلى المباني قبل تفجيرها”.
خبير الحرب في المناطق الحضرية في أكاديمية “ويست بوينت” العسكرية في الولايات المتحدة، جون سبنسر، قال إن هذه الهجمات على وجه الخصوص “مزعجة”، مقراً أنها “تجبر إسرائيل على تغيير تكتيكاتها”.
وتابع أن غزة أثبتت أنها واحدة من أصعب المعارك الحضرية في التاريخ، حتى بالمقارنة مع الموصل أو ستالينغراد، مشيراً أن المقاومة كان لديها “15 عاماً للاستعداد لهذه اللحظة”،وأنها عملت جاهدة “لتحويل كل شبر إلى مشكلة لأفضل جيش في العالم”.
وأقر سبنسر بأن الجنود الإسرائيليين يواجهون حقيقة متزايدة مفادها أن “كل مبنى عبارة عن قنبلة أو فخ. وكل فتحة نفق عبارة عن فخ”.
بدوره، اعترف رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، تمير هايمان، أن الحرب الحالية هي الأصعب في تاريخ “إسرائيل”، مؤكداً أن حماس متغلغلة فوق الأرض وتحتها في كل أنحاء غزة.
وأثبت هايمان أقواله بسببين: الأول، هو أن “اختراق” البنية التحتية لحماس في المناطق الحضرية أمر بالغ الصعوبة، والثاني لأن الصور ومقاطع الفيديو للجنود الإسرائيليين وهم يقومون بمداهمات المدارس والمستشفيات “تبدو سيئة” لبقية العالم.