أخبار لبنان

ارتفاع جرائم الاغتصاب.. الفقر وممارسة السطوة المتهمان الأساسيان

لم يعد الاغتصاب أو التحرّش الجنسي من التابوهات التي يتكتم عليها الضحية أو ذووه، فالمثل القائل “الخطيّة المستورة تلتينها مغفورة” لم يعد له مكان في عصرنا الحالي.

مع صبيحة كل يوم تقريباً، تضج وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بخبر اغتصاب أو تحرّش أبطاله في غالبية الأحيان مراهق وطفل، أو راشد ومراهق.
هل فعلاً ارتفع معدل هذا النوع من الجرائم أم بات الحديث عنها أكثر جرأة وتحصيلاً لحقوق الضحايا وحماية لضحايا مفترضين آخرين؟ الإجابة المنطقية هي لكل هذه الأسباب مجتمعة.

من عصابة التيكتوكرز وأبطالها المعروفين بـ “المؤثرين” مع التحفّظ على التسمية، إلى مراهقين يغتصبون أطفالاً في قرى وأزقة مختلفة على امتداد لبنان، بات الأهل قلقين على صغارهم ويخشون خروجهم إلى الحديقة العامة أو الشارع الذي يسكنون فيه للعب مع أترابهم، لأنهم لا يعلمون متى وكيف ينقض ذئب بشري منفرد أو قطيع من الذئاب عليهم، معتمداً أو معتمدين سبل الإغراء بالشوكولا أو المثلجات لاستدراجهم إلى أماكن مظلمة وارتكاب جريمتهم، وبعدها يبدأ الابتزاز والتهديد عبر صور وفيديوهات توثق الفعل الشنيع.

لمَ كثُرت هذه الارتكابات؟ سؤال تجيب عنه خبيرة في علم النفس عبر ليبانون فايلز، فتقول: “بيئة الفقر المدقع والتهميش الاجتماعي وعدم توفّر أساسيات الحياة على بساطتها من تعليم ومأكل ومشرب وملبس وطبابة، والعيش في محيط تكثر فيه الجريمة، كل هذه العوامل تشكّل أرضاً خصبة للجريمة على أنواعها، وفي سنّ المراهقة تبدأ الرغبات الجنسية لدى الفتيان مقرونة بالشعور بقوتهم الجسدية وبقدرتهم على ممارسة هذه القوة على أطفال يجهلون أن فعل الاغتصاب أو التحرّش خطأ جسيم أو جريمة بحقهم، ويفتقرون للقدرة على الدفاع عن أنفسهم، فيكونون فريسة سهلة للمراهق، الذي لا يقدم على فعلته مع من هم بمثل سنّه، لذا تكثر عمليات الاغتصاب ممن هو في الرابعة عشرة مثلاً أو أكثر قليلاً بحق طفل في السابعة أو الثامنة من عمره”.

“ليس هذا فحسب، تضيف الخبيرة في علم النفس والباحثة في شؤون الأطفال والأسرة، “فالمغتصِب شخص قادر على ارتكاب جرائم السرقة وتعاطي المخدرات والقتل في المستقبل، إن لم يتم التعاطي مع حالته وجريمة الاغتصاب التي ارتكبها بشكل فوري، لمساعدته عبر العلاج النفسي المطلوب”.

لا “بروفايل” محدداً للمغتصِب في علم النفس الذي “يميّز بين ما يقوم به الأطفال في سن السادسة أو السابعة عبر ملامسة الأماكن الحساسة، والذي لا يمكن اعتباره اغتصاباً، إذ يمكن وضعه في خانة تعرّض هؤلاء الأطفال للتحرّش فقاموا بتقليده، وفي هذه الحالة نكون أمام ضحيتين، أو في خانة اكتشاف أجسادهم، وبين ما يقوم به المراهق المدرك لفعل الاغتصاب والقادر على القيام به بحق من هم أصغر منه سنّاً لأنهم هدف سهل يعجز عن الدفاع عن نفسه كما سبق أن شرحنا”.

أما مع عصابات الاغتصاب عبر “التيك توك” أو غيره من مواقع التواصل الاجتماعي، فنكون أمام ما يسمى grooming أي الصدمة المتكررة من خلال تعرّض المراهق للاغتصاب المتكرر من راشد وهو ما نراه في حالات البيدوفيليا”.

وتوضح الخبيرة أن المغتصب الراشد لا يبحث من خلال فعلته عن المتعة الجنسية، بل عن إثبات قوته أمام من هم أضعف منه، لذا يلجأ إلى مصادقة مراهق عبر إغراقه بعبارات كمثل “أنت واعٍ ومدرك كراشد، وتتمتع بذكاء حاد، أنا أستطيع التحدث معك لساعات وكأنني أتحدث إلى شخص في مثل سني”، فيشعر المراهق بالراحة والاطمئنان للراشد الذي يصادقه فتقع واقعة الاستغلال والتحرش والاغتصاب من خلال الثقة التي بناها الراشد مع ضحيته، وغالباً ما نجد ذلك ضمن العائلة الواحدة عندما يكون الجد أو الخال أو العم هو المرتكِب”.

وتختم الخبيرة كلامها محذرة من أن “ارتفاع منسوب الفقر في لبنان سيرفع من نسبة هذا النوع من الجرائم”.

Lebanon files

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى