تحتلّ استحقاقات أول كل شهر حيّزاً أساسيّاً من النّقاشات الاقتصادية في كل بلدان العالم، وجزءاً رئيسياً من عمل الحكومات، وفي كل مناظرة انتخابية، سواء كانت مرتبطة بانتخابات تشريعية، أو رئاسية.
فمعيار المسؤول الناجح والمُستحِقّ لأصوات الناخبين في كل مكان، هو ذاك الذي يهتمّ بتخفيض كلفة الضرائب والفواتير المُستحقَّة على ناخبيه في بداية كل شهر، الى أقصى حدّ متناسِب مع الحالة والحاجات والضرورات الاقتصادية والمالية، ومع حالة الرواتب وفرص العمل في بلاده.
هذا في الخارج، وأما في لبنان، فمعيار المسؤول الجاذب لأصوات المقترعين هو أن يكون متكلّماً جيّداً لا أكثر، وصاحب برنامج انتخابي قد تتصفّحه، فتجد أن أكثر من 60 في المئة منه تقريباً، غير قابل للتطبيق أبداً.
ولكن للاستحقاقات الانتخابية ضروراتها، وبما أن لا “جمارك على الكلام” في بلادنا، يُصبح كل نوع الأحاديث مُتاحاً ومسموعاً.
صحيح أن لا انتخابات قريبة في بلادنا، لا على المستوى “الأصيل” ولا “المُبكِر”، إلا أننا نسأل عن الزمن الذي يمكن أن تتوفّر لنا فيه النّقاشات الانتخابية “الفصيحة” والمُنتِجَة في لبنان، والوجوه الانتخابية المهتمّة بفواتير واستحقاقات “أول الشهر” لناخبيها، وبالعمل على جعلها ذات مصداقية وشفافية، وأكثر تجانُساً مع الخدمات الضّعيفة جدّاً التي يتلقّونها
مئات المخالفات
رأى مصدر سياسي أن “كل المسؤولين والمرشّحين في لبنان يقدّمون الأفكار والطروحات، ويتحدّثون عن المشاكل والحلول. وأما تصرّفاتهم، فلا يمكن لأحد أن يتوقّعها، خصوصاً أنهم يتصرّفون كلّهم بحسب مصالحهم الشخصية”.
وشدّد في حديث لوكالة “أخبار اليوم” على أن “مشكلتنا على هذا الصعيد تعود الى أن لا أحد يشعر بضرورة تغيير أسلوب كلامه السياسي والانتخابي، لأن شعبنا لا يطالب بشيء، ولا يُحاسب، ولا يُعاتب، ولا يُراقب. وبالتالي، من سيشعر بضغط الحاجة الى تبديل أي شيء في عمله السياسي؟ وأي بلد خارجي يمكنه أن يهتمّ بنا ولأي سبب، طالما أن اللبنانيين يبدون راضين؟”.
وختم:”لا يمكن لأحد أن يساعد أي بلد أو شعب، إلا إذا كان هذا الشعب يحاسب ويتحرّك، ويُبدي قابلية لذلك. ولكن شعبنا قادر على الاقتراع لصالح لائحة، قام رئيسها بمئات المخالفات في ليلة واحدة، وذلك قبل أن يسلّم أحد أعوانه الى المحاكمة، رغبةً منه بإظهار نفسه بصورة مُحارِب الفساد.
وبالتالي، من يمكنه أن يساعد شعباً يقترع بهذه الطريقة، ورغم معرفته بالحقيقة؟”.