صحة عامة
تأمين اللبنانيين على المحك.. كيف تزعزع القطاع في ظل الأزمات المتلاحقة
تعيش شركات التأمين في لبنان أوقاتا عصيبة، بدأت مع الأزمة الاقتصادية حيث لم تستطع أن تتخطاها إلى حدّ اليوم، إذ إن شبح الخسائر والتراجع لا يزال يسيطر عليها وسط التحديات الجمّة التي تواجهها، بالاضافة إلى تراجع قدرة المواطن الشرائية، الذي اضطر أن يعتمد على خدمات المؤسسات العامة المحدودة بدل اللجوء إلى شركات التأمين الخاصة.
ومع ازدياد التضخم، خسرت شركات التأمين عشرات الآلاف من الزبائن، هذا عدا عن محدودية الخدمات التي يختارها المواطن، فمثلا على سبيل المثال، تراجعت خيارات التأمين على الصحة من الفئة الاولى إلى الفئة الثانية أو الثالثة، ومن كان قد اختار الفئة الثالثة قبل الازمة، فإنّه حتمًا أوقف التأمين اليوم.
المشكلة المالية التي طالت قطاع التأمين لم تؤثر على الشركات فقط، إنّما على المؤمِنين أيضا، حيث يفصح العديد من المواطنين عن مشاكل تواجههم مع عدد من الشركات التي حسب توصيفهم استغلت الازمة، وحاولت اللعب بقضية إعادة ما تم دفعه.
ماهر، الرجل الأربعيني، وهو موظف في إحدى الشركات يروي لـ”لبنان24″ قضية صعبة واجهته مع إحدى شركات التأمين، التي لا تزال تماطل بقضيته منذ أكثر من 3 سنوات.
فبعد أن طلب ماهر استرداد ما تم دفعه من تأمين على الحياة، تفاجأ منذ سنتين تقريبا بأن الشركة لن تعيد له الاموال بالدولار الفريش كما كان يدفع، ما يعني أنّه خسر أكثر من 65% من قيمة ما كان يدفعه منذ بداية عام 2017، أي قبل الأزمة.
وبعد أخذ ورد، استحصل ماهر على شيك باللولار، ما يعني فعليا خسارة قيمة المبلغ. وما زاد الطين بلة يتلخص بأن ماهر لم يستطع تصريف الشيك بشكل فوري، إذ تآكلت قيمته التي ترافقت مع الهبوط السريع لقيمة الليرة اللبنانية.
ومن المؤمِنين إلى أصحاب شركات التأمين، يؤكّد رئيس مجلس إدارة جمعيّة شركات الضمان أسعد ميرزا أن الشركات لم تخرج بعد من الأزمة الاقتصادية لا بل على العكس من ذلك، فإنّها لا تزال تعاني الأمرّين جراء تراجع قدرة المواطن، بالاضافة إلى ارتفاع قيمة التأمين، وهذا ما ينعكس بطبيعة الحال على عمل الشركات.
ويلفت ميرزا خلال اتصال عبر “لبنان24” إلى أن حجم المداخيل التي كان يدخلها القطاع تراجع بشكل كبير، ففي وقت كان يستطيع القطاع أن يؤمّن سنويا مليار و700 مليون دولار، فاليوم لا يتخطى المبلغ 950 مليون دولار، لافتا إلى أن القطاع صامد إلى حد الآن إلا أن قوته تختلف تماما عما كانت عليه قبل 2019.
وعن حجم بواليص التأمين التي يطلبها المؤمنون، وعلى عكس المتوقع، تؤكّد الارقام أنه لا يوجد اليوم ضغط على التأمين، خاصة على صعيد الصحة، فما هي الأسباب؟