متفرقات

“طفلات عربيات في أَتون الحروب والنزاعات” موضوع تدارس من طرف شبكة دراسات المرأة “صون” وتجمع الباحثات اللبنانيات.

نظّمت شبكة دراسات المرأة “صون” بالشراكة مع تجمع الباحثات اللبنانيات الندوة الثالثة من برنامج أطروحات جندرية، في مقر تجمع الباحثات اللبنانيات في بيروت، والتي خصصت لمناقشة كتاب “طفلات عربيات في أَتون الحروب والنزاعات” الصادر عن تجمع الباحثات اللبنانيات.
برنامج أطروحات جندرية تنظمه شبكة دراسات المرأة بالتعاون معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية ومجموعة بسمة الدولية، والجمعية اللبنانية لعلم الاجتماع، ومركز دراسات المرأة في الجامعة الأردنية، ومخبر الدين والمجتمع في جامعة الجزائر٢، وبمشاركة المراكز البحثية والجمعيات العلمية من أعضاء شبكة دراسات المرأة. والذي يأتي انسجاما مع رؤية شبكة دراسات المرأة المتمحورة حول “إعادة التفكير في مسألة النوع الاجتماعي وتأويلاته، ومناقشة النضال النسوي واشكالاته في السياق العربي اليوم”.
افتتحت أعمال الندوة وأدارتها البروفيسورة مارلين حيدر عميدة معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية بكلمة عبرت فيها عن سرورها بحضور معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة الوطنية في كل تلاقٍ علميّ وبنّاء للخدمة الأكاديمية والمعرفية، مثلما شكرت مبادرة شبكة دراسات المرأة لإتاحة هذه الفرصة للنقاش والتداول معتبرة أنّ هذا الكتاب هو منتج فكري هام يتناول موضوع آني ومنتشر، كونه يسلط الضوء على البلدان العربية التي عاشت الحروب والنزاعات بقراءة، والأهم أنه يسلط الضوء على واقع النساء في هذه المجتمعات خصوصا الطفلات اللواتي ما زلن يشكّلن الحلقة الأضعف. لذا أكّدت حيدر على أهمية مناقشة كل فصل في هذا الكتاب وتسليط الضوء على محتوياته.
كلمة رئيسة شبكة دراسات المرأة ورئيسة الشبكة الدولية لدراسة المجتمعات العربية البروفسورة ماريز يونس
عبّرت فيها ماريز يونس عن اهمية “النقاش المفتوح الذي أطلقته الشبكة “صون” على ضوء برنامج أطروحات جندريّة، والذي يقوم على فلسفة المشاركة والتحالف والتشبيك مع المؤسسات العلمية والنضالية العربية المهتمة بقضية المرأة، بهدف توسيع النقاش والتداول حول الانتاج المعرفي النسوي على المستوى العربي. ولفتت يونس الانتباه إلى أنّ اختيار “شبكة دراسات المرأة” لمناقشة كتاب الطّفَلات في زمن الحروب والنّزاعات تمّ اولا، في إطار دعوة شبكة دراسات المرأة للاهتمام بدراسة فئة المهمّشات والأكثر عرضة للخطر، التي ما زالت شبه مغيبة ولم تأخذ حيّزها من الاهتمام الكافي. وثانيا، لاهتمام الشبكة بموضوع الازمات كسياق تعيشه المنطقة العربية منذ قرن من الزمن. مشيرة إلى أنّ موضوع “الحرب على غزة وسؤال القيم الإنسانية”، هذا العام، احتل مساحة كبيرة من اشتغال الشبكة تُوِّجَ بإصدار كتاب ل 41 باحث وباحثة من العالم العربي بمقاربات متنوعة، كما تصدر موضوع الأزمات موضوع منتداها السنوي في تونس هذا العام.
اخيرا، أشارت يونس إلى أنّ هذا الكتاب يأتي مواصلةً للنقاشات الدولية حول أطفال الحروب، ولعل آخر الكتب التي نشرت في أوروبا العام الماضي 2023 هو كتاب هام لدومنيك ميسيكا وبينيتيك فرجنشانيو بعنوان “نحن أطفال الحرب 39 -45″ والذي يتحدث عن معيش أطفال أوروبا أثناء الحرب العالمية الثانية بما فيهم أطفال اليهود، ومعاناتهم وتعرضهم للنازية، لنجد اليوم وبعد كل تلك السنوات، ان النازية ما زالت مستمرة بل اكثر استفحالا بشكلها الصهيوني القائم، لكن بدل أن يكون الضّحايا من أطفال أوروبا الذين تحدث عنهم الكتاب من أوائل المساندين والمدافعين عن أطفال فلسطين وغزة، نجد بعضهم، خاصة المؤسسات السامية، يساند ويدعم النازية الصهيونية الجديدة التي تعرّض أطفال غزة للإبادة كل يوم في فلسطين.
كلمة الأمينة العامّة لتجمّع الباحثات اللبنانيّات الدكتورة هلا عواضة
أعربت الدكتورة هلا عواضة الأمينة العامة لتجمع الباحثات اللبنانيات عن سعادتها باستقبال ثلة من الأصدقاء والصديقات والباحثين والباحثات في مركز تجمع الباحثات لمناقشة الكتاب الثامن عشر للتجمع ‘طفلات عربيات في أتون النزاعات والحروب” . فقد اعتبرت أن مناقشة هذا الكتاب تكتسب في اللحظة الراهنة أهمية كبيرة، لأنها تفتح نافذة على الواقع المأساوي الذي تعيشه الفتيات الصغيرات في مناطق الصراع في العالم العربي وفي غزة تحديداً. هذا الكتاب يعكس صرخات الطفولة المسلوبة والبراءة المدفونة تحت ركام الحروب، مسلطاً الضوء على قصص حقيقية من المعاناة والشجاعة. كما أضافت بأنه من خلال عرض هذا الكتاب يتم تسليط الضوء على القضايا الإنسانية الحرجة والنداءات العاجلة للمساعدة والتغيير. وأشارت إيضاً إلى أهمية الكتاب الأكاديمية لأنه يقدّم تحليلات معمقة تجمع بين الدراسات الاجتماعية، والنفسية، والسياسية، والإنسانية، مما يتيح فهماً شاملاً ومعمقاً لتأثير الحروب والنزاعات على الفتيات الصغيرات في العالم العربي. عبر استخدام أساليب بحثية متعددة مثل المقابلات الميدانية، ودراسات الحالة، بحيث يسهم المشاركون/ات في الكتاب في توثيق تجارب الطفلات وتبيان الأبعاد المتعددة لمعاناتهن . وأضافت بأن مناقشة هذا الكتاب تسهم في نشر الوعي الأكاديمي والمجتمعي حول القضايا الإنسانية الملحة، وتعزز الفهم العميق لتبعات الحروب على الجوانب النفسية والاجتماعية والتعليمية للطفلات. إضافة إلى ذلك، تفتح المناقشة المجال لتبني سياسات وبرامج تدعم حقوق الأطفال وتساهم في تحسين أوضاعهم، مما يبرز الحاجة الملحة للتدخلات الإنسانية والسياسية لتحقيق السلام والتنمية المستدامة في المجتمعات المتضررة.
كلمة الدكتورة لينا جزراوي
في تقديمها للكتاب تطرقت الدكتورة لينا جزراوي، باحثة ومستشارة ومُدرّبة مُتخصّصة في الفلسفة النّسويّة، إلى ابرز ما جاء في المحورين الاولين منه. فركزت على مفهوم الصّمت لدى طفلات الحرب الذي يستمر في كافة مراحل نضوج الأنثى معتبرة أن هذا الصمت هو جريمة بحد ذاته، والسكوت عن العنف هو استمرار للجريمة. واعتبرت أن الحرب ليست سوى استمرارا لتهميش الأنثى كفعل متجذّر في المجتمع الذّكوري. فهو سِمة ثقافيّة واجتماعيّة لا تُمحيها الحروب والنّزاعات بل بالعكس ستُفاقمها كظاهرة ، وتُصبِح مُتجذّرة أكثر في المجتمعات الذكورية. كما طرحت تساؤلا عميقا في هذا السياق هو: هل نجاة الطفلات الجسديّة من الحرب تعني أنهنّ نَجَوْنَ نفسيّاً؟! وقد وجدت د. لينا أن الأنثى تعيش في المجتمعات الذكوريّة حالة اغتِراب عن جسدها منذ الفلسفة اليونانية القديمة، وأمام هذا الواقِع فسر الكتاب المذكور موضوع النقاش، مسألة انتهاك جسد الإناث في الحروب والنزاعات المُسلحّة، من قِبل الجهات المُتصارِعة من جهة، وانتِهاك حقهنّ في التعبير عن ألمهنّ ووجعهنّ من قِبل الأسرة وثقافتها الذكوريّة. فقد بات معروفًا لدى الباحثين/ت أنّ أكثر من يُعاني في الحروب هم الأطفال والنّساء، فكيف عندما تكون طفلة وأنثى؟ لذا اعتبرت جزراوي أن هذا الكتاب يضع الإصبع على جُرح عميق، مناقشة القضايا التي تضمنها هذا الكتاب في محوريه الأول والثاني من خلال قراءة فلسفية تحليلية معمقة تناولت فيها كل المناحي التي تطرقن إليها الباحثات من نظرة الإعلام للطفلات وتصويرهن في أتون الحروب، إلى النظرة حيال تلكم الطفلات بعيون القوانين والأنظمة في مرحلة ما بعد النزاع، كما عرجت على التحولات والأنماط الفنية لصورة الفتيات في النزاع ما قبل الحداثة وما بعدها، والتحولات الاجتماعية التي تعرضت لها الطفلات في الحروب من جيل إلى جيل، وصولا إلى مناقشة المعالجات التي تضمنها الكتاب حول حياة النساء الطفلات التي غيرتها الحروب وقلبها التهجير، وكيف يكون جسد المرأة في الحروب دلالة على الانتصار وأداة حرب؟
وفي الختام، أكدت د. لينا جزراوي على أهمية هذا الكتاب والحاجة إليه في هذه الأيام؛ فهو عرض مفصل ووافي لتجارب ومعيشة الطفلات العربيات في أكثر من دولة عربية عايشت الحروب والنزاعات وتحملت أعباءها، مثلما شكرت شبكة دراسات المرأة (صون) على هذا النّشاط المميّز بالتعاون مع تجمّع الباحِثات اللبنانيّات؛ إذ أكدت أنه يدفع نحو المزيد من تطوير الخِطاب النِّسوي ومُواكبة التغيّرات المُجتمعيّة وأثرها على واقِع المرأة العربيّة.
كلمة البروفسورة سحر حجازي
كان لأستاذة علم النفس الاجتماعي في معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية، قراءة علمية نقدية للكتاب موضوع الندوة؛ حيث اعتبرت حجازي أن الكتاب يتسم بالتنوع المعرفي حيث تتعدد المقاربات والمناهج العلمية التي عالجت الموضوع. ورأت أن الباحثات في هذا الكتاب سَعَيْنَ إلی: تقديم إطار جديد لمعالجة قضية المرأة باختيارهن الطفلات والمراهقات في زمن الحرب، تبيان أن الباحثات من خلال هذا الكتاب حاولن رفع صوت الطفولة والمراهقة المَنسيّة وسط صخب حروب الكبار وانعكاساتها عليهن كتركِ مقاعد الدراسة، التعرض للتحرش أو الاغتصاب، والتزويج المبكر للقاصرات، عرض لتجارب مرحلتَيّ الطفولة والمراهقة عند بعض النساء الراشدات التي هي، بمكان ما، تأريخ لذاكرة شعب؛ حيث ركزت على تقديم مناقشة البُعد النفس- اجتماعي فقط لبعض الدراسات في المحورين الثالث والرابع، مؤكّدة على حضور هذا البعد بقوة في الكتاب؛ إذ تكوّن المحور الثالث من خمس دراساتٍ باللغتين العربية والانكليزية (ص: 291 ـ 364)، القاسم المشترك بينها أنها تعالج عواقب الحروب وآثارها السلبية (المؤقتة والدائمة) على الطفلات والمراهقات من خلال مقاربات علمية متنوعة حيث يتقاطع المنظور الجندري مع الخطاب الاستعماري وما بعد الكولونيالي، والمنظور النفسي التحليلي، ووجهات نظر أخرى تأخذ بعين الاعتبار دور بعض المتغيرات كالطبقة والجنسية والدين والعرق، واللون. ولم تفوّت التّأكيد على أنّ عرض الباحثات، في هذا المحور، لا يقتصر على وصف واقع الطفلات في الحروب المعلنة وحالات النزوح القسري، بل يشمل أيضًا الحروب غير المعلنة كالتمييز ضد الفتيات، تهميشهن، والحروب الإلكترونية والإعلامية؛ حيث تُستخدم لتشويه سمعتهن، فضلاً عن نقد السياسات المحلية وإظهار الهوّة بين التشريعات والقوانين المتعلقة بحماية الأطفال والمساواة بين الجنسين، من جهة، وتطبيقها على أرض الواقع، من جهة أخرى. وفي السياق نفسه، يتناول هذا المحور نقد السياسات الاستعمارية وأداء بعض منظمات المجتمع المدني والمؤسسات والوكالات العامة التي استغلت الحروب، أحيانًا، بالتعاون مع بعض الأطراف المتصارعة لتحقيق صالح المستعمِر بغضّ النظر عن صالح الأطفال عموماً والطفلات خصوصا. أما المحور الرابع، فهو عبارة عن مقالات ووجهات نظر من عدة دول عربية وعددها إثنا عشرة مقالة (ص: 385 ـ475)، وهي بمثابة شهادات حياة وخلاصة تجارب وخبرات مرّت بها نساء عايشن الحرب في طفولتهن ومراهقتهن ( وما زالت ذكرياتها قابعة في نفوسهن تطفو على سطح وعيهن مجدداً مع كل حدث أمني آنيّ) وأخريات ٍعايشنَ ثوراتٍ لتحرير دُوَلِهنَّ من الاستعمار قرَّرْنَ الانتفاضة على الواقع ومقاومته فحمَلْنَ السلاح وقرَّرْنَ الدفاع عن كرامتهن وكرامة وطنهن.
كذلك، قدّمت حجازي عرضا مفصلا عن الدراسات التي تضمنتها هذه المحاور، كما عرضت الجديد الذي تقدمه كل من هذه الدراسات، وانتهت مداخلتها ببعض الاستنتاجات على الشكل التالي: أن البعدُ النفس- اجتماعي كان حاضرًا، وبقوة، في هذه الدراسات، أن الفتيات يتعرضن لأنظمة مختلفة من القمع أثناء الحروب كمنعهن من الخروج من المنزل (حتى ولو كُنَّ في مناطق آمنة “نسبيًا”) أو إجبارهن على ارتداء العباءة والبرقع. كما يتعرضن لأنواع متعددة من العنف والتمييز في المعاملة على أكثر من صعيد، ما ينعكس سلبًا على صحتهن النفسيّ، أن هناك تغُّير في بنية المجال النفس- اجتماعي أو الحيِّز الحيّ للفتيات بفعل التغيُّر في نمط حياتهن وعدم تلبية حاجتهن للتنقل والحركة وللأمان.
لهذا، اتّسم العمل النفساني للفتيات بـ: سيطرة مشاعر القلق والخوف والهلع، وفي أحسن الأحوال الشعور بالإحباط والخيبة والخسارة والفقدان التي سببتها الحرب وما رافقها من قيود وضغوطات، وهاجس الاغتصاب والشعور بالغبن مقارنة بإخوانهنّ الذكور. غير أن هناك أقلية من الطفلات والمراهقات تمكنَّ من الانتفاض على واقعهن، وجعلن الضعف قوة.
أما العبرة التي يمكن استخلاصها من هذين المحورين بحسب أ.د. سحر حجازي، فهي أن الطفلات والمراهقات كُنَّ الفئة الأكثر هشاشة وتعرضاً للمخاطر أثناء الحروب والنزاعات كالاغتصاب والقتل، وفي أحسن الظروف كُنَّ يتلقين المعاملة التمييزية بين الجنسين داخل العائلة الواحدة والحرمان من التعليم خوفًا عليهن، ولاعتقاد الأهل أنّ الفتاة ضعيفة. من هنا، تتجلّى خطورة التمثلات الاجتماعية والصور الذهنية التي تُزرَع في نفوس الطفلات والمراهقات أثناء عملية التنشئة الاجتماعية. فالفتاة التي تنشأ في بيئةٍ توحي لها بالضعف، ليس من المُستغرب أن تعاني، عندما تكبر، من قلة الثقة بالنفس، وانعدام الاستقلالية والعجز عن مواجهة الصعوبات والاتكال على إخوانها الذكور؛ لأن الرسائل التي وصلتها هي: “أنا ضعيفة”. من هنا، نتساءل: إلى متى ستبقى بعض العائلات غافلة عن أثر كلمات الأهل وأسلوب تواصلهم مع الفتيات في ترسيخ معتقداتهن حيال أنفسهن؟ وكيف نأمل بمستقبلٍ زاهرٍ لهن ولمجتمعاتنا إذا لم نعوّدهُنّ، منذ الطفولة، التغلُّب على التحديات في زمن الحرب؟

جلسة التعقيب على الكتاب كانت بمشاركة ثلّة من الباحثات والباحثين، وهم الدكتورة لونا بو سويرح المديرة العامة لمركز دراسات الوحدة العربية، التي أتت مداخلتها كشهادة حية على ما طرح في الكتاب كونها كبرت في مرحلة الانتفاضة الأولى وعايشت الاحتلال، وأكدت أن ما يحصل اليوم في قطاع غزة هو تدمير ممنهج ليس فقط للإنسان بل لتاريخه ومستقبله وأن الهدف ليس تدمير البشر وتكسير الحجر بل هو تطهير عرقي للشعب الفلسطيني بشكل مكثف لكنه بدأ قبل مئة عام. كما أنّ النساء الفلسطينيات وطفلاتهن، لهن دور فاعل في هذا النضال وفي مناهضة هذا الاحتلال؛ من جهة أخرى، فالنساء في فلسطين يمثلن اليوم ثلث الشهداء في هذه المذبحة اليوم، مشيرة إلى أن هذا الكيان المستعمر والمحتل وبعد مئة سنة تبيّنت حقيقة كونه فوق القانون ودائم الهروب من العقاب، الأمر الّذي يعكس تماديه في القتل والإبادة. كما شرحت الدّكتورة آثار ذلك على طفلات فلسطين اللواتي كن يسجلن أعلى المعدلات في إتمام الشهادة الرسمية مع أن التعليم بين الذكور والإناث متساوي ولا أمية في قطاع غزة، أما اليوم، فلا توجد مدارس في هذا القطاع، والست جامعات الموجودة به تدمّرت كليا وليس جزئيا وأرشيف هذه الجامعات ووثائقها كلها دمرت، وأن هؤلاء الطفلات يتوجّعن صحيح، لكنهنّ لم يعتدن أن ينكسرن وأن المحتل يستطيع احتلال وسلب كل شيء إلا العقل، وأن هذه الأجيال التي عايشت ٦ حروب ولا زالت متشبثة بفكرة الحياة، التي يحاول الإسرائيلي سلبها بكل ما أوتي من قوة، لأنها تؤمن بأن الانتصار قادم. وقد أكدت أبو سويرح أنّ هذه الحرب ستخرج جيلا أقوى من أي جيل عربي شهدناه في السابق، لأنّ الجميع مؤمن بأنّه صاحب الحقّ في المقاومة وهذا مستعمر، وأنهم حتى لو خسروا بيوتهم ومدارسهم وحياتهم التي يحبونها كأطفال وشباب وغيرها سيكسبون فلسطين وستخرج جيلا أكثر وعيا من الأجيال التي سبقته.
كلمة الكاتب والصّحافي نصري الصّائغ
أما الكاتب والصحافي الأستاذ نصري الصايغ الذي تحدث بدوره عمّا يعانيه الأطفال والنساء في الحروب، فقد استهل مداخلته بسؤال جوهري مفاده: هل يوجد حقّا قانون دولي ؟ وأين الجميع من كلّ ما يحصل؟
فكتاب طفلات عربيات جلجلة عذاب، وبمثابة زوادة لكي يتحرك الإحساس، لا بد له أن يحرك الصمت الذي يعني الموت. كما أكّد الصّايغ على أنّ المجتمعات الذكورية جحيم، وأنّ هذه المرأة التي بخستها الأديان ونفتها العقائد، وأنّ التجربة على مدار التاريخ امتحان فاز به الذكر باستثناء التجارب التي كانت قبل الديانات السماوية الثلاث. لذا ليست الحروب وحدها والمآسي على المرأة فقط، فعندما تندلع الحروب، وهي متّصلة، يصار إلى واحد من الاثنين، إما مشاركة المرأة أو أن تقوم بدورها، وان نجت تعود إلى خبائها بكل الدونية المعروفة. لهذا اعتبر الصايغ أن الرجل لم يتعلّم بعد أنّه على الأقل يكون مساويا لهذه المرأة، وأن تكون الإمرة لهما، ليست إمرة الرجل على المرأة ولا إمرة المرأة على الرجل، مشدّدا على أنّ المشكلة الكبيرة تكمن في النظام الرأسمالي الذي أصبح بديلا للأخلاق وعن كل شيء، وأنّ الرأسمالية هي الخطيئة الأصلية وليست الخطيئة ما ترسّب في ثقافة العوام عمّا يُقال إنّ حواء ارتكبته حيال آدم.
ختاما، أكّد الصّايغ على ضرورة حث المرأة على البوح بما تشعر وتريد لأنها ممنوعة من الشكوى حتى قانون؛ فالمرأة لكي تعيش بشكل لا بأس به في مجتمعاتنا عليها أن تكذب، أن تطيع وأن تقبل التسوية. وقد أنهى مداخلته بخلاصتين:
الأولى: “التوحش الذكوري” ما زال مهيمنا على المرأة، وإنه لمن المؤلم أن تقبل المرأة بأن تكون ضحية وأن تركُن لتقبّل لاعتداء من أقرب الناس إليها، إلى جانب تساؤله: متى تصبح السيرة معكوسة بحيث يدان الرجل وتبرّأ المرأة ؟
أما الثانية: فقد اعتبر أنّ هناك كذبة تسمى المحاسبة وهي انتقائية وانتقائية جدا، وأنهم يحاولون إقناع الشعوب بسن قوانين جديدة ولكنها لا تحمي الضعفاء.

كلمة الأستاذ عدنان ملكي

الأستاذ عدنان ملكي مهندس ومنسق وطني لبرنامج المنح الصغيرة مع برنامج الأمم المتحدة، أشار بكلمته لنقطتين، الأولى: أنه بكل البلدان العربية الّتي تطرقت لها الدراسات الموجودة، هناك عاملان يلعبان دورا في التأثير على المرأة أو الطفلة خلال النزاعات، العامل الأول هو العامل الداخلي ويقصد فيه العائلة والمجتمع والمرأة نفسها أيضا، والعامل الثاني هو جهات خارجية مثل المستعمر أو المحتل. اما العامل الداخلي فله تأثير كبير على ما تتعرض له الطفلات في النزاعات؛ أي بالمثل الذي طرح في الكتاب عن الطفلات في ليبيا والتي كن لديهن تحصيل علمي جيد قبل الثورة، بقي هذا التحصيل العلمي جيدا وأحسن من تحصيل الرجل بعد وأثناء الثورة، بينما في غزة ومع تعرضها للعديد من الحروب ونتيجة لوجود تمييز كبير على المرأة بالمجتمع، تأثرت تلك النساء أو الطفلات بطريقة كبيرة جدا، كونهن ممنوعات أيضا من البوح والتعبير وحتى الخروج. لذا اعتبر ملكي أن تأثير العامل الداخلي، هو العامل السلبي الأول الذي يترك تأثيراته على المرأة.
أما النقطة الثانية التي تحدث عنها الأستاذ عدنان ملكي هي وجوب عدم رمي المسؤولية على الغير، بل البدء بالمحاسبة من أنفسنا، مشيرا إلى الإعلام الموجه الذي يحاول إخفاء الحقائق أحيانا وضرب المبادئ المهمة، مؤكّدا على أن شرعة حقوق الإنسان التي تتسم بالضعف الآن وعدم قدرتها على الإيفاء بغرضها وضعت بزمن غير هذا الزمن، وأنه يجب أن نشدّد على تطبيق القوانين وليس مجرد المطالبة بتغييرها أو نصها، خصوصا في ظل الانتهاكات التي تقوم بها هذه المؤسسات وغزة نموذجا.
وأخيرا، أشاد ملكي بالتوصيات التي خرج بها هذا الكتاب وبتوصيف حالات معينة فيه، مؤكّدا على أهمية ذلك في ظل العديد من الدراسات التي أجريت من قبل منظمات دولية عن الناجيات أو عن النساء ودورهن في الحرب، والّتي لم تنشر لأنها إذا نشرت ستبين حقيقة ما يتم إخفاؤه، كما وجّه نداءً لكل الباحثات من لبنان والعالم العربي أن يمسكن بزمام الأمور. كما شدد على ضرورة وجود قاعدة بيانات تظهر بالأرقام الفروقات بين الذكور والإناث في مختلف المجالات لتوضيح هذه الهوة والسّعي الى تحقيق العدالة الاجتماعية بين الجنسين.
اختتمت الندوة بنقاش تفاعليّ بين الحضور من المختصّات والمختصّين، المشاركين/ات حضوريًا وعبر منصّة زووم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى