أخبار لبنان

حجّار: ورقة الاستجابة مسؤوليّة الوزارات

يعتري القلق غير المضمحلّ الانطباعات المتراكمة فوق المستندات الخاصّة بملفّ النزوح السوري على مستوى وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجّار الذي يبقي على ناقوس مخاوفه بعدما “تأكّد المؤكّد” بالنسبة إليه.

أن يتوجّس من منظاره المراقب قبل الوزاريّ، ذلك أنّه يرصد أنّ “عدد السوريين في لبنان تجاوز المليونين وكلّ البرامج الآتية من أصقاع العالم لديها بعدها الدامج انطلاقاً من نظرية أنّ النازحين باتوا موجودين في لبنان منذ أكثر من 10 سنوات، يعملون على الأراضي اللبنانية ويحصلون على المساعدات وترعرع أولادهم في الداخل اللبنانيّ ودرسوا المنهاج التعليمي اللبناني… كلّ المشاريع التي تأتيهم من المؤسسات الدولية تسهم في تلقينهم المهن وتحاول مساعدتهم للعثور على وظائف وتحثّهم للدفاع عن أنفسهم في مضامير حياتية بينها العمل والإيجار”.

لا عداوة شخصية لبنانية منه تجاه السوريين بحسب تأكيده، لكنّه يفلفش الملفّ ولا تغيب عن ذهنه قدرات لبنان الاقتصادية المتواضعة وطاقاته المحدودة، فإذا به يكرّر ما يقوله أن “ليس في استطاعة لبنان كبلد صغير محصور القدرات أن يتحمّل هذا العدد من النازحين”.

لكنّ هكتور حجّار لا يحبّذ الجوّ الدوليّ العام الذي يعتقد أنّه “يهلّل لبقاء النازحين في لبنان… وإن كان هناك من تمييز فإنّه يحصل لمصلحة النازحين السوريين على حساب المجتمع المضيف”.

ولا تخفت ملاحظاته التنظيمية الخاصّة في كيفية إدارة ملفّ النزوح السوري من الدولة اللبنانية، مع تبنّيه موقفاً فحواه أنّ “استقالة للدور السياديّ الخاصّ بالدولة اللبنانية حصلت سنة 2011، بعدما استقبلت نازحين على أرضها دون تسجيلهم.

كما تخلّت الدولة اللبنانية عن موقف سيادي آخر متعلّق بعملية تنظيم توزيع النازحين فيما كانت هناك مكوّنات لبنانية شريكة في إدارة ملفّ النزوح”.

وهو بات يَسأل حالياً: “كيف يمكن إدارة بلد إن لم تكن هناك معرفة بعدد الموجودين على أراضيه؟”.

وعندما يختصر هكتور حجّار مطلبه في مرحلة تكثر فيها التحرّكات اللبنانية المحاولة إنهاء حال سكون ملفّ النزوح، فإنّه يقول إنّ “على الوزارات اللبنانية المختصّة تولّي الملفّ في موضوع الاستجابة وموضوع إعادة النازحين إلى بلدهم”.

ويضيف، أنّ “الجهات الأممية اقترحت على الدولة اللبنانية التوصّل إلى مقاربة موحّدة بالنسبة للاستجابة، لكنّها لم تطرح علينا المقاربة التي حصلت الموافقة عليها من رئيس حكومة تصريف الأعمال الذي من جهته عمل على تعيين نائب رئيس حكومته، لكنّ الوزراء المعنيين بملف النزوح لم يطّلعوا على تلك المقاربة ولم يعرفوا تفاصيلها”.

وإذ تستكمل التحضيرات لدعوة التقنيين في الوزارات اللبنانية المختصة في 5 تموز للتشاور في كيفية الإجابة على المقاربة الاجتماعية الإنسانية للسوريين واللبنانيين التي طرحتها مؤسّسات الأمم المتحدة، فإنّ وزير الشؤون يستطرد أنّ “الدولة اللبنانية ليست هي التي اقترحت ورقة الاستجابة بل الأمم المتحدة التي اشترطت الاستجابة الواحدة لمنح لبنان أموالاً، لم يطّلع عليها الوزراء المعنيّون ولم يناقشوا تفاصيلها فيما يطلب من يطرحها تبنّيها”.

ويطرح حجّار استفهامات فحواها: “من يمنع اللجنة الوزارية المعنية بملف النزوح السوريّ أن تلتقي وتتناقش في ورقة الاستجابة؟”.

ويقول الوزير هكتور حجّار إنّ “نقطة الخلاف تكمن في أنّ الاستجابة الإنسانية والاستجابة الاجتماعية تأتي في مباردة من مؤسسات الأمم المتحدة التي تحثّ في اتجاهها انطلاقاً من مصالح خاصّة ونحن نحترم غايتهم ومصلحتهم.

لكن الدولة اللبنانية كما كانت غايتها يوم الاستقبال أن تسجّل النازحين ولم تسجّلهم، فإن غايتنا اليوم أن نقترح كوزراء معنيين إدارة الاستجابة للأزمة السورية، للوضع الاجتماعي والوضع الصحّي والتربوي، لأنه نتيجة هذه الإدارة سيكون على لبنان مجموعة مسؤوليات منها إدارة الناس الذين يعيشون على أرضه وأن يتحمّل مع المجتمع الدوليّ من يمكن أن يموّل هذه الاستجابة.

إنّ تنازل لبنان عن هذا الدور سيجعل إدارة البلد للمؤسّسات الدولية”.

عن عمل وزارة الشؤون الاجتماعية واقتراحاتها، يردف: “في موضوع الاستجابة نحن من نظّمنا عمل الجمعيات الأجنبية في لبنان وعمل دخول الجمعيات إلى المخيّمات ومن ننظّم الولادات ونعمل مع المحافظين اللبنانيين على إدارة ملف النزوح.

أقلّ الإيمان أن نطرح اقتراحات وأن تكون لدينا كوزارة معنية استجابة ورأي يحمي لبنان”.

لم تأتِ زيارات وزراء لبنانيين لسوريا بنتيجة في ملفّ النازحين، وسط استفهامات لبنانية غير مرجّحة سعي النظام السوري لإعادتهم.

من ناحيته، يقول حجّار: “لنفترض أنّ النظام السوري لا يحبّذ إعادة النازحين، لكن ماذا عن هدف اللبنانيين؟ هل هي خطيئة أن أكون لبنانيّاً وأن أحافظ على بلدي؟”.

حول إن كانت هناك جدوى من الزيارات الوزارية اللبنانية لسوريا لبحث ملفّ النازحين، يعتقد حجّار أن “اللازيارات تسبّب جفافاً في العلاقات والزيارات المجتزأة لا تعطي نتيجة”.

وهل في الإمكان أن يطرأ أفق في ملفّ النزوح قريباً أم أنّ لبنان ينحو في اتجاه تغيّر ديموغرافيّ ليس في المستطاع التعامل معه؟ في استنتاجه، “لسنا في المرحلة القاتمة وليس صحيحاً أنّ الأمور انتهت. هناك متغيّرات في البرلمان الأوروبي لا بدّ من متابعتها وفهمها، وعلينا معرفة كيفية تطوّر المزاج العام اللبناني والموقف الحكومي. هناك متغيّرات كثيرة ولا بدّ من أن نثق كلبنانيين بإمكان الوصول إلى حقّنا”.

في الموازاة، وانطلاقاً من معطيات استقتها “النهار” فإنّ ورقة الاستجابة التي اقترحها مؤسسات الأمم المتحدة ستبحث على المستوى التقنيّ اللبنانيّ في الأيام المقبلة بعدما أرسلت إلى الخبراء المختصّين في وزارات عدّة لبنانية شمولاً بوزارة الشؤون الاجتماعية على أن يحصل تقديم الملاحظات الخاصّة على مستوى كلّ وزارة للعمل بها.

وانطلاقاً ممن يواكب ورقة الاستجابة على نطاق رئاسة الحكومة اللبنانية، فإنّ هناك شجباً لهجوم بعض الوزراء اللبنانيين على ورقة الاستجابة المقدّمة من مؤسسات الأمم المتحدة، ويأتي شجب الهجوم من الذي واكب الورقة، لأنّ أحداً لم يفرض على لبنان الالتزام بما تتضمّنه ورقة الاستجابة، بل يمكن للدولة اللبنانية أن توافق على ما تحبّذه في الورقة وأن تطرح الملاحظات التي تسعى إليها.

ويرجّح من يتابع حراك رئاسة الحكومة أن تعقد اللجنة الوزارية الخاصة بملف النزوح جلسة وزارية مشاوراتية خلال أيام أيضاً.

المصدر: “النهار”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى